“مصدر دبلوماسي”-مارلين خليفة:
إنعقدت في جنيف في 16 الجاري القمة الاولى بين الرئيسين الاميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين.نالت محادثات فيلا “لاغرانج” بساعاتها الثلاث اهتماما دوليا وتغطية صحافية عالمية كحدث استثنائي.
تناول البحث الازمة الدبلوماسية وسحب السفراء المتبادل بين البلدين، التسلح الاستراتيجي، الهجومات السيبيرانية، الانتخابات الرئاسية الاميركية وادعاءات التدخل الروسي بها، تبادل الرهائن، المعارض نافالني واوكرانيا وسوريا.
في هذا السياق يتحدث السفير الروسي السابق في لبنان والخبير في شؤون الشرق الاوسط الكسندر زاسبيكين الى موقع “مصدر دبلوماسي” عن نتائج هذه القمة، مشيرا الى انها تشكل منعطفا ايجابيا في العلاقات الروسية الاميركية.
*هل تشكل هذه القمّة منعطفا في العلاقات الروسية الاميركية؟ وهل ستتجه هذه العلاقات نحو التحسن؟
-لقد شكلت القمة الروسية الاميركية حدثا هامًا قد يكون بداية مرحلة جديدة ليس فقط في العلاقات الروسية الاميركية بل في الاوضاع الدولية، وهي المحت الى احتمال تنظيم المواجهة كخطوة اولى الى التحسن وسابق لاوانه الاشارة الى فرص التقدم لان الأوساط النافذة وخصوصا في اميركا تسعى الى تعطيل الحوار وكانت تعتبر اللقاء مناسبة لممارسة المزيد من الضغوط على روسيا. انطلاقا من هذا المنطق اشارت هذه الاوساط الى ان الرئيس بايدن يجب ان يفاوض من موقع القوة، في نفس الوقت خشيت من تفوق الرئيس بوتين بسبب مواصفاته الشخصية والعمر الاصغر، حيث انتشرت في وسائل الاعلام نظرة تفيد بأن اللقاء مبارزة يفوز فيها احد الرئيسين، وفوجئ الاعلام الغربي بأن الرئيسين تحدثا تقريبا بلغة مشتركة عن معنى اللقاء في إشارة الى الجو البنّاء الذي ساد فيه.
*ما هي الملفات التي طرحت وابرز النتائج؟
-عرف العالم من خلال تصريحات الرئيسين انه تمت المناقشة في مواضيع الاستقرار الاستراتيجي والامن السيبرياني والقطب الشمالي والنزاعات الاقليمية والعلاقات الثنائية كما طرح الرئيس بايدن موضوع نافالني رمزيا. تكمن خلفية هذا النقاش في الاعتراف المتبادل بضرورة وضع قواعد اللعبة على الصعيد الدولي لمنع الانزلاق الى الحرب العالمية. وكان الاميركيون يعتقدون منذ التسعينيات انهم يتفوقون في المجال العسكري وقادرون على توجيه ضربات دون توقع ردّ ملموس، الا ان روسيا اعادت تظهير قدراتها العسكرية وحققت التوازن مع الولايات المتحدة الاميركية، وادرك الامريكان خطورة الوضع بالنسبة اليهم، وعلى هذا الاساس تم تمديد معاهدة الاسلحة الاستراتيجية الهجومية، وبادر الرئيس بايدن الى عقد اللقاء مع الرئيس بوتين الذي كان يتوقع هذا الاقتراح، وبالتالي ممكن ان نستنتج ان الاهم في اللقاء هو بداية التحرك. جدير بالذكر ان الامريكان اوصلوا الوضع الى الحد الخطير من خلال خروجهم من المعاهدات الدولية وتأييد المتطرفين والارهابيين تحت الشعارات الثورية.
من القضايا الملموسة المطروحة للتفاوض يجب الاشارة الى تمهيد معاهدات جديدة في مجال الرقابة على الاسلحة بديلا للمعاهدات السابقة ووفقا لمستجدات الاوضاع كما يجب تحويل مشكلة القرصنة الالكترونية من موضوع الاتهامات الاميركية المزيفة ضد روسيا الى موضوع التنسيق والتعامل الدولي، وعلى ما يبدو فإن الموقف الاميركي الرسمي تعدّل ولو ببطء.أما نتائج اللقاء المباشرة فتكمن في الاتفاق عن اجراء المشاورات وهذا يعني مواصلة السير الى الامام.
*كيف سيكون تقاسم النفوذ الروسي الأميركي في الشرق الأوسط؟
– ان الحديث عن “يالطا ٢” غير صحيح فان لقاء القمة عقد ليس لتقاسم النفوذ وكما قلت فان قواعد اللعبة التي يجب ترسيمها
تتعلق بضبط الوضع وتسهيل ايجاد حلول للمشاكل وفي كل الاحوال فإن المواجهة على الصعيد الدولي تستمر وكما قال الرئيس بوتين لا توجد أوهام لدينا ويجب ان ندافع عن مصالحنا وخصوصا ضد محاولات الغرب التدخّل في شؤون روسيا الداخلية من خلال تأييد وتمويل مجموعات تخريبية. واوضح الرئيس بوتين في المؤتمر الصحفي مجددا موقفه الحذر من نشاطات المنظمات الموالية للغرب في روسيا وبهذا الصدد لا بد من التاكيد ان السلطات الروسية تدرك خطورة النهج الاستراتيجي الاميركي الرامي الى زعزعة الاوضاع الداخلية في البلاد اعتمادا على عملاء “ليبراليين ” ولن تسمح اشعال الفتنة في البلاد.
اما نفوذ الدول المعنية في الشرق الاوسط فسوف يتحدد حجمه في اطار تسوية النزاعات واعادة الاعمار وتطوير التعاون ولا تشارك روسيا في المقايضات على حساب الاطراف الاخرى.
*علام تم الاتفاق في الملف السوري؟
-ان مواقف الطرفين بالملف السوري معروفة وبرأيي لن تتغير في المستقبل