الفطر الأبيض في لبنان: مشروع يحلّ أزمات البطالة وهجرة الريف – زراعته وارباحه
حسن عبد الوهاب | مهندس وخبير
الاستثمار في الفطر الأبيض مشروع مُنتج يقضي على البطالة ويحدّ من هجرة الأرياف إلى المدن ويرفع المستوى الاقتصادي للبلد، ويفتح الآفاق لغد أفضل.
اختيار مشروع إنتاج الفطر الأبيض المرغوب والمطلوب في كل مطبخ، في لبنان والمحيط العربي والعالم أجمع، واختيا ره كمشروع، هو من أبرز الخيارات الاستثمارية الناجحة والسُبُل المضمونة لإنشاء تجارة مُنتجة ومُربِحة لا تبور.
تربة زراعة الفطر:”الكومبوست”
من الممكن والمُتاح تحقيق اكتفاء مادي مستدام من خلال الاستثمار في الفطر الأبيض، زراعةً وتجارةً، باعتبا ر اتساع أسواقه من جهة وإمكانية إنتاجه من الجهة الأخرى، وتحديداً بعد تحضير البُنية التحتية للإنتاج، والتي تسبقها ورشة تعليم من قبل مهندس متخصص يشرح كيفية العمل لتحقيق الهدف(ويُشرف على العملية برمّتها)، بما يضمن مدخولاً سنوياً جيداً للعائلة.
إلى ذلك فالمشروع يحقق العديد من الخدمات العمومية الأخرى التي لا تقلّ أهمية. فهو يرفع المستوى المعيشي لسكان القرى حيث هم في قراهم، ويوقف الهجرة من الأرياف إلى المدن وضواحيها، ويدعم الاقتصاد الوطني من خلال تنمية الواردات، فضلاً عن تنشيط مهارات مهنية متعددة للقطاعات التابعة لإنتاج الفطر، وتحقيق استقرار اجتماعي واقتصادي وأمني عام خارج المدن، مع خفض معدل البطالة وتحقيق نمو اقتصادي على المدى المتوسط والبعيد ، فضلاً عن تحقيق أرباح مضمونة للعاملين كما للمستثمرين فيه.
الأساس الضرووري لإنتاج الفطر الأبيض هو التربة الخاصة أو ما يسمى”الكومبوست”.
على الرغم من إمكانية استيراد الكومبوست من الخارج (يتراوح سعر الطنّ الواحد منه ما بين 320- 350 دولار)، إنما من المفضل تحضير الكومبوست في مزرعة الفطر ذاتها، لأن ذلك يكون أقل كلفة بكثير من جهة، كما أنه يوفر المادة بسعر جيد، كما يمكن بيعها في السوق المحلية أو تصديرها إلى الخارج.
هذه التربة الخاصة (الكومبوست) أو البنية التحتية أو المادة الأولية لزراعة الفطر، ما يعني الوسط الزراعي المطلوب، يجري تحضيرة بطريقة خاصة من مكوّنات يمكن توفيرها بسهولة وهي: التبن، روث الدجاج (مع روث الخيل إذا توفر)، الكلس، كمية محدودة من حبوب القمح، بالإضافة إلى بُنية آلية يجري تركيبها داخل خيمة زراعية خاصة مكتملة الإحكام. وكلّما ارتفع عدد خِيَم الإنتاج، يتضاعف المحصول,
يبقى تحضير بذار الفطر أو غبار الفطر: يتطلب أخذ عدد من حبّات الفطر الطازجة وقصّ سيقانها حتى أسفل المظلة ثم وضعها على ورق أبيض نظيف منذ المساء حتى الصباح، بحيث تكون المظلة إلى الأسفل. وفي صباح اليوم التاي تكون قد تساقطت من خياشيم المظلات الموضوعة على الورق الأبيض، بودرة سوداء ناعمة،على شكل مسحوق.. يجري جمع هذا المسحوق بعناية، فهو ما سو “ف يجري إعداده ليكون بزور الفطر”. تُخلط كمية منه بعد تحضيره، مع عدة كيلوغرامات من حبات القمح (بحسب كمية الكومبوست التي ينبغي تحضيرها)، ثم يتابع العامل إرشادات المهندس المشرف، فتتشكل التربة المطلوبة لإنتاج الفطر الأبيض، ولا يبقى سوى تخميرها. وهذه العملية تتطلب أسبوعين تقريباً، تليها عملية بسترة الخليط، وتتم خلال أسبوع واحد، ودائماً تحت إشراف المهندس المتخصص في المرات الأولى. هكذا يصبح لدينا كومبوست جاهز للزراعة في الخِيَم الخاصة المعزولة.
إن كلفة إنتاج الطن الواحد من الكومبوست يعتمد كليا على السعر المحلي للتبن. ولا يقل سعر المبيع عن 320 دولاراً للطن الواحد على باب المصنع ، بربح إجمالي لا يقل عن مائة دولار في الطن لدى بيعه. يعتبر معمل انتاج ” الكومبوست ” الأساس في المشروع كله، والكومبوست المنتج يُستخدم لإنتاج الفطر، كما من الممكن بيعه بالسعر المُشار إليه، في حين تكون الكلفة الإجمالية لإنتاجه أقل من السعر الشائع لبيعه بحوالى مائة دولار أميركي. هذا مع العلم أن لا منافس لمشروع إنتاج الكومبوست في لبنان.
يكون إنتاج الفطر الأبيض في خيمة خاصة مجهزة، يمكن اختيارها بمساحة حوالي 80 م.م. مع تجهيزاتها. يتم تزويدها برفوف معدنية في الداخل بخمس طبقات أو أكثر أو أقل، تفصل بين الرفّ والآخر مسافة حوالى 30 سم. فوق بعضها البعض، على أن تكون أرضية كل رفّ من الشبك. كذلك يجري تجهيز المستوعب بأدوات خاصة للتحكم في الظروف المناخية داخله، من حرارة ورطوبة وغيرها لتكون جاهزة لانتاج الفطر.
يجري إنتاج الفطر على دورات، مدّة الدورة الواحدة ما بين 6 و7 أسابيع. والربح المتحصّل مبدئياً من كل دورة يتراوح بين 400 و 500 دولار أميركي، وربما أكثر، اعتماداً على فطنة ومتابعة العامل ومقدار معرفته واهتمامه. أما الطاقة الانتاجية لكل غرفة انتاج فتتراواح بين 10 و 18 طناً سنوياً من الفطر الأبيض.
كيف؟
بعد خلط مكوّنات الكومبوست وحبّات القمح المعززة بغبار الفطر، وبعد تخمير التربة وبسترتها، يجري مدّ الكومبوست والبذور على الرفوف داخل المستوعب، وتترك في ظروف مناخية محددة لعدة أيام حتى يبدأ الانتاج . الدورة الانتاجية الواحدة تمتد على حوالى خمسة أسابيع، يجري بعدها حصاد الفطر من الخيمة. وبينما يجري تحضير الخيمة لزرع جديد، يكون موسم الخيمة الأخرى قد أقبل، فيجري قطافه هو الآخر، لبيعه، ثم يأتي دور الخيمة التالية… وهكذا.
أما نفايات الكومبوست المستنفذ بعد الانتهاء من انتاج الفطر، فيمكن تحويلها الى اسمدة ومخصبات عضوية للزراعة.
لا شك أن تأسيس المشروع سيتطلّب الجهد والمال. لكن ما أن تسير الأمور بانتظام، حتى يتواصل بسلاسة، من دون لا جهد كبير ولا الكثير من النفقة المالية.
ودائماً يكون بالإمكان زيادة عدد خيم الزرع، وتوسيع خيمة إنتاج الكومبوست، وبيع الإنتاج وكذلك الكومبوست، وبالتالي تشغيل المزيد من الأيدي العاملة ورفع الأرباح الاستثمارية بحيث يُستعا راس المال المبذول بسهولة وخلال زمن معقول، مع تحقيق الأرباح التشغيلية، وتمكين الأيدي المتعطلة من العمل والاعتياش وقطع دابر البطالة وهجرة الأرياف إل المدن.
- حسن عبد الوهاب، مهندس وخبير.
للتواصل: [email protected]