اخبار لبنانتقارير

العروضات الصينية للبنان.. مشاريع مهمّة تُدفن في “زواريب” السياسة .

كهرباء 24/24 ... وسكّة حديد وتنفيذ الطريق العربي 

فاطمة سلامة | موقع العهد الإخباري .

عندما تُفتح قضية الاقتصاد الريعي الذي يُزنّر مختلف قطاعات الدولة، يُشار الى ضرورة التحول نحو الاقتصاد المنتج. لا يُمكن لأي بلد أن ينهض على أنقاض الاستدانة والريع والخنوع للخارج. هذا النموذج يُشكّل علّة العلل التي يتخبّط فيها لبنان الذي وضع نفسه رهينة للغرب مقدّماً له وكالة حصرية للتفرد بالساحة. طبعاً، لا حرج في التعاون مع الغرب شرط أن يكون على مبدأ “المنفعة المشتركة” و”رابح-رابح”، لا كما يحصل اليوم على مبدأ دائن ومدين. وفي مقابل هذا النهج، ثمة نهج لو عمل لبنان على السير فيه لتحوّل اقتصاده من ريعي الى منتج. ثمّة عروضات حقيقية وجدية وصلت للبنان مما يُسمى الشرق من دول عدة. تلك العروضات كفيلة بأن تُنقذ لبنان من الكثير من الأزمات التي يتخبّط بها، إلا أنّه وللأسف سُرعان ما تسقط تلك العروضات أرضاً جراء النكد والمناكفات السياسية. لتنتهي العروض الصينية بمقولة يرددها المسؤولون اللبنانيون “سيحتاج العرض مزيداً من الدرس”، ليُطوى عقبها الملف. 

شلهوب: الصين طرحت على لبنان إنجاز كافة المشاريع الإنمائية التي يحتاجها

الصين كانت واحدة من الدول التي قدّمت عروضات مغرية للبنان، لكن سرعان ما سقطت تلك العروضات أرضاً بفعل الذهنية التي تحكم التعاطي بهذا الملف. وكيل الشركات الصينية في لبنان سركيس شلهوب يتحدّث لموقع “العهد” الإخباري عن اللامبالاة التي يتعاطى بها المسؤولون في لبنان مع العروضات الآتية من الصين. يستهل حديثه بالإشارة الى أنّ الصين منفتحة على كل دول العالم وأصبح لديها عمل في مختلف الدول سواء في إيران، السعودية، أبو ظبي، دبي، مصر، العراق، والكثير من الدول الأوروبية. ومن هذا المنطق، سعت الصين للانفتاح على لبنان وطرحت عليه إنجاز كافة المشاريع الإنمائية التي يحتاجها. لكن لسوء الحظ -يقول شلهوب- لم تجد بكين أي اهتمام من الطرف اللبناني. الأخير يقيس الأمور على الدوام من منظار عدم “إغضاب” فلان وعلان. لماذا تأخذ الصين أعمالاً في كل دول العالم ويُحرّم عليها العمل في لبنان؟ يسأل شلهوب الذي يطالب بعدم تحوير هذه العروضات وأخذها دائماً الى المنحى السياسي. علينا النظر دائماً الى مصلحة بلدنا لإنمائه وسط الوضع الذي يرزح تحته.

الاهتمام الصيني برز إبان حكومة سعد الحريري

ويشدّد شلهوب على أنّ وضعنا اللبناني بأمس الحاجة أن يأتي اليه بلد كالصين لديها هذه القدرة المالية الفائقة والتكنولوجيا التي تخطت فيها العالم بأكمله، ولديها الكثير من الشركات الكبيرة والمهمّة. ويلفت الى أنّ الاهتمام الصيني بالتعامل مع لبنان برز إبان حكومة سعد الحريري التي سبقت حكومة الرئيس حسان دياب. حينها، أتى الصينيون الى لبنان ثلاث مرات، وعندما تسلم الرئيس حسان دياب رئاسة الحكومة وجهت اليه الصين رسائل عديدة أبدت فيها استعدادها لكل المشاريع التي تحتاجها الدولة اللبنانية. وقد اجتمعتُ شخصياً -يقول شلهوب- بالرئيس دياب وسلّمتُه الكتاب فأبدى اهتمامه، كما وجّهتُ كتباً الى وزيري الأشغال والطاقة ولكن حتى اليوم تغيب الحماسة والاهتمام. وهنا يستغرب شلهوب كيف جرى التعامل بكل ترحيب مع الوفد الألماني الذي زار لبنان لأجل مرفأ بيروت قبل أيام، فيما الرسائل الصينية لا تزال حتى اليوم بلا أجوبة ولا اهتمام.

كهرباء 24/24 … وسكّة حديد وتنفيذ الطريق العربي 

وحول المشاريع التي عرضتها الصين على لبنان، يلفت شلهوب الى أن لا سقف محددا للاستثمار الصيني في لبنان من حيث المبالغ المرصودة، موضحاً أنّ الصين عرضت عدة مشاريع:

أولاً، عرضت الصين على لبنان تنفيذ مشروع خطة الكهرباء عبر بناء ثلاثة معامل للكهرباء في لبنان على طريقة الـbot، حيث يجري تمويل هذه المشاريع من قبل الصين لمدة 15 عاماً. وفق شلهوب، تبدأ الدولة اللبنانية بعد هذه السنوات الـ15 ببيع الكهرباء للمواطنين والدفع للصين، فيما تؤمّن الكهرباء 24/24 للمواطنين. وهنا يشدد شلهوب على أن الصين لم تطلب أي ضمانات سيادية فهي تعرف وضع لبنان وأنه غير قادر على وضع ضمانة سيادية. الصين منفتحة على العالم بأكمله وقد موّلت مشروعا كبيرا للكهرباء في بنغلادش، فلماذا لا تمول في لبنان؟! يسأل شلهوب الذي يشير بأسف الى أنه لم يتم التجاوب في هذا الملف.

ثانياً، عُرض على لبنان إنجاز سكّة حديد. ثمّة قرار قديم للدولة اللبنانية بأن تنجز سكة حديد من طرابلس الى طبرجا. وعندما أتى الصينيون للبحث في هذا المشروع، قالت الدولة اللبنانية أن لا إمكانية مادية لديها للدفع لإنجاز الخرائط والأمور الفنية، فوضع الصينيون كل إمكاناتهم في خدمة لبنان معربين عن استعدادهم للدفع لجميع الخرائط وإنجاز سكّة حديد من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب. وقد وجهت الشركات الصينية كتاباً بهذا الخصوص للرئيس دياب ووزير الأشغال في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجار، ولكن لم يأتنا أي إجابة حتى الساعة لا من قريب ولا من بعيد، رغم أني اجتمعتُ -يقول شلهوب- برئيس الحكومة وقدمت كل العروض.

ثالثاً، عندما قرّر مجلس النواب أن ينجز الطريق العربي من بيروت الى الحدود السورية، قدّم الصينيون طلباً وأعربوا عن استعدادهم لتنفيذ هذا المشروع، وقدمنا مراسلة الى وزير الأشغال ورئيس الحكومة الذي كان متحمساً، ولكن في وقت لاحق جرى إقفال هذا الملف.

الصين مهتمة لغاية اليوم بالاستثمار في لبنان 

ويشدد شلهوب على أنه ولغاية اليوم يعرب الصينيون عن اهتمامهم بالاستثمار في لبنان، و”يسألونني” عن الأجواء، ولكن لا تجاوب رسميا مع هذا الاهتمام. أكثر من ذلك، عندما صدر قرار من مجلس الوزراء للتفاوض مع الشركات التي تصنع “التوربينات” قابل الجانب اللبناني 4 شركات صينية وأعرب لها عن عدم اهتمامه بهذا الملف.

وفي الختام، يعرب شلهوب عن استعداده للإتيان بدءاً من الغد بأهم الشركات للتعامل مع لبنان، ولكن الأمر يتوقّف على نوايا المسؤولين اللبنانيين، فالصين بلد منفتح على العالم وهي الدولة الأولى التي ستخرج من جائحة كورونا ولديها أموال طائلة من الممكن أن تستثمر بها في لبنان دون أي مقابل سياسي. لكن يعود شلهوب ليكرّر: تنتظر الصين الاهتمام اللبناني.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى