الشيخ نعيم قاسم: السعودية بدأت عدوانًا على لبنان وليّ ذراع الحزب مستحيل

 اعلن نائب الأمين العام ل”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم في مقابلة اجرتها معه “الإخبارية السورية”، ان “لبنان ليس مكسر عصا ولا مطية، ويتعامل مع السعودية بندية وكدولة مستقلة ولا نقبل أن تتدخل السعودية ولا غيرها في خيارات الشعب اللبناني”. ورأى ان “السعودية بدأت عدوانها، وعليها التراجع والأعتذار”، وقال:”لن نستجدي رضاها، ونحن أهل الكرامة والعزة والمقاومة ويبقى رأسنا مرفوعا”.

واضاف: “لم يترك الأمريكيون والإسرائيليون والسعوديون ومن معهم أي طريق وأي وسيلة من أجل الضغط على لبنان من أجل أن يغير سياساته الا واستخدموها وعملوا بها. عملوا من خلال حرب إسرائيل سنة 2006 وانتصرت المقاومة وهزمت إسرائيل، وعملوا على تحريك الوضع السياسي الداخلي لإيجاد صراع بين القوى، فبقي حزب الله ومن معه أقوياء وعندهم تمثيل شعبي واسع، وقادرين أن يكونوا جزء من تركيبة السلطة وهذا أمر لم يقدروا على تجاوزه. تدخلت السفارة الأميريكية في 17 تشرين وحاولت دعم بعض جماعات المجتمع المدني وأعطتهم الإمكانات من أجل أن يتقدموا لإسقاط الرئاسات الثلاثة وتقريب موعد الانتخابات لم يوفقوا، قاموا بأعمال عسكرية وأعمال قطع طرقات والإضرار بمصالح الناس، وضغطت أميركا بمسألة الحصار الاقتصادي، كل هذا من أجل أن يكون هناك انقلاب على حزب الله وردة فعل عليه كذلك لم ينجحوا. استطاع حزب الله أن يخرق الحصار الأميركي من خلال استقدام المازوت الإيراني الذي أخذ تسهيلات من سوريا ووصل إلى لبنان، وكانت هذه مفاجأة ضخمة لهم واضطرت السفيرة الأميركية أن تعلن بقبولهم استجرار الغاز وكذلك الكهرباء من مصر والأردن، كل هذه المحاولات لم تنجح، وكل الفتن لم تنجح، والإيقاع  بين الجيش اللبناني وحزب الله لم تنجح”.

وتابع: “آخر حادثة حصلت هي مجزرة الطيونة، التي قامت بها القوات اللبنانية نيابة عن أميركا والسعودية، لأن قناعتهم بأنه يجب أن يحاصر حزب الله، ويجب أن يضغط عليه لجره إلى الفتنة، ولكننا مع حركة أمل لم ننجر إلى الفتنة بطريقة مدروسة وتطلع إلى المستقبل فتفاجأوا، فالسعودية لم تعد تطيق هذا الذي يحصل، طيلة هذه الفترة عملت على أن لا تهتم بلبنان وتبقى بعيدة، وتدع أدواتها تعمل، لم تسر الأمور كما تريد، فالسعودية منكفئة عن لبنان منذ سنوات”.

واردف: :إذا راقبت أداء القوات اللبنانية في لبنان ترى أنهم منذ فترة طويلة بضرورة أو من دون ضرورة وبسبب ومن دون سبب، دائما يهجمون على حزب الله، يحاولون إبرازه بأنه خارج السيادة اللبنانية، كل هذا من أجل إعطاء صورة للسعودية ولأميركا بأنهم يواجهون حزب الله فساعدونا حتى نقدر على كسره، لكنهم لم يحققوا أهدافهم. هذا الكمين كان محضر له، وهذه المجزرة كان معدا لها، وكل التحقيقات التي صدرت تظهر بأن الأمر لم يكن عفويا أبدا، وكان المطلوب أن يكون هذا الجو حتى ننجر إلى فتنة”.

واعتبر قاسم ان “القوات اللبنانية تستفيد من الحرب ومن الفتنة”. وقال: “نحن نعتبر أن الحرب والفتنة ليست لمصلحة لبنان، وبالتالي قمنا بما علينا لمنع الفتنة وصبرنا وتركنا الأمر للتحقيق. أكيد أن السعودية يناسبها أن تحصل الفتنة سواء وجَّهت مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، فالقوات اللبنانية لم توفر جهدا بالقيام بأي شيء معاد لحزب الله لتقول بأنها يمكن أن تكون حصان أميركا والسعودية، فاليوم الجهة الوحيدة التي تتقاضى مخصصات من السعودية حتى اليوم هي القوات اللبنانية، فالسعودية لم يعد عندها معتمدين في لبنان إلا القوات اللبنانية”.

واضاف: “السعودية منذ فترة طويلة تقوم بحجرٍ على لبنان، لا يوجد مستثمرين سعوديين في لبنان، دائما هي تسمع بأنها منزعجة بأنها صرفت أموال كثيرة في لبنان ولم تر تفاهم سياسي معها من قبل الأطراف الذين دخلت عبرهم إلى البلد، فالسعودية تعتبر بأنها لم تقدر أن تهيمن على القرار السياسي في لبنان بصرف الأموال التي دفعتها لجماعاتها في الفترات السابقة، ومنذ فترة تترقب وتضغط بطرق مختلفة منها سنة 2017 عندما حجزوا الرئيس الحريري وارغموه على الاستقالة، كجزء لا يتجزأ من التدخل في لبنان وحاولت تغيير الواقع، كل هذا فشل، حتى خلال فترة اختيار الحكومة مرروا لكل الأطراف الذي يعنيهم الأمر بأننا لا نرغب ولسنا مقتنعين أن يكون حزب الله جزء من الحكومة ولم ينجحوا، لأن حزب الله جزء من المكون اللبناني ولا علاقة للسعودية بهذا الموضوع فلتبق منكفئة ولا تتدخل في أمور لا علاقة لها بها”.

وتابع قاسم: “عندما رأت السعودية أن كل الأعمال التي جرت خلال السنوات الأخيرة لم تنفع أصبحت تريد أن تدخل مباشرة، طبعا السبب ليس تصريح الوزير قرداحي قبل أن يكون وزيرا، مع العلم أن تصريحه عادي جدا، إنما السعودية أصبحت غير قادرة على تحمل النتائج التي تجري في كل المنطقة وليس فقط في لبنان، وبالتالي قامت بهذا الموقف القاسي تجاه لبنان، وقامت بهذا العدوان على لبنان”.

ورأى أن “هذا التوقيت له علاقة بما يجري في مأرب اليمنية، وله علاقة بالخسارة المدوية التي أصابتها في مأرب، ولكي تصرف الأنظار عن اليمن لتقول بأن هناك مشكلة أخرى في لبنان حتى تصبح هي القضية الكبرى ولا ينتبه الناس لما يجر في مأرب، وفي نفس الوقت تمارس ضغوطات يمكن أن تقدر من خلالها أن تؤثر تأثيرا معينا حسب اعتقادها. وعلى كل حال وزير الخارجية السعودي صرَّح بوضوح بأن المشكلة ليست تصريحا لوزير الإعلام قبل توزيره، ولكن المشكلة مع حزب الله ولأنه يدعم الحوثيين في اليمن”.

وقال: “فلتفهم السعودية وغيرها، لبنان ليس مكسر عصا، ولا مطية، وبالتالي يتعامل مع السعودية بندية وكدولة مستقلة، إذا أحبت السعودية أن تعمل مع لبنان على هذا الأساس أهلا وسهلا، وبالتالي نحن لا نقبل أن تتدخل السعودية لا في تركيبة الحكومة اللبنانية ولا بمن يكون جزء من الحكومة، ولا من يسيطر بحسب الواقع السياسي، هناك خيارات للشعب اللبناني، هذه الخيارات تنتج حكومة معينة، السعودية لا علاقة لها لتتحكم، فلتتحكم بمكان آخر في بلدها، نحن لا نقبل”.

واعتبر ان “السعودية اليوم هي التي بدأت عدوان على لبنان، لأن لا مبرر له وليس مقنعا لأحد في العالم، على السعودية أن تعتذر على الأمر الذي قامت به في لبنان، لأنه عمل غير نبيل ولا أخلاقي ولا ينسجم مع أي معايير، وبالتالي إذا فكروا بأنهم بهذه الطريقة يلووا ذراع حزب الله فهم يتعبون قلبهم ويعملون بطريقة خاطئة جدا. لا يستطيع أحد أن يلوي ذراع حزب الله ولا اللبنانيين بعد هذه الإنجازات العظيمة التي حققوها بثلاثي الجيش والشعب والمقاومة والانتصارات على إسرائيل وعلى داعش”.

