مقالات مختارة

كتب ميشال ابو نجم | هذه هي دوافع الحزب للعودة الى الحكومة و ” عقدة ميداس ” – بري أقوى منه .

ميشال ابو نجم | كاتب وباحث لبناني

منذ قرار الثنائي الشيعي العودة إلى الحكومة بعد طول انقطاع وتعطيل، أغرقت “السوق” الإعلامية تحاليل وأقاويل وصلت إلى ربط القرار بالصراع الإقليمي من جبال اليمن إلى سواحل غزة. ذلك أن التفسير المؤامراتي والذي يغذيه نقص القدرة على التحليل الموضوعي العقلاني يزدهر لا في لبنان ذات المستوى الإعلامي المنحدر أصلاً، بل في العالم الغارق بالموجات الشعبوية ورد واقع الأمور إلى مؤامرة ما تحاك في استمرار. وفي وقائع الأمور، تؤكد مصادر مراقبة للوضع الشيعي أن العودة الحكومية هي أولاً نابعة من قرار حزب الله بمفرده، والأهم أنها ناتجة من مسار من النقد الذاتي لكل ما انتهجه الحزب والثنائية الشيعية منذ واقعة الإصطدام بالمحقق القاضي طارق البيطار، وما أثاره ذلك من زوابع سياسية وأمنية تبين أنها عبثية في نهاية المطاف. وقد رأى “الحزب”، متأخراً، بحسب هذه المصادر المراقبة أن مواجهة البيطار كانت بلا جدوى خاصة أن لا علاقة له بها أصلاً. فلا البيطار يستهدفه، ولا هو متورط بما حصل أساساً، لكن المشكلة أن حزب الله رأى في الإشتباه بأنصار حلفائه سيؤدي إلى إضعاف حركة “أمل” وتيار “المردة”، كما أن ذلك يعني محاكمة مرحلة هم ركنٌ أساس فيها، ما يعني بالحسابات الحزباللهية استهدافاً وإضعافاً لهم. العامل الثاني المؤثر في قرار حزب الله، هو بحسب المصادر نفسها والمتابعة بدقة، الموقف الواضح والجازم لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي رأى في هذا التعطيل تخريباً لما تبقّى من ولايته والمصر على الحفاظ على الإستقرار وتأمين أجواء مناسبة للمباشرة الحكومية بالإصلاحات المطلوبة وخطة التعافي المالي. لكن البارز بما حصل في كواليس الكلام بين “الحزب” والرئيس نبيه بري، أنه حاول الإعتراض بداية لكنه اضطر لمجاراة حزب الله لأنه لا يستطيع البقاء وحيداً في المواجهة، وهذا يقود إلى خلاصة مهمة هي أن قراراً واضحاً من “الحزب” قادر على وضع ضوابط لحركة بري السياسية مع ما يمارسه من وضع للعصي في دواليب الرئيس عون منذ انتخابه رئيساً وحتى الساعة. غير أن العودة الحذرة للحكومة التي يؤمل أن تؤدي إلى تفعيل إنتاجية مجلس الوزراء إزاء الملفات الإنقاذية المطلوبة، لا تحجب عجز حزب الله إزاء “طموحه” بترميم العلاقة بين التيار الوطني ورئيس مجلس النواب الذي يضع محاصرة الرئيس عون والنائب جبران باسيل نصب عينيه. وفي التحليل الإنتخابي لهذا العجز أن مجلس النواب لن يكون إلا صورة عن مجلس النواب العراقي حيث لا كتل كبيرة بل تلك ذات الحجم المتوسط والصغير، مع ما يحمله ذلك من مخاطر صعوبة الحكم في نظام مشلول ومعطّل أساساً، ويحول ذلك التحالفات إلى مرحلة زمنية لاحقة تعقِب الإنتخابات ولا تسبقها. هذه الخلاصات للمصادر المتابعة للواقع الشيعي اللبناني السياسي، تمنح مقاربة التيار الوطني الحر للعلاقة مع حزب الله وحليفه الشيعي قدراً كبيراً من الأحقية والمصداقية، وتؤكد أن ارتباك “الحزب” تجاه معالجة معضلة نبيه بري تبقى “عقدة ميداس” الحياة السياسية اللبنانية أمام أي محاولة للخروج من نفق الفساد والنهب الذي أطبق كالكابوس على حياة الشعب اللبناني.

المصدر : موقع اخبارنا – اخباركم

https://akhbarkum-akhbarna.com/ViewPost/2162

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى