كشف تقرير أسترالي عن خسارة الولايات المتحدة ودول غربية سباقها مع الصين في تطوير التكنولوجيا المتقدمة والاحتفاظ بالكوادر البارعة؛ بل إن بكين تكاد تحتكر التقدم في بعض مجالات السباق التكنولوجي.
التقرير الصادر من “معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي”، بقيادة جيمي جيدا، كبير المحللين في المركز الدولي للسياسات السيبرانية التابع للمعهد، ونُشر يوم الخميس 2 مارس/آذار، جاء بعد مشروع بحثي استغرق إعداده عاماً كاملاً، وفق صحيفة The Guardian البريطانية.
وذهبت نتائج البحث إلى أن الصين تتقدم السباق التكنولوجي في 37 تقنية من إجمالي 44 تقنية تعقبها التقرير بالفحص، وشملت البطاريات الكهربائية، والتقنيات فوق الصوتية، واتصالات التردد الراديوي المتقدمة (“5 جي”، و”6 جي”).
ووجدت الدراسة الممولة من الخارجية الأمريكية، أيضاً، أن الولايات المتحدة عادة ما تحتل المركز الثاني، على الرغم من أنها قادت البحث العالمي في الحوسبة عالية الأداء والحوسبة الكمية والأقمار الصناعية الصغيرة واللقاحات.
واشنطن لديها الريادة في 7 تقنيات فقط
ووفقاً للتقرير، فإن الولايات المتحدة لم يعد لديها الريادة إلا في 7 تقنيات متبقية، مثل اللقاحات والحوسبة الكمية وأنظمة الإطلاق الفضائية.
وقد استندت نتائج التقرير إلى رصدٍ لما نشرته تلك الدول من أبحاث “عالية التأثير” في مختلف المجالات التكنولوجية المهمة والناشئة، مع التركيز على الدراسات التي نُشرت في دوريات رفيعة المستوى، والتي حظيت بمعدل استشهاد عالٍ في دراسات علمية أخرى.
من جانبهم، قال الباحثون في التقرير إن “البحث كشف لنا أن الصين قد أقامت الأسس اللازمة لكي تصبح قوة عظمى رائدة لمجالات العلوم والتكنولوجيا في العالم، وبلغت خلال ذلك ريادة مذهلة في بعض الأحيان للأبحاث عالية التأثير في غالبية مجالات التكنولوجيا المهمة والناشئة”.
أسباب تفوق بكين على الغرب
كما ذكر التقرير أن “الصين تعزز مساعيها باستيراد أصحاب المهارات والمعارف؛ إذ إن خُمس دراساتها عالية التأثير أعدَّها باحثون تلقوا تدريب ما بعد التخرج في إحدى دول تحالف (العيون الخمس)”، في إشارة إلى منظمة العيون الخمس الاستخباراتية التي تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا.
التقرير أشار إلى أن “تعقُّب التقدم في بعض التقنيات ذات الأهمية الحرجة يُظهر أن أكبر 10 مؤسسات بحثية رائدة لهذه التقنيات في العالم توجد في الصين، وتجتمع على إنتاج دراسات بحثية عالية التأثير بنسبة تزيد 9 مرات على الدولة التالية لها في الترتيب (الولايات المتحدة في معظم المجالات)”.
التقرير لفت إلى أن “الأكاديمية الصينية للعلوم” جاءت في المرتبة الأولى أو الثانية في معظم التقنيات التي تعقَّبتها الدراسة، والبالغ عددها 44 تقنية.
احتكار 8 تقنيات مهمة
كما نبَّه التقرير الدولَ الغربية إلى أن الصين قريبة من احتكار 8 تقنيات مهمة، منها تقنية المواد النانوية وتصنيعها، والهيدروجين وإنتاج الأمونيا للطاقة، والبيولوجيا التركيبية.
وأكد التقرير أن الخطوات المتقدمة التي بلغتها الصين في مجال الصواريخ فرط الصوتية ذات القدرات النووية خلال عام 2021 ينبغي ألا تفاجئ وكالات الاستخبارات الأمريكية؛ “لأن تحليل البيانات يشير إلى أن الصين أنتجت على مدار السنوات الخمس الماضية نحو 48.49 % من الدراسات البحثية عالية التأثير بالعالم في محركات الطائرات المتقدمة، ومنها الطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، علاوة على كونها تستضيف 7 من أفضل 10 مؤسسات بحثية بالعالم في هذا المجال”.
من جهة أخرى، وجد التقرير أن “الصين والولايات المتحدة تتقدمان جميع الدول الأخرى بفارق كبير”، وتأتي بعدهما “مجموعة صغيرة من دول الدرجة الثانية، بقيادة الهند وبريطانيا، كما تشمل قائمة الدول التي تظهر بانتظام في هذه المجموعة: كوريا الجنوبية وألمانيا وأستراليا وإيطاليا، ثم اليابان بدرجة أقل”.
وفي ختام التقرير، حثَّ المعهد الدولَ الديمقراطية على إنشاء صناديق ثروة سيادية كبيرة تُخصص لتمويل البحث والتطوير والابتكار في مجالات التكنولوجيا المهمة. واقترح تخصيص نسبة 0.5% إلى 0.7% من الدخل القومي الإجمالي لتلك الدول في دعم تلك الجهود، مع الاستثمار المشترك في الصناعة.