الفاتيكان لبكركي: الحزب لبناني، حاوروه!
في لقائه مع البابا فرنسيس، سمع عون تأكيداً على «الحفاظ على الحضور المسيحي في الشرق، وعلى العيش معاً في لبنان». وفي لقائه مع أمين سر الكرسي الرسولي (بمثابة رئيس حكومة الفاتيكان) الكاردينال بيترو بارولين، في حضور أمين سر العلاقات بين الدول (وزير الخارجية) بول ريتشارد غالاغر الذي زار لبنان مطلع شباط الماضي، شدّد عون على «أهمية الدور المسيحي الجامع في المحيط العربي والعالم».
وبحسب معلومات «الأخبار»، فقد جرى بحث معمّق بين رئيس الجمهورية ومسؤولي الفاتيكان في موضوع المسيحيين في الشرق وكيفية تجذرهم فيه، خصوصاً بعد موجة التهجير التي تعرضوا لها في العقدين الماضيين، «وكان الاتفاق بين الطرفين تاماً على أن حماية المسيحيين لا تكون بعزل أنفسهم عن بيئاتهم ومحيطهم، ولا باستجرار التدخلات الخارجية، وإنما بالحوار والتواصل مع هذا المحيط». وهو ما أكّده البابا بقوله إن «لبنان، بجميع أبنائه، المسيحيين والمسلمين، لا يجب أن يتخلى عن قيم الأصالة القائمة على الاحترام». وما ينطبق على لبنان ينسحب بطبيعة الحال على كل مسيحيي الشرق.
وفي سياق دعوة الحوار هذه، أكّدت مصادر «الأخبار» أن موقف الفاتيكان «متقدّم جداً» بضرورة أن يكون هناك حوار عميق مع حزب الله. ورغم الإقرار بأن هناك خلافاً في ما يتعلّق بمسألة السلاح، من منطلق أنه لا ينبغي في أي دولة أن يكون هناك سلاح خارج سلطة هذه الدولة، إلا أن الفاتيكان، خلافاً لمن يصفون الحزب بأنه يمثل ذراعاً إيرانية، «يعتبر أن هذا السلاح هو في أيدي مجموعة لبنانية تشكّل جزءاً من النسيج اللبناني. ولذلك، يجب أن يكون الحوار في هذا الشأن حواراً داخلياً وليس مع قوى خارجية». المصادر نفسها أشارت إلى أن الفاتيكان أبلغ عبر الطرق المعتمدة البطريرك الماروني بشارة الراعي بضرورة «ركلجة» الخطاب في ما يتعلق بالعلاقة مع حزب الله على قاعدة «إعادة التواصل»، وأن «القطيعة أمر غير محبّذ حتى لو كان هناك اختلاف في وجهات النظر».
وفي السياق نفسه، أشار المسؤولون إلى أن الفاتيكان لا يحبّذ كل محاولات الضغط الدولي للخربطة الإقليمية، وهو مع تثبيت الحوار مع إيران كدولة، ومع أخذ مصالح هذه الدول في الاعتبار وطمأنتها ومراعاة وضعيتها واستقرارها.
ملف النازحين السوريين كان أيضاً حاضراً بقوة في لقاءات رئيس الجمهورية الذي شدّد أمام البابا وبارولين على أن «لبنان لا يمكنه تحمل عبء النازحين السوريين وعدم عودتهم إلى بلادهم، لا سيما أن مناطق عدة فيها أصبحت آمنة، وسط سكوت العالم ولامبالاته»، مشيراً إلى «الانعكاسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي تترتب على استمرار وجودهم في لبنان والخشية من أن يؤدي بقاؤهم إلى تغيير التوازن الديموغرافي للتركيبة اللبنانية». وبحسب المعلومات، سمع عون من المسؤولين في الكرسي الرسولي «مخاوف فاتيكانية من أن هناك ما يشبه القرار الأميركي بعدم تسريع عودة النازحين، لعدم الإيحاء، من جهة، بأن سوريا باتت آمنة بما يسمح بعودة مواطنيها. أما الأخطر فهو أن بعض مسؤولي الفاتيكان أعربوا عن اعتقادهم بأن الأميركيين يرون في بقاء النازحين في لبنان كتلة بشرية توازي الكتلة الشيعية الصاعدة بما يحقّق توازناً في الصراع السني – الشيعي في المنطقة»!
كذلك، عرض عون للأزمة الاقتصادية «نتيجة الإدارات المالية الخاطئة لعقود، وتداعيات النزوح السوري، وشهدنا أخيراً موجة هجرة كثيفة إلى الخارج، طاولت النخب، ما يشكل خطراً على الهوية والتعددية في لبنان ويساهم في إضعاف الوجود المسيحي في الشرق». وبحسب المعلومات، أكد عون أن «المطلوب مساعدتنا لأن الضغط الحالي لن يحقّق الأهداف التي تسعى إليها الإدارة الأميركية، وليس حزب الله من يتأثر بهذا الضغط»، مقترحاً على الفاتيكان، بما له من نفوذ معنوي، العمل على إنشاء صندوق وطني للبنان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، لدعم العائلات الفقيرة في مجالات الصحة والغذاء والتعليم بعيداً من صندوق النقد الدولي، وهو سمع ترحيباً بالاقتراح ووعداً بدرسه «باهتمام وإيجابية»، ووضع الآليات التنفيذية له.