توجهت الأنظار إلى البحر مع مرور سفينة الحفر اليونانية إلى حقل “كاريش” المتنازع عليه بين لبنان والكيان الصهيوني، في خطوة اعتبرت استفزازية من قبل العدو، ما استدعى مواقف من رئيسي الجمهورية والحكومة في بيروت تؤكد على أن الخطوة قد تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، على أن الأمور مرهونة بمدى التدخل الأمريكي الذي يلعب دور الوسيط في المفاوضات على ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.
داخليًا، من المرتقب أن تعقد غدًا جلسة لانتخاب اللجان النيابية في المجلس النيابي الجديد، والتي يبلغ عددها 16 لجنة، وسط صعود على الشجرة من قبل من يسمون “نواب التغيير” الذي سيعقدون مؤتمرًا صحفيًا اليوم.
“الأخبار”: لبنان يطلب وأميركا لا تجيب: التفاوض البحري منعاً للمواجهة
حتى ليل أمس، لم يكن لبنان قد تلقّى رسمياً جواباً أميركياً حول استئناف الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة عاموس هوكشتين مهمّته. فيما يتوقع المتصلون اللبنانيون بالسفارة الأميركية في بيروت أو بمكتب هوكشتين في واشنطن أن يكون لديهم جواب أولي اليوم، حول ما إذا كان «الوسيط» سيحضر قريباً تلبيةً لدعوة الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري ونجيب ميقاتي، سواء عبر السفير الأميركية في بيروت دوروثي شيا، أو بواسطة قناة التواصل التي يديرها مع الأميركيين نائب رئيس المجلس إلياس بوصعب بصفته مساعداً لرئيس الجمهورية في هذا الملف.
لكن، ماذا تعني دعوة هوكشتين مجدداً؟
قبل أسابيع، وعلى هامش اجتماعات عقدت في واشنطن، سأل مسؤولون أميركيون زواراً لبنانيين عن رأيهم في مآل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، وجاءهم الجواب: «إذا كانت إسرائيل، كما تقولون، تريد اتفاقاً، ولبنان يؤكد أنه يريد اتفاقاً، فهذا يوجب عليكم استئناف الوساطة لا تجميدها». وعندما حاولت السفيرة الأميركية في بيروت الاستفسار بصورة أوضح في لقائها مع أحد الرؤساء الثلاثة، أجابها الأخير: «أنتم تتولّون الوساطة. نعرف أنكم أحرص على إسرائيل من حرصكم على لبنان. مع ذلك، فإن أقل الواجب أن تؤخذ مصالحنا في الاعتبار. وبالتالي فإن الوساطة تحتاج الى دفع لا الى تجميد وتحويلها الى فرض إملاءات».
ما استوجب الحركة الأخيرة لا يتعلق فقط بمسار سفينة الحفر التي وصلت الى منطقة عملها المفترضة أمس، وإنما بالحراك العالمي المتعلق بسوق الطاقة، والضغط الغربي على منتجي ومصدّري الغاز في العالم للمسارعة الى استخراج ما يمكن استخراجه لسدّ النقص الذي تسبّبت به الحرب الروسية – الأوكرانية. وأخذ الأمر بعداً إضافياً بعد التحالفات الإقليمية الكبيرة التي قامت في المنطقة، بعدما نجحت واشنطن بالتعاون مع الأوروبيين في إقناع إسرائيل ومصر وقبرص واليونان والأردن بالتحالف المباشر في عملية بيع الغاز المستخرج من البحر المتوسط. وقد طلب الأميركيون من لبنان الانضمام الى هذا الحلف، وهو أمر يدركون تماماً أنه غير ممكن، كما يدركون في الوقت نفسه الحاجة الى استعجال العمل في حقوله للحصول على موارد مالية يحتاج إليها في مواجهة الأزمة الخانقة. وهو ما دفع بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى إثارة الأمر مراراً في خطبه عشية الاستحقاق الانتخابي. وكان واضحاً أن حزب الله يقول للسلطات اللبنانية أن تبادر الى خطوات تنفيذية كما يفعل العدو، وإن المقاومة جاهزة لحماية هذا الخيار. لكنه حرص في الوقت نفسه على تحييد المقاومة عن النزاع اللبناني «الغامض» حول ملف الترسيم، وإن كانت مراكز القوى الرسمية تدعم عملياً وجهة الرئيس ميشال عون القائلة بأن الخط 29 إنما هو خط تفاوضي.