واكد “اليوم لسنا نحن من نسعى لرضا السعودية بل هي التي يجب أن تسعى لرضانا، فهي المعتدية علينا، ولا مبرر ولا دليل على ما تقوم به”. وسأل: “ما الذي فعله حزب الله للسعودية؟”. وقال: “نحن بكل وضوح دعمنا اليمن وصرحنا بأن لهم حق، وهذا أمر طبيعي، فعهل ممنوع أن يعبِّر الإنسان عن رأيه أو قناعاته؟ فبماذا نفسر العدوان على اليمن؟ هل نقول بأن السعودية تتصرف بأخلاق مع اليمن وهي تدمر وتقتل، ما نسمي هذا العمل؟ فإذا قلنا بأن هذا عدوان سعودي نكون معتدين على السعودية؟ لا، هذا توصيف  للواقع. وماذا نقول عن تقطيع الخاشقجي؟ هل هذا احترام للانسان؟ أو هي جريمة ضد البشرية، كل ما في الأمر أننا نوصف الموجود تقبل السعودية ام لا فهذا شأنها، وهم يجنون إذا تكلمت عن أخطائهم، أنصح السعوديين بأن يرجعوا إلى رشدهم ويتراجعوا عن الأخطاء التي ارتكبتوها وهي شنيعة وفادحة، والزمن الذي كنتم تستعبدون الناس في المنطقة بمالكم انتهى، اليوم الناس في المنطقة كل واحد يريد استقلاله في بلده، ولا تقدرون على مصادرة حقوق الناس لمصالحكم”.

واعلن قاسم ان “الوزير جورج قرداحي لم يخطئ حتى يستقيل، وكل التحليلات تقول حتى ولو استقال القرداحي لن تحل  المشكلة، لأن الوزير السعودي يقول بأن المشكلة مع حزب الله، فلماذا يريدون إذلال لبنان أو إذلال الوزير القرداحي ومحاولة إخراجه من الحكومة؟ من أين للسعودية الحق بأن تتدخل في شؤون الحكومة اللبنانية، حتى الأعراف الدبلوماسية ترفض ذلك، عادة إذا أرادت دولة سحب سفيرها من دولة أخرى تعطيها خبرا، هم طردوا السفير اللبناني من دون إعطاء خبر لوزارة الخارجية، هذا تصرف أرعن. أعتبر أن الوزير القرداحي أخذ قراره ولكن نحن نؤيد قراره لأننا نعتبر أن هذا القرار فيه كرامة، وبالتالي هو معتدى عليه”.

واضاف: “السعودية يمكن أن تقوم بكل شيء لأن لا ضوابط عندها، وبالتالي دائما عندما تفكر بالانتقام عندها طريقة حاقدة، ولا أنصحهم أن يسلكوا هذا الطريق، فليعالجوا المسألة ويتراجعوا ويتعذروا عما قاموا به، هذا أشرف لهم، وقتها يكونون محترمين في المنطقة ويرجعوا بشكل طبيعي وتبنى العلاقات بشكل طبيعي. أما إذا أرادوا الاستمرار بهذه السياسة فمزيد من الخسائر لهم قبل غيرهم”.

وسأل: “هل نستسلم لهم؟”، وقال: “لن نستسلم لهم ولن نسلم لهم، إذا كان المطلوب أن نتخلى عن كرامتنا حتى ترضى السعودية، لن نتخلى عن كرامتنا أرضيت أم لا، فهي المعتدية، فهل المطلوب أن من اعتدي عليه أن يراعي شعور المعتدي؟ هذا كلام غير مقبول، نحن لا نتحمل أي مسؤولية عما يحصل، أولا المعركة بادرت فيها السعودية من دون مبرر ومقدمات ومن دون أدلة وأسباب، فعليها هي أن تجد الحل. نحن منذ فترة طويلة أعلنا بوضوح وأعلن سماحة الأمين العام، أننا لا نتدخل بترسيم الحدود البحرية، فالدولة هي التي تقول أين هي حدودنا، حتى لا يقولون بأن حزب الله يضع سقف عالي أو عندكم مبررات أو تفرضوا على الدولة، فالأمر بيد الدولة، إلى الآن نحن ننتظر متابعات الحكومة ومتابعات الدولة، إذا قالت الدولة أن هذه المنطقة متنازع عليها والإسرائيلي يعتدي على منطقة متنازع عليها نحن كمقاومة سنقوم بواجبنا، كيف ومتى؟ هذا نحن نحدده؟ فنحن حتى الآن بانتظار أن تحسم الدولة خيارها وعلى أساسها نتخذ الإجراءات المناسبة”.

واكد “الصندوق المشترك غير وارد وهو تطبيع، المطلوب حسم موضوع الحدود، إلى الآن لم يحسم هذا الأمر فالمطلوب المتابعة، وبعد أن يحسم أين هي الحدود وأين هي المنطقة المتنازع عليها لكل حادث حديث”.

وأعتقد قاسم أن “المستقبل لمنطقتنا ولمحور المقاومة ولكن بحاجة إلى صبر، الأمور سائرة بهدوء وليست سائرة بطريقة سريعة. مأرب أكيد هي مفصل تاريخي، والاتفاق النووي مفصل آخر، الوضع في سوريا مفصل ثالث، كل هذه الأمور ستتبلور أكثر في الأشهر أو السنوات القادمة، أكيد ستحصل متغيرات في المنطقة، ولكن إن شاء الله تكون كلها لمصلحة محور المقاومة”.

Exit mobile version