الطاقة المتجددة والنظيفة – الصراع القادم .
حيّان نيّوف | باحث سوري في الشؤون السياسية
بيل غيتس : هناك رقمين يحتاج الجميع لمعرفتهما والتركيز عليهما حتى يتمكن العالم من حل أزمة المناخ، وهما 51 مليارا وصفر . أن الرقم 51 مليارا يشير إلى عدد الأطنان من الغازات الدفيئة التي يضيفها العالم إلى الغلاف الجوي سنويا ، والرقم صفر هو الهدف الذي يريد العالم الوصول إليه بحلول عام 2050، وكي يتمكن البشر وقف ظاهرة الاحتباس الحراري وتجنب التغيرات الحادة في المناخ، يجب عليهم التوقف عن إضافة غازات دفيئة إلى الغلاف الجوي لكوكب الأرض..
وسبق ل “بيل غيتس” أن أرجع سبب ظهور فايروس كورو.نا إلى التغير المناخي وظاهرة الإحتباس الحراري ، في القرن الماضي ، متوقعا ظهور مئة سلالة من هذا الفايروس أشد فتكاً …
وبعيدا عن صحة ما يقوله ” غيتس” من عدمه ، فإن تصريحاته تعطي مؤشرا عن التوجه الذي تعتمده الليبرالية الجديدة لإعادة هيكلة وبناء الإقتصاد العالمي وفقا لهذه المعطيات …
فمن المنطقي أن التخلص من ظاهرة الإحتباس الحراري يعني حكما التخلص من الإعتماد على مصادر الطاقة التقليدية ( كالنفط والغاز والفحم … الخ ) ، واستبدالها بمصادر الطاقة المتجددة ( كالشمس والرياح و الماء ..وغيرها ) والهدف هو الحصول على طاقة نظيفة ومستدامة وخالية من انبعاثات الكربون ..
مشاريع عملاقة لتوليد الطاقة النظيفة المتجددة من الرياح والشمس والبحر والانهار وحتى من الصرف الصحي ، أطلقت في كل من ( الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وكوريا واوروبا ودول عديدة اخرى ) في الوقت الذي ما زال العالم الثالث عموما وعالمنا العربي خصوصا بعيد كلياً عن هذا التحول ، ليتحول لاحقا إذا بقي على هذا الحال إلى مستهلك يتم التحكم به بعد ان كان المصدر الرئيسي للطاقة في العالم ..
وبمعنى آخر ؛ فلا قيمة لكل الثروات الاحفورية من نفط وغاز وغيره في المستقبل الغير بعيد ، والتي ستتحول إلى عبء يضاف إلى أعباء الدول التي تعتمد عليها في اقتصاداتها وخاصة الدول النفطية التي ليس لديها تنوع في اقتصاداتها ، ولن يكون بمقدور منتجي النفط تحديدا تغطية تكاليف انتاجه بعد التخلي عنه عالميا ، وليست حرب السدود والمياه كما هو الحال في قضية سد النهضة على النيل ، والسدود التركية على دجلة والفرات ، سوى جزء من هذا الصراع الذي سيحتدم مستقبلا …
وكمثال فقط : فقد أعلنت كوريا الجنوبية مؤخرا عن أضخم مجمع في العالم لإنتاج الطاقة الكهربائية بواسطة الرياح البحرية ، بكلفة تصل إلى 43 مليار دولار ، ومن المتوقع ان ينتج المشروع ما يعادل انتاج ستة محطات نووية من الكهرباء ، بهدف التخلص من الاعتماد على الفحم المستورد والطاقة النووية ..