التطور الميداني المتمثل بوصول سفينة الحفر الى حقل «كاريش»، أمس، أعاد فتح الملف بطريقة دراماتيكية استوجبت سلسلة مشاورات بين المسؤولين والقوى المعنية، أفضت الى الآتي:
أولاً، اتفاق مبدئي على مراسلة الأمم المتحدة، من خلال الرئيس عون أو عبر الحكومة، تتضمن تأكيداً بأن النزاع لا يزال قائماً وأن التفاوض متوقف، وبالتالي لا يحقّ لأيّ طرف المباشرة في أعمال حفر في المناطق محل النزاع التي تقع جنوب الخط 23 حتى آخر نقطة تأثير، وأن لجوء العدو الى خطوات عملانية قد يقود الى مواجهة غير محسوبة من قبله.
ثانياً، عدم وجود اتفاق على إصدار مرسوم جديد يحدّد النقاط الحدودية لإيداعه لدى الأمم المتحدة، خشية أن يتحوّل ذلك الى معرقل للتفاوض لا مسهّل له، وتدارس في ردّ أرسل الى الأميركيين يقول بأن لبنان لا يوافق على اقتراح هوكشتين، لكنه يفتح باب التفاوض حوله، والمهم الآن هو استئناف المفاوضات، وأن تقدم الولايات المتحدة تعهداً واضحاً بأن إسرائيل لن تبادر الى أعمال في المنطقة قبل الوصول الى اتفاق.
ثالثاً، حسم الجدل حول آلية التفاوض، وإقفال الباب أمام الاجتهادات التي شهدتها الفترة الماضية، بعدما تبيّن أن الأميركيين سمعوا أكثر من رأي، سياسي وتقني، في لبنان، وهو أمر سجّل كنقطة سلبية في خانة المفاوض اللبناني، واستغلّه الأميركيون لمحاولة فرض واقع من جانب واحد. وقد سعى الرئيس نبيه بري، على وجه الخصوص، الى إعادة تنظيم الأمور من خلال الإعلان أن الأفضل هو العودة الى اتفاق الإطار كأساس لكلّ بحث.
تجدر الإشارة الى أن تعديل المرسوم 6433 كمنطلق للتفاوض لم يصل الى خواتيمه بسبب تضارب المصالح. فبرّي الذي كانَ قد طلب الالتزام باتفاق الإطار، سبقَ أن رفض تعديل المرسوم ليبقى باب التفاوض مفتوحاً مفضّلاً اعتبار الخط 29 خطاً تفاوضياً ليستطيع لبنان الحصول على المساحة التي كانَ يطالب بها كاملة. إلا أن الملف دخل البازار السياسي والمزايدات، قبلَ أن يمتنع رئيس الجمهورية عن توقيعه بعدما وصل المرسوم إليه. وكان لبنان قد بعث برسالة إلى الأمم المتحدة بتاريخ 28 كانون الثاني 2022 أكد فيها حقّه بالخط 29 بعد حصول شركة «هاليبرتون» الأميركية في أيلول الماضي على ترخيص وقّعت بموجبه عقداً مع شركة «نوبل إنرجي»اليونانية لحفر آبار في القسم الشمالي من «كاريش» القريب من البلوك 9 اللبناني.
الدولة والمقاومة
وبعد الإعلان عن وصول السفينة، انطلقت مشاورات رسمية لتحديد الموقف. فيما تلقّى القصر الجمهوري معلومات رسمية من قيادة الجيش تؤكد أن السفينة رست في نقطة تقع بعيداً قليلاً عن الخط 29، وبالتالي، لا يمكن الحديث عن دخول العدو في قلب المغامرة، وهو ما دفع الى العمل بتأنّ، وعزّز الوجهة التي تدعو الوسيط الأميركي للعودة سريعاً الى لبنان. فيما أخذت مواقف المسؤولين اللبنانيين طابعاً تحذيريّاً العدو، وهي مقدمة إيجابية تساعد على صدور موقف موحد.
وفي ظل صمت رسمي من جانب العدو ومن الجانب الأميركي والأمم المتحدة، لم يرصد أي تفاعل من الجهات الدبلوماسية الغربية في لبنان ما عدا الجانب الألماني الذي يظهر اهتماماً غير واضح الأبعاد. فيما اتجهت الأنظار لمعرفة ردّ فعل حزب الله، وسط تقديرات متفاوتة، علماً بأن الحزب أعلن مراراً على لسان أمينه العام أن المقاومة جاهزة للعمل ضمن محدّدات: أولاً، أن تعلن السلطات اللبنانية موقفاً رسمياً لا لبس فيه يحدد حقوق لبنان وحدود منطقته الاقتصادية. ثانياً، أن يبادر لبنان الى استدراج عروض التنقيب مباشرة وعدم ربط الخطوة بالتفاوض مع العدو، ثالثاً، استعداد المقاومة لتحمل المسؤولية إزاء أي اعتداء إسرائيلي على الحقوق البحرية أو النفطية للبنان. لكن الموقف الأولي على ضوء تطوّرات أمس، جاء على لسان رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، السيد هاشم صفي الدين، الذي قال «إنّ لبنان يمتلك القدرة والفعالية في استخراج غازه ونفطه وأن يكون مستقلاً عن كلّ وسائل الضغط، التي يخشاها بعض اللبنانيين في الداخل». ورأى أنّ «أميركا هي السبب الرئيس في منع لبنان من استخراج ثروته النفطية. والمطلوب من الدولة، على نحو رسميّ وواضح، أن تعلن ما هي الحدود، وما هي المناطق المتنازع عليها، ليجتمع عندها اللبنانيون بمقاومتهم وجيشهم وشعبهم وعزمهم، ويأخذوا حقوقهم».
وخلال الساعات الـ 24 الماضية، كانت الحرب النفسية قائمة على قدم وساق. فقد سارع العدو الى بث تقارير إعلامية عن استعدادات عسكرية لحماية عمليات الحفر، وعن نشاط جوي وبحري لهذه الغاية، بينما انتشرت في لبنان مقاطع فيديو تعيد التذكير بتحذيرات السيد نصر الله من المسّ بثروة لبنان. وتدرس قيادة المقاومة الموقف في ضوء ما تجمعه من معطيات حول ما يقوم به جيش الاحتلال على الأرض، ونتائج الاتصالات السياسية في لبنان ومع الجهات الدولية. وتقول مصادر مطلعة إن الحزب سبقَ أن أكّد للجهات المعنية في الدولة ضرورة اتخاذ قرار حاسم في شأن الحدود، وأن المقاومة جاهزة لرد أي اعتداء ضمن الحدود التي تحددها الدولة.
على الصعيد الرسمي، لفت رئيس الجمهورية إلى أن «المفاوضات لترسيم الحدود لا تزال مستمرة، وأي عمل أو نشاط في المنطقة المتنازع عليها يشكل استفزازاً وعملاً عدائياً». فيما أكد الرئيس برّي لـ«الأخبار» أنه «ليسَ ممكناً تجاهل الخطوات التي يقوم بها العدو الإسرائيلي (…) ومن المفترض حضور الوسيط الأميركي الى بيروت وإبلاغه أن لبنان لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه التجاوزات، وعليه أن يقوم بإجراءات لوقف هذه التجاوزات، باعتباره مسؤولاً عن ملف التفاوض». وفي ما يُمكن اعتباره موقفاً متقدماً، نبّه بري إلى أنه «إذا لم يتجاوب هوكشتين أو لم يصِل إلى نتيجة، فعلى الحكومة أن تجتمِع وأن تأخذ قراراً وطنياً بالإجماع بتعديل المرسوم 6433 وإرساله إلى الأمم المتحدة».
برّي: في حال عدم تجاوب هوكشتين على الحكومة أن تجتمِع وأن تأخذ قراراً بالإجماع بتعديل المرسوم 6433
من جهته، رأى ميقاتي أنّ «محاولات العدو افتعال أزمة جديدة، بالتعدي على ثروة لبنان المائية، وفرض أمر واقع في منطقة متنازع عليها، أمر في منتهى الخطورة، ومن شأنه إحداث توترات لا يمكن أحداً التكهّن بتداعياتها». وحذّر في بيان «من تداعيات أي خطوة ناقصة، قبل استكمال مهمة الوسيط الأميركي، التي بات استئنافها أكثر من ضرورة ملحّة»، داعياً «الأمم المتحدة وجميع المعنيين الى تدارك الوضع وإلزام العدو الإسرائيلي بوقف استفزازاته».
وزير الخارجية عبد الله بوحبيب رأى أنّ الأميركيين غير جديّين في موضوع ترسيم الحدود، «ولو كانت هناك جدية لما زار المبعوث الأميركي عاموس هوكشتين بيروت مرتين فقط»، مؤكداً أن «الرؤساء الثلاثة متفقون على الجواب على مقترح هوكشتين، لكنه لم يأت لتلقّيه».
ودعا وزير الدفاع موريس سليم، في بيان، المجتمع الدولي والأمم المتحدة الى «التحرك سريعاً لاستباق أي تدهور أمني في جنوب لبنان، ستكون له انعكاسات على الاستقرار في المنطقة»، مشيراً إلى أنّ «التحركات التي تقوم بها إسرائيل في المنطقة المتنازع عليها تشكل تحدّياً واستفزازاً للبنان، وتحاول خلق أمر واقع وتطيح بذلك الجهود لاستئناف مفاوضات ترسيم الحدود البحرية».
“اللواء”: تسلّل إسرائيلي إلى حقل «كاريش»: ميوعة أميركية وعجز لبناني!
تقدّم ملف المخاطر المحدقة بالجنوب، والاستقرار بوجه عام، مع استقدام إسرائيل، مدعومة من الولايات المتحدة، الباخرة «انيرجيان باور» (Energean power) للتنقيب عن الغاز، وتحويله إلى مادة صالحة للاستخدام من حقل «كاريش» الواقع ضمن المنطقة المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، في وقت كان فيه المسؤولون ينتظرون وصول الوسيط الأميركي هاموس هوكستين لاستئناف عملية ترسيم الحدود من حيث توقفت، وسط ميوعة أميركية وعجز لبناني واضح.
وكشفت مصادر متابعة لملف دخول سفينة التنقيب واستخراج النفط والغاز الى منطقة التنقيب المختلف عليها بين لبنان وإسرائيل، ان السفينة لم ترصد داخل هذه المنطقة وتحديدا في الخط ٢٩ حتى الساعة،استنادا لعمليات الرصد والمتابعة التي يقوم بها الجيش اللبناني بالتنسيق مع دول صديقة لها وجود بالمنطقة وفي مقدمتها بريطانيا، وتتابع الموضوع عن كثب وخصوصا من قبرص.
واشارت المصادر الى حدوث بلبلة وتخبط بين المسؤولين اللبنانيين، الذين مايزالون، مترددين في اتخاذ موقف موحد من الطروحات التي حملها الوسيط الاميركي هاموس هوكستين، في شباط الماضي، لابلاغها الى الجانب الاميركي الذي ينتظر هذا الجواب، ليستانف تحركه لانجاز ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ومرد هذا التخبط، وجود اكثر من موقف لبناني بهذا الخصوص، بعضها لاعتبارات ومصالح محلية والاخرى اقليمية، فيما يكتفي الجانب اللبناني بالتلطي وراء الرسالة التي ارسلها الى الامم المتحدة بهذا الخصوص.
ومع ذلك، بقيت الكتل النيابية، على اختلافها تتحرك في منطقة الفراغ، بحثا عن حصص أو عضويات في اللجان النيابية، السيادية منها، وغير السيادية، مع دخول النواب الجدد، والتغييريين منهم في حقل الاختبارات النيابية، بدءاً من جلسة انتخاب اللجان والنواب، والمقررين غدا الثلاثاء في ساحة النجمة، وسط فوضى نيابية غير مسبوقة، بانتظار الإفراج عن سلّة من التفاهمات حصلت في ما خصَّ اللجان الكبرى كالمال والموازنة، والخارجية، والاتصالات، والادارة والعدل.
وهذا ما ينسحب على الموضوع الحكومي، فقد عللت مصادر قريبة من بعبدا عدم تعيين مواعيد الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة، بانتظار الانتهاء من تأليف الكتل النيابية بعد تواصل الاجتماعات بين النواب المنفردين للتوصل الى تفاهمات في ما بينهم للانضواء في كتل نيابية جديدة، في حين ترددت معلومات تشير إلى ان التأخير، مرده إلى اصرار الفريق الرئاسي على وجود تفاهم مسبق بين مختلف الكتل على اسم الشخصية التي ستتولى تشكيل الحكومة الجديدة، والتفاهم على شكل الحكومة الجديدة وتركيبتها تفاديا للدخول بمتاهات الخلافات، وشروط من هنا وهناك والدوران في دوامة من التعطيل الوزاري، من دون جدوى.
الا ان مصادر سياسية متابعة، اشارت إلى ان النائب باسيل يحاول تكرار اسلوب ابتزاز معارضي خططه، فيعلن رفضه لإعادة تسمية نجيب ميقاتي، الذي يعتبر في مقدمة المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، في الوقت الذي يروج فيه الى نيته تسمية شخصية مغرورة ،لتشكيل حكومة سياسية ،يوهم الاخرين باصراره عليها، او على الاقل يحاول الدخول في مقايضة مسبقة، لفرض سلة شروط ومطالب على اي رئيس حكومة يتم التفاهم عليه مع حليفه حزب الله، اكان ميقاتي او غيره، وبينها شروط معروفة، لا تلقى قبولا بها، او معظمها من حليفه تحديدا.
اسرائيل في «كاريش»
وفي تطور خطير حصل امس، ترددت معلومات امس عن دخول سفينة إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه «انيرجيان باور» اليونانية حقل «كاريش» الذي تضع اسرائيل يدها عليه قبل انتهاء المفاوضات مع لبنان حول ترسيم الحدود البحرية، وانها قطعت الخط 29 بإتجاه الخط 23 ما يعني لو صحت المعلومات عدم اعتراف كيان العدو بموقف لبنان ووضعه امام امر واقع، بالسعي لبدء التنقيب عن الغاز والنفط، ما لم تكن هذه الخطوة مناورة لدفع لبنان الى العودة للتفاوض بشروط العدو، خاصة ان «اللواء» علمت من مصادر رسمية متابعة للموضوع ان المعلومة عن دخول السفينة المنطقة المتنازع عليها غير مؤكدة، ولذلك كلف رئيس الجمهورية ميشال عون قيادة الجيش التأكد ما اذا كانت السفينة قد دخلت فعلاً المنطقة المتنازع عليها ام لا. وبوشرت اتصالات لمتابعة الموضوع مع الجانب الاميركي المفترض انه الوسيط في المفاوضات حول ترسيم الحدود ومع الامم المتحدة التي تجري المفاوضات برعايتها وتحت علمها.
واوضحت المصادر انه في حال تأكد دخول السفينة المنطقة موضع التفاوض سيتخذ لبنان الاجراءات الدبلوماسية «وغير الدبلوماسية» المناسبة.
وفي متابعة لهذا التطور، أجرى الرئيس عون اتصالات مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وعدد من المعنيين للبحث في التطورات، إثر الأنباء التي وردت عن دخول سفينة وحدة إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه المنطقة المتنازع عليها في الحدود البحرية الجنوبية.
وطلب الرئيس عون من قيادة الجيش «تزويده بالمعطيات الدقيقة والرسمية ليبنى على الشيء مقتضاه، مشيراً إلى أن المفاوضات لترسيم الحدود البحرية لا تزال مستمرة، وبالتالي فإن أي عمل او نشاط في المنطقة المتنازع عليها يشكل استفزازا وعملاً عدائياً».
واعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية اللبنانية أن «لبنان أودع الأمم المتحدة قبل أسابيع رسالة يؤكّد فيها على تمسكه بحقوقه وثروته البحرية، وأن حقل «كاريش» يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها، وجرى تعميمها في حينه على كافة أعضاء مجلس الأمن كوثيقة من وثائق المجلس تحت الرقم S/2022/84 بتاريخ 2 شباط 2022، وتم نشرها حسب الأصول.
وطلب لبنان في الرسالة من مجلس الامن «عدم قيام إسرائيل بأي أعمال تنقيب في المناطق المتنازع عليها تجنباً لخطوات قد تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين. كما أكدت الرسالة على أن لبنان ما زال يعول على نجاح مساعي الوساطة التي يقوم بها الوسيط الأميركي هاموس هوكستين للتوصّل إلى حل تفاوضي لمسألة الحدود البحرية برعاية الأمم المتحدة».
وعلق الرئيس ميقاتي على هذا التطور بالقول: إن «محاولات العدو الاسرائيلي افتعال أزمة جديدة، من خلال التعدي على ثروة لبنان المائية، وفرض أمر واقع في منطقة متنازع عليها ويتمسك لبنان بحقوقه فيها، أمر في منتهى الخطورة، ومن شأنه احداث توترات لا أحد يمكنه التكهّن بتداعياتها.
وأضاف: من هذا المنطلق فاننا نحذر من تداعيات اي خطوة ناقصة، قبل استكمال مهمة الوسيط الاميركي، التي بات استئنافها أكثر من ضرورة ملحة. وندعو الامم المتحدة وجميع المعنيين الى تدارك الوضع والزام العدو الاسرائيلي بوقف استفزازاته.
وختم قائلاً: الحل بعودة التفاوض على قاعدة عدم التنازل عن حقوق لبنان الكاملة في ثرواته ومياهه.
واعتبر وزير الدفاع الوطني موريس سليم، «أنّ التحركات التي تقوم بها اسرائيل في المنطقة المتنازع عليها في الجنوب اللبناني تشكل تحدياً واستفزازاً للبنان، وخرقاً فاضحاً للاستقرار الذي تنعم به المنطقة الجنوبية من لبنان.
وقال: مرة جديدة تتنكر اسرائيل لكل القوانين والأعراف الدولية، وتحاول خلق أمر واقع على الحدود اللبنانية، لا سيما وأنها تطيح بذلك بالجهود التي تبذل لاستئناف المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، التي تلعب فيها الولايات المتحدة دور الوسيط والتي تجرى تحت رعاية الأمم المتحدة.
ودعا الوزير سليم «المجتمع الدولي والأمم المتحدة الى التحرك سريعاً لوضع حد للممارسات الإسرائيلية المتجددة، وتطبيق القرارات الدولية لإستباق حصول اي تدهور أمني في جنوب لبنان ستكون له انعكاسات على الاستقرار في المنطقة».
“البناء”: اكتمال تركيبة اللجان النيابيّة بانتظار التوافق مع «نواب التغيير» و«نزولهم عن الشجرة»
في الشأن النيابيّ، تنعقد غداً الجلسة المخصصة لتشكيل اللجان النيابية، حيث يتوزع النواب وتتمثل الكتل النيابية في ست عشرة لجنة نيابية تضمّ كل منها ما بين 9 و12 و17 عضواً، حسب حجم أهميتها. وتقول مصادر نيابيّة إن الكتل الكبرى أكملت تسمية ممثليها في اللجان، وإن عدداً من النواب المستقلين أكملوا أيضاً تموضعهم، وإن نسبة عالية من التوافق تضمن نجاح عملية تشكيل اللجان ورئاساتها، لكن ثمّة عقدة لا تزال عالقة تتمثل بتأخر «نواب التغيير» عن تقديم طلبات انضمامهم إلى اللجان، وتقول أوساط مقربة منهم إنهم سيطلبون اليوم ضمّ خمسة منهم إلى كل من لجنتي الإدارة والعدل والمال والموازنة ويطلبون رئاستيهما، وهو ما لا يتناسب من جهة مع حجم تمثيل كل كتلة نيابيّة في هاتين اللجنتين ولا يتناسب من جهة أخرى مع مبدأ توزع الكتل الكبرى لرئاسة اللجان وتمسك كل منها برئاسة واحدة منها، خصوصاً أن رئاسة لجنة الإدارة والعدل يتولاها النائب جورج عدوان من كتلة القوات اللبنانية ورئاسة لجنة المال والموازنة يتولاها النائب إبراهيم كنعان من تكتل التيار الوطنيّ الحر. وتقول المصادر إنه إذا بقي الأمر على حاله فسنكون مع جلسة انتخاب يحتكم فيها للتصويت يخسر فيها نواب التغيير باجتماع الكتل الكبرى ضدّهم، بينما يمكن لهم أن يتوصلوا لصيغ مقبولة ومعقولة إذا تواضعوا ونزلوا عن الشجرة.
تنشط الاتصالات على كل المستويات لتمرير جلسة انتخاب رؤساء اللجان ومقرّريها وتسمية أعضائها يوم غد الثلاثاء ليتفرّغ المعنيون الى الاستحقاق الحكومي، خاصة أن موعد الاستشارات النيابية الملزمة لم يحدد بعد من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتسمية رئيس الحكومة المكلف، وإن كانت بعض المعلومات الواردة من اكثر من جهة سياسية ترجّح ان يدعو الرئيس عون للاستشارات مطلع الأسبوع المقبل.
وبحسب مصادر مطلعة لـ«البناء» لم تتخذ القوى السياسية التغييرية اي موقف موحد حتى الساعة من ملف التكليف ولم تطرح أي اسم بشكل جدّي، هذا فضلاً عن أن هذه القوى لم يعرف بعد أن كانت ستنضوي في كتلة واحدة او كتلتين أو 3 كتل. كذلك الأمر بالنسبة الى حزب القوات الذي على غرار حزب الكتائب لم يسم أية شخصية لرئاسة الحكومة، مع اشارة المصادر الى ان السفير نواف سلام لا ينوي الترشح مع تأكيد المصادر ان الامور تحتاج الى مزيد من الاتصالات في ظل غياب التوافق بين المستقلين والتغييريين وقوى المعارضة على رئيس لتأليف الحكومة.
وليس بعيداً تقول أوساط سياسية لـ«البناء» إن الامور لا تزال على حالها في ميرنا الشالوحي، فالثنائي الشيعي لم ينجح بعد في ثني النائب جبران باسيل عن شروطه التي يعتبر الحزب أنها ستصعّب وتعقد الأمور، وان كان حزب الله لا يمانع السير بمرشح يحظى بتفاهم الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر، إلا أن الأوساط نفسها ترجح ان ذهاب الثنائي الشيعي الى إعادة ترشيح الرئيس ميقاتي الذي لا يزال الاوفر حظاً ويحظى بدعم فرنسي وعربي وعدم معارضة أميركية.
وترجح الأوساط نفسها عدم قبول الرئيس بري بشروط باسيل في ما خصّ الملف الحكومي لا سيما أن الأخير يفاوض من منطلق تحقيق المكتسبات لشخصه ولتياره لا سيما في ما خصّ التعيينات العسكرية والتشكيلات القضائية والدبلوماسية ومراسيم معلقة وصولاً الى ملف معمل سلعاتا وما يتصل بحاكم مصرف لبنان.
وزار نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، رئيس المجلس نبيه بري في عين التينة، الذي نقل عن الرئيس بري كل الحرص على البدء بالعمل بأسرع وقت ممكن في كل الأمور من استكمال انتخابات اللجان وغيرها من الأمور العالقة الأخرى، وأيضاً هناك أمور أخرى عالقة منذ فترة من الحكومة السابقة، مضيفاً: اتفقنا مع الرئيس بري أن نعمل سوياً مع رئيس الجمهورية كي نحل كل هذه الأمور التي فيها مصلحة ونسير بها الى الأمام. وإن شاء الله في الايام المقبلة، نستطيع ان نظهر الى اللبنانيين أن هناك أموراً تسير بهذه الإيجابية وتنعكس على أمور أخرى.
“الجمهورية”: لبنان أمام 3 سيناريوهات
أملّ اللبنانيون في ان تكون مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية غير ما قبلها لجهة فرملة الانهيار وتحسُّن أوضاعهم المعيشية، الأمر غير الممكن تحقيقه قبل تأليف حكومة قادرة على تحقيق الإصلاحات المطلوبة وتنفيذ الشروط الموضوعة من قِبل صندوق النقد الدولي. فصحيح انّ الانتخابات تنتج تغييراً، ولكن الحلول غير مرتبطة بها، إنما بالسلطة التنفيذية المنبثقة عن هذه الانتخابات. ولا يبدو انّ المسار الانفراجي سيشق طريقه قبل الانتخابات الرئاسية، التي ستعيد إنتاج كل السلطة وتدخل معها البلاد في مرحلة سياسية جديدة.
تتعامل معظم القوى السياسية مع مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية بكونها استمراراً لما قبلها، وفي أفضل الحالات كمرحلة انتقالية بين عهدين، عهد الرئيس ميشال عون الذي دخل في الأشهر الأخيرة لولايته، والعهد الجديد الذي بدأت القوى على اختلافها الاستعداد له خلف الكواليس، في ظلّ الكلام عن ثلاثة سيناريوهات:
ـ السيناريو الأول، ان تجري الانتخابات الرئاسية في مطلع المهلة الدستورية لا آخرها، من أجل التهيئة لمرحلة وطنية جديدة، تُنهي حقبة الانقسام وتعيد تجديد التسوية التي تسمح بعودة الجميع إلى طاولة مجلس الوزراء، خصوصاً انّ عامل الوقت يعمل ضدّ لبنان واللبنانيين، ولا أمل في الخروج من الأزمة المالية وتحسين الأوضاع سوى مع انطلاق مرحلة سياسية جديدة.
وتتحدّث بعض المعلومات، عن انّ بعض العواصم الغربية المعنية بالملف اللبناني فتحت بعد الانتخابات النيابية مباشرة، خطوط التواصل مع بعض القوى السياسية، في محاولة لجسّ نبضها حول إمكانية التوافق على مواصفات رئيس الجمهورية وإسقاطها على الشخص المعني، وتحويل الفترة الفاصلة بين انتخابه وتسلّمه سلطاته الدستورية، ورشة لانطلاقة متجدّدة للبلد بعد التعثُّر الطويل الذي شهده لبنان ويشهده.
ـ السيناريو الثاني، ان تغرق البلاد في فراغ جديد بسبب تعذُّر انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً في حال أصرّ أحد الأطراف على الترشُّح وألزم حليفه بتعطيل النصاب في انتظار تأمين التوافق حول اسمه، في استنساخ للطريق الذي سلكه العماد ميشال عون، ولكن مع فارق انّ هذا الفريق جُرِّب والبلاد لا تحتمل مزيداً من الفراغ، إلّا انّه لا يجب استبعاد هذا الاحتمال مع غياب التوافق على مرشّح محدّد، تتوافر فيه المواصفات التي تشكّل مصدر ارتياح للقوى الأساسية على تناقضها وانقسامها.
– السيناريو الثالث، ان يشكّل انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه «بروفا» للانتخابات الرئاسية، فيدعم كل فريق من الفريقين الأساسيين أحد المرشحين ويتمّ التنافس بينهما بالاقتراع وليس بتعطيل النصاب، في استعادة فعلية للانتخابات الرئاسية في العام 1970، أي معركة الصوت الواحد بين الرئيسين الراحلين سليمان فرنجية والياس سركيس، حيث انّ هناك من يتمنى إعادة إحياء هذا السيناريو، ويعتبر انّ ظروفه واردة في ظلّ التعددية القائمة داخل مجلس النواب.
وفي مطلق الحالات، فإنّ كل الأنظار شاخصة على محطة غد الثلثاء، مع جلسة مجلس النواب المقرّرة لانتخاب اللجان النيابية، وما إذا كانت ستعبر بسلاسة أم ستشهد انتخابات وانقسامات. وأما بعد هذه المحطة، فيفترض برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان يدعو الى الاستشارات النيابية لتكليف رئيس للحكومة.