العقل الكياني بين مطرقة التحديات الاميريكية وسندان الحزب.
حسن عماشا | كاتب وباحث لبناني
عقد قبل بضعة أعوام مؤتمر في الإمارات تحت عنوان: “تفكيك شيفرة حزب الله”. وما قدمه المؤتمرون من اللبنانيين خاصة والعرب عموما ان الركيزة التي جعلت الحزب يستحوذ على القاعدة الشعبية الأوسع في لبنان هي ما وفرته إيران له من دعم مادي وسياسي ودبلوماسي.
في حين ذهب المؤتمرون الاوروبيون إلى أبعد من ذلك واقتربوا أكثر من الحقيقة اذ قالوا ان سر قوة الحزب تكمن في كونه يمثل مصداقية في تأمين مصالح وحماية بيئته. بوجه التحديات التي تواجهها.
وبناء عليه كانت التوصيات ومنها شيطنة الحزب وتحميله مسؤولية تردي الأوضاع التي تنتج عن سلسلة من الإجراءات الهادفة إلى التضييق على اللبنانيين في الخارج وفي الداخل بدءا من وضع الحزب على لوائح الإرهاب وبالتالي تجريم كل من يتعامل معه او ينتمي إلى بيئته. وتترافق مع حملات إعلامية لتشويه صورته. والعمل بقوة لفك ارتباطه بقوى سياسية تتحالف معه بدءا من التيار الوطني الحر مرورا بسليمان فرنجية وطلال ارسلان وصولا إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة امل.
وفي نفس الوقت الايعاز لإسرائيل بالقيام بسلسلة من العمليات الجوية من دون أن تؤدي إلى حرب او تستدعي رد من قبل الحزب لتستثمر في الدعاية ضده باعتباره عاجزا عن مواجهة هذا التهديد.
-استنفذت هذه التوصيات ما انبثق عنها من برامج نجح بعضها وفشل الأساسي منها إلى أن صرفت الولايات المتحدة النظر عن العمل بمقتضياتها مراهنة على أمرين الأول هو التفاهم مع إيران لرسم حدود للصراع في ملفات المنطقة من فلسطين إلى اليمن مرورا بلبنان وسويا والعراق.
والخط الثاني رشوة لبنان اللاهث إلى المباشرة في تلزيم استخراج النفط والغاز بعد منع توتال من المباشرة من خلال طرح وساطة اميريكية لترسيم الحدود الاقتصادية بين لبنان و”اسرائيل”.
على الخط الأول لم ترتض إيران ان تبحث مع الأمريكيين باي من ملفات المنطقة.
وعلى الخط الثاني نجحت الولايات المتحدة في خداع اللبنانيين وذلك بسبب تمسك الرئيس عون بكل سنتمتر من حقوق لبنان.
ورغم تغير الإدارة الاميريكية من عهد ترامب الجمهوري إلى عهد بايدن الديمقراطي تستمر السياسة نفسها ما فارق بسيط وهو ان ترامب كان وقحا ويسمي المسميات بأسمائها فإن بأيد على غرار أسلافه من الديمقراطيين يغلفون أهدافهم الدنيئه بشعارات مرموقة.
فكان الخيار هو دفع لبنان إلى الفوضى المدمرة والأدوات داخلية مع تهديد بالعقوبات لكل مسؤول يغطي او يسمح من موقعه اي محاولة لإيجاد بدائل تلبي الحاجات الأساسية اللبنانيين. لان الولايات المتحدة وحتى الكيان الصهيوني يعجزون عن منع وصول أية موارد إلى لبنان بشكل مباشر خشية أن تقوم أيران والحزب بالرد.
وفي هذا السياق كان السيد واضحا في خطاباته الأخيرة ان الدولة حين تعجز عن تأمين المواد الأساسية فإنه سيأتي بها.
وان من اليوم وصاعدا كل اعتداء إسرائيلي على لبنان سيلقى الرد المناسب والمتناسب.
اما عناصر الفوضى المحليين لن يبقى التعامل معهم باعتبارهم معبرين عن وجع الناس وسوف يتم مقابلة أفعالهم بما هي في واقعها وهذه مهمة الجيش والقوى الأمنية وان تخلفوا عنها سوف يتم التعامل معها بشكل مباشر في المسائل التي تستهدف تعطيل الحلول البديلة للازمات.
ان القوى السياسية التي تفترض بأن ما يجري من أحداث هي تستهدف الحزب وانهم غير معنيين في دفع الثمن عنه فإنهم وبما يطالهم من إجراءات الحصار لم تحفزهم إلى أن يسعوا جادين للمساهمة في الحلول البديلة فإن الحزب لا يحتاج حماية منهم ولا غطاء له بهم والاقربون قبل الابعدون وخصوصا الذين وصفهم السيد مؤخرا بالاعداء وهو التوصيف الحقيقي لهم وكان سابقا يسميهم تلطيفا بالخصوم.
ان هذه القوى الكيانية التي كانت تقف على التل تنتظر ميول الكفة اسقطتها المطرقة الاميريكية على سندان الحزب .