حكيم الجزائري | كاتب وباحث جزائري
1-إختار السيد خامنئي منبر قم لكلمته بما له من دلالات معروفة جيدا خاصةلدى “من يستحق الخطاب” بتعبير الشيخ الرئيس ابن سينا.
2-يمكن لعقل متمرس على فك فصوص الحكمة الإيرانية و الواعي لضرورة التراكم المعرفي لفهم خطاب المنهج هذا أن يغوص في عمقه الأكبر بطي المسافة اللازم للوصول الى الأين و المتى في كلام قائد الثورة و الجمهورية الاسلاميتين .
-فالأين و المتى مترابطان : أين البداية في قوس الصعود في مسيرة الثورة الإيرانية و متى البداية في قوس النزول في عمر الثورة الأمريكية.
4-واضح أن الحساب الإيراني دقيق و فيه إرادة ليّ ذراع الخصم على طريقة الرياضة التي يجيدها ، هي و حياكة السجاد : رفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات قبل رفع العقوبات هو طلبُ شبه المستحيل عمليا بالنسبة لرئيس يتشرف بقيادة التيتانيك الأمريكي بعد مسيرة إبحار تعاقب فيها الغرور على الغباء و الصمم على العمى أمام حقائق الميدان، اعني الجغرافيا و التاريخ.
5-واضح ايضا أن الايراني ليس في عجالة من أمره لأن ما أظهره الذراع الضارب لهذه القوة المستعصية على الكسر كما الليّ ، المتزامن مع خطاب السيد خامنئي يقول : تجوّعون الشعب لإذلاله؟ دعونا نسلم لكم بإمكانية ذلك و لكن سيجوع حينئذ ليحفظ عزته و استقلال قراره .
بهذا المعنى تصير المعادلة واضحة : هذا الوقت هو وقت “تخصيب التخصيب” .
6- إيران تدرك أن بايدن له الخيار في بدايتين:
– أن يبدأ منها بالسعي للدخول على ملف صعب لكنه يعطيه عصباً و فرصةً لتجميع الصف و ترتيب بيت الحلفاء على وقع تقدمه مع ايران ،
– و إما أن يلج إبحاره في الرحلة ماقبل الاخيرة بتجاهل إيران و معالجة الإرث الترامبي و التفرغ، فيما يخص الاقليم، إلى لإعادة ترتيب بيت الحلفاء لرسم خارطة مواجهة مقبلة مع إيران ذاتها لكن مع ضرورة وعي بأن إيران هذه لن تبقى على حالها هذه بل ستزداد قوة .
7- إنها تراجيديا بالمعنى الإغريقي العميق و التي عناها الكاتب الفرنسي ألبير كامو في آخر جملة من كتابه” أسطورة سيزيف ” حين قال:” لا بد من تخيٌل سيزيف سعيدا”.
8-:بعبارة أخرى تترجم هذا كله في عالم السياسة: الإيراني سيلزم خصومه باستجدائه و طلب الرجوع إلى مرتبة هي بالتأكيد ليست تلك التي سيكون قد بلغها بعد كل هذا الوقت الذي أضاعه خصومه جريا وراء سراب تحقيق المأمول بدل الممكن ، لكنها و مع فرض قبول الإيراني بمثل هذه العودة، ليست عودة إلى الحالة الراهنة.
9- السياسة هي فن الذهاب بالمأمول إلى أبعد حدوده لكن ليس للمأمول من قابلية للتحقق خارج الممكن.
حينها ، و كما جاء في القرآن الكريم، “سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون”.
10-يمكن للعقل الامريكي أن يستعين بالفهوم الراسخة في العقل الانجليزي و طرائق ” اشتغاله” منذ القرن التاسع عشر ، زمن “اللعبة الكبرى” مع روسيا القيصرية السابقة و مشروع جعل شواطئ الخليج الفارسي مرفأ كذلك الذي يشتغل عليه بالنسبة لحيفا على سواحل المتوسط الشرقية.
الانجليز “هم أشطر الناس” في هذا المجال ، لكن الذي وصفهم بهذه الأشطريةعقّب مباشرة بقوله :” نحن شيعة علي بن ابي طالب في العالم لن نترك فلسطين “.
هنا مجمع بحرين و التقاء قوسين ليُتم الزمان دائرته.
و للذين لا يرون في القوس الا توصيفه بالشيعي أن ينتبهوا لفحوى الخطاب : نحن شيعة علي بن ابي طالب شيعة فلسطين و أنصارها و لن نتركها.
إن الصحيفة التي تحالف كبراء مكة بموجبها لأجل حصار الشعاب أكلتها دودة و لعل الذين أقسموا على مشايعة فلسطين شعبا و مقدسات لن يحتاجوا هم كذلك لتمزيق صحيفة كان اسمها ” إسرائيل”