الدكتور حسّان الزين | طبيب وكاتب لبناني .
كعادته كل سنة أطل السيد في ١٦ شباط في الذكرى السنوية لقادة المقاومة ،حيث القى خطابا استراتيجيا أطلق منه صفارات الانذار المبكر واضعا النقاط على الحروف .
جاء خطاب الامين العام بعد سلسلة احداث محلية واقليمية وبعدما إحتدم الاشتباك السياسي في لبنان على أثر جريمة لقمان سليم حيث أمطر المتربصون بالمقاومة وابل من الاتهامات لمحور السيادة المقدسة وللحزب بالخصوص استخدموا فيها شتى انواع السباب والشتائم .
وكان للتوقيت اهميته فهو يقع بين تصريحات اسرائيلية حول تهديد القرى والمدن اللبنانية بالتدمير والقصف معبرة عن ملخص العقيدة التلمودية في العقاب الجماعي الواقع تحت عنوان شرائع حصار وفتح المدن البعيدة: حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح فان اجابتك إلى الصلح و فتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير و يستعبد لك و اما النساء والاطفال والبهائم وكل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك و تأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب الهك وهكذا تفعل بجميع المدن ويسبق كلام الامين العام لحزب الله اقتراب موعد الانتخابات المزمع حصولها في الشهر القادم .
لقد اطلق نصر الله ثلاث صفارات انذار لقطارات ثلاث .
١- القطار الاول قطار إعادة تدمير داعش وهزيمته
لقد خلعت الدولة العميقة في الامبراطورية الامريكية دونالد ترامب وجاءت بجون بايدن رئيسا وما إن حط رحاله الرئيس المنتخب في البيت الابيض حتى بدأت داعش تتطل برأسها من جديد وكأن قطار هيلاري كلينتون وباراك اوباما وضع على السكة العراقية والسورية وليس بعيدا ان يكون اغتيال لقمان سليم على يديهم لان الجغرافيا والعوامل السياسة قد تساعد على هذه الفرضية إلا أن الايدي الاسرائيلية واهداف العدو الفتنوية لا يمكن استبعادها ابدا بل اول ما يتبادر الى الذهن هو مسؤولية اسرائيل عن هذا القتل .
٢-القطار الثاني هو قطار التدويل الذي ظهر على فلتات االالسن وفي همسات الغرف المغلقة وهذا المشروع قديم بقدم لبنان ففي الخمسينات قام الجيش الامريكي بانزال في بيروت وتبعه الفرنسيون والبريطانيون وقوات المارينز في الحرب الاهلية وحاول العدو الاسرائيلي ان يفرض البند السابع للامم المتحدة عبر تحالفات داخلية وخارجية ويضع دولة لبنان تحت الوصاية الدولية ،
وكذلك بعد تفجير المرفأ من قبل المخابرات الدولية حيث كانت الاهداف المرجوة من القنبلة القريبة من النووي في ناكازاكي وهيروشيما حيث ارتفعت الاصوات للتدويل ولإخضاع لبنان للوصاية المباشرة وكان هذا يجري ضمن مخطط مرسوم ليصل الى حصار المقاومة. ولاانقاذ الكيان العبري اسرائيل من الموت المحتم .
فكان رد السيد نصرالله بأن اطلق قطار السيادة اللبنانية وحمايته ايمانا منه أن لبنان وطن لجميع ابنائه ووطن نهائي لكل مواطنيه فكانت المسؤولية الكبرى التي هي دائما تتصدر مواقف رجال المقاومة عبر التاريخ هو حماية السيادة اللبنانية وقد حذر من الخلط بين المزح والجد فالسيف اصدق انباء من الكتب .
٣- القطار الاستراتيجي في مواجهة القطار الاسرائيلي…
اعلنت اسرائيل عن مناورات عديدة لرفع جهوزية جنوده وكانت قد اتبعتها بتصريحات ،اقلها تدمير البنى التحتية وتدمير القرى وقتل المدنيين .
انتبه نصر الله للمخطط الاسرائيلي الذي بدأ بتجويع اللبنانين وسرقة اموالهم وهدم اقتصادهم بأن التهديد بقتلهم فقد ركن العدو بين السلة والذلة وبين سندان الجوع ومطرقة التهديد بالقتل والموت وخاصة بعدما فشلت الةالشيطان الامريكية بخنق لبنان اقتصاديا وماليا حيث ما زال المشروع الامريكي مستمرا على قدم وساق .
التفت السيد القائد لمخطط جهنمي يحاك في الخفاء فاطلق صفارة قطاره الممتد من عمق التاريخ المقاوم وعاد لطرح ولارساء معادلة نيسان ١٩٩٦ .فاذا قصفتم قرانا سنقصف قراكم واذا دمرتم مدننا فسوف ندمر مدنكم وانتم ليس لديكم مدنيين بل كلكم جنود احتياط وكانت هذه اهم رسالة في جوهر الخطاب الا وهي معادلة حمورابي. العين بالعين والسن بالسن والباديء اظلم .
لقد جمع الملك حمورابي الحضارة الدينية مع الحضارة الاخلاقية فاصدر القوانين لقيام دولة عادلة وارسى الامن الاجتماعي فكانت العقوبات صارمة .
اقتبست الثقافة التلمودية من حضارة بابل الكثير فقد عاشت ما يقارب النصف قرن في احضان بلاد الرافدين الا ان السبي كان لهم درسا من التاريخ الذي يرسم التموضع التاريخي و الثقافي. لهم حيث أن التراجيديا اليهودية تقفز دائما على صفحات المجلات العالمية والقنوات التلفزوينية تسويقا للمظلومية اليهودية المبالغ فيها في كثير من الاماكن والازمات .
وقد تعلموا من قانون حمورابي حيث تحمل الشريعة التوراتية المقاربات الكثيرةولإن اختلفت بالتفاصيل احيانا فللحاخامات هم على دراية واسعة بهذا السفر التشريعي الذي تسلل الى الديانة اليهودية عبر التاريخ .
جاء نصر الله في خطابه الأخير وكأن خليل الشمش اي الشمس كما كان يحلو لحمورابي أن يصف نفسه فنصر الله الذي سينصر اهل الله واطفال الله وشعب الله وقرى الله قريب من تلك الشمس الواضحة هو تلك الحقيقةعلى جبين الثريا يقرأمزامير داود على زوال اسرائيل .
ارسى القائد نصر الله معادلة حمورابي على خارطة فلسطين المحتلة بل زاد عليها قائلا سترون ما لم تشهدوه منذ ١٩٤٨، قد يكون اشار الى السيطرة على الجليل وتحرير مساحات واسعة من فلسطين اي قد يكون يحضر الى معارك داخل فلسطين المحتلة ما يمكن تسميتها معارك داخل قلاع العدو .وهكذا انتزع نصر الله المأسات والتراجيديا اليهودية المزعومة من بين افواه الصهاينة ليقول بأن مظلومية العرب والمسلمين لا تقل عن ما فعله فرعون مع موسى وبني اسرائيل حقا لقد اطلق نصر الله اهم قطار تغييري في الشرق، نحن نعيش في من محور المقاومة زمن تدق فيه اجراس نصر الله اجراس العودة عذرا فيروز سوف تقرع اجراس الكنائس وترفع المآذن اصداءها وبصوت عال ليملأ الخافقين القائد نصر الله والملك حمورابي