ناصر قنديل | كاتب وباحث في الشؤون الإقليمية – رئيس تحرير جريدة البناء
– رغم النصيحة الروسية للرئيس الأميركي بعد ربط بقاء قواته في سورية بمصير قواته في العراق ، إنطلاقا من أنه بنظر روسيا يبقى الوجود الأميركي في العراق شرعيا طالما حظي برضا الحكومة العراقية ، ويبقى الحل لهذا الوجود تفاوضيا مع الحكومة العراقية ، بينما هو وجود غير شرعي في سورية ، ما يفتح البا لشرعية نشوء مقاومة لمواجهته ، ويعقد المشهد الإقليمي ، يصر الرئيس الأميركي جو بايدن وقيادته على الربط بين القوات الأميركية في سورية بمصير وجود قواتهم في العراق أملا بشراء المزيد من الوقت لدعم مشروع الدويلة الكردية .
– رغم النصيحة الروسية للرئيس التركي رجب أردوغان بعدم الإنفراد بقبول أي مهمة من ضمن عضوية تركيا في حلف الناتو ، في مناطق تقع تحت الإهتمام الخاص لروسيا وتجاورها حدوديا كحال أفغانستان وأذربيجان ، عقد أردوغان مقايضة مع بايدن ، قوامها الصمت الأميركي على مضيه قدما بمشروع صواريخ الأس أس 400 الروسية مقابل نشر قوات تركية في مطار كابول ، مع الإنسحاب الأميركي من أفغانستان ، وبناء قاعدة تركية تحل مكان القاعدة الأميركية في أذربيجان ، مراهنا على ان هذه المقايضة ستشتري الصمت الروسي ، وأنها ربما ستجعله يحظى بتسهيل روسي لإنجاز المقايضة .
– هذان التطوران سيحضران في الحسابات الروسية تجاه المنطقة ، بعدما أكمل الحليفان السوري والإيراني عدتهما السياسية بإنجاز سياسي وشعبي مع الإنتخابات الرئاسية في البدلين التي رافقتها حالة حضور شعبي مميز أجهضت كل رهان على الاعتكاف كنتيجة متوقعة للضغوط الاقتصادية ، ما يمنح الرئيسين السوري بشار الأسد والإيراني السيد إبراهيم رئيسي تفويضا شعبيا لترجمة الثوابت التي يمثلها إنتماؤهما بقوة لخيار المقاومة ، في خطوات عملية ، بصورة ستجعل مستقبل الوجود الأميركي في سورية والعراق على الطاولة انطلاقا من العراق ، على قاعدة دعم الخيار الذي يمثله الحشد الشعبي بمقاومة الإحتلال الأميركي وصولا لإخراج الأميركيين من العراق ، ما يجعل الوجود الأميركي في سورية فاقدا لكل قيمة وقدرة على الاستمرار ، ويمنح روسيا فرصة تلقف الجماعات الكردية المنضوية تحت الراية الأميركية وأخذها لمفاوضات مع الحكومة السورية ، بهدف ضمان نهاية سلمية لضم مناطق سيطرتها الى الدولة السورية ، مقابل مكتسبات دون سقف الاحتفاظ بأي تشكيلات عسكرية خارج نطاق مؤسسات الدولة السورية .
– في سورية سيترجم الرئيس بوتين غضبه من الرئيس التركي بملاقاة الرغبة السورية بإنهاء وجود الجماعات الإرهابية في إدلب ، خصوصا بعدما رفض بوتين التساهل مع تعويم الدور التركي في قضية معابر المساعدات ، وهذا يعني أن عمليات الإستهداف التي تتعرض لها الجماعات الإرهابية ستتصاعد وأن تركيا المتورطة بوعدي التواجد في أفغانستان حيث تنتظرها مواجهة ، وفي أذربيجان حيث ينتظرها فيتو روسي ، ستجد نفسها كما كانت في معركة حلب قبل خمسة أعوام ، بين خيارين مرين ، برمجة سحب الجماعات الإرهابية المسلحة ، التي ربما تفكر بنقلها الى أفغانستان ، أو الدخول في الصدام المباشر الذي تجنبته مرارا ، وظروفه اليوم اشد قساوة وصعوبة من قبل بكثير .
– سورية والعراق على موعد مع تطورات حارة خلال الصيف ، وواشنطن وأنقرة على موعد مع خيبات جديدة ، والحاصل العراقي الجديد ، بين ركني معادلة محور المقاومة السوري والإيراني سيمهد الطريق سياسيا لمعادلة عراقية جديدة يفترض أن تنتجها الإنتخابات المقبلة ، تعيد إحياء خيار التوجه شرقا الذي جرى اجهاضه بترحيل حكومة الرئيس عادل عبد المهدي ، الذي أسقط عقابا على توقيعه تفاهما إستراتيجيا مع الصين يشبه التفاهم الذي وقعته إيران ، وعندها سيكون التلاقي السوري العراقي الإستراتيجي والاقتصادي والأمني قابلا للتحقق لتشكيل رافعة هامة وفاعلة في معادلات المنطقة وأول المتأثرين سيكون الأردن لبنان .