نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا قدّمت فيه نتائج دراسة علمية عن الأثر النفسي لاختراق الطيران الإسرائيلي أجواء لبنان على السكان. ووجدت الدراسة التي نُشرت اليوم الخميس، أن الطيران الإسرائيلي احتل الأجواء اللبنانية مدة ثمانية أعوام ونصف، من 15 عاما محل الدراسة.ووثقت منظمة “إير. برشر. إنفو” حوالي 22 ألف تحليق في الأجواء اللبنانية. مما يعني أن هدير المقاتلات الإسرائيلية وطنين طائرات الاستطلاع بدون طيار ظل أمر عاديا في حياة اللبنانيين، حيث ظلت هذه الطائرات تهدر فوق مدنهم وقراهم كما تشاء . وتظهر الدراسة أن صوت الطائرات الحاضر والتهديد المستمر بالعنف، أصبح جزءا من الحالة النفسية الجمعية للسكان. وكان توغل الطائرات الإسرائيلية قصيرا، فيما استمر بعضها مدة أربع ساعات وخمسا وثلاثين دقيقة. واستخدمت إسرائيل في عملية التحليق الطائرات العسكرية المتقدمة وطائرات استطلاع حديثة لا يمكن للدفاعات الجوية اللبنانية الأرضية مواجهتها.
وتُظهر خرائط المسارات التي استخدمتها الطائرات، شبكةً من الحلقات المتداخلة التي غطت معظم لبنان. وركزت الطلعات الجوية على الجنوب، حيث حلقت في مسارات معروفة، ولكن العاصمة بيروت كانت مقصدا دائما وكذا المناطق الواقعة شمالها وتلك القريبة من الحدود السورية.
وقال لورنس أبو حمدان، الذي قام بإعداد الدراسة الأشمل في مجالها، إن الدراسات كشفت عن الأثر النفسي الذي تركته عمليات التحليق على السكان. وجمع موقع “إير.برشر.إنفو” 11 ورقة علمية روجعت من قبل الباحثين في المجال وفصّلت الأثر النفسي الحاد الذي يتركه صوت الطائرات، والأعراض الناتجة عن ذلك، وتتراوح ما بين ارتفاع الضغط الدم وضعف الدورة الدموية إلى الآلام الجسدية.
وربما كان الأثر النفسي للطائرات الأجنبية التي تسيطر على أجواء السكان المدنيين، الأقل فهماً، فهي غالبا ما تحلق على ارتفاعات منخفضة وتسبب القلق والفزع. ويعلق أبو حمدان: “في لبنان، كل فعل من هذه الأفعال يتم الشعور به من خلال لحظة عابرة وربما لم يسمع مواطنان اثنان صوت المقاتلات بنفس الطريقة أو في نفس الوقت”. وأضاف: “ما أهدف لتقديمه هو حدث متراكم، جريمة واحدة ممتدة جرت على مدى 15 عاما. في الحقيقة، يجب النظر إليه على أنه جو من العنف الذي يترك أثرا مع مرور الوقت وهناك إمكانية لتجاهله، ولكن يجب عدم تجاهله أبدا. فلماذا يجب على سكان العيش تحت رقابة عامة لا تميز، وتحت سماء معادية، إلى حد أنها دخلت في كل حياتهم اليومية”.
واستندت الدراسة في أرقامها على الرسائل التي قدمها لبنان إلى مجلس الأمن الدولي، وتستقي عادة معلوماتها من قوة حفظ السلام المؤقتة التابعة للأمم المتحدة في لبنان، والجيش اللبناني. وتمت الاستعانة بباحثين لمسح الأجواء وتوثيق صور الطائرات الإسرائيلية، ويقول أبو حمدان: “لقطات الفيديو تمسك بالأصوات المرعبة ومشهد الطائرات العسكرية الإسرائيلية وكذا النقاشات بين المواطنين والسكان الذي يتحدثون حول ما يجري فوق رؤوسهم”.
وطالما أكدت إسرائيل أن توغلاتها في الأجواء اللبنانية ضرورية لجمع المعلومات عن حزب الله. كما استخدمت إسرائيل المجال الجوي اللبناني لشن غارات ضد أهداف مرتبطة بإيران في سوريا. ولدى إسرائيل قوة طيران عالمية وبقدرات رقابة عالية، بشكل أثار مخاوف من اختراق الاتصالات المدنية للتنصت على اللبنانيين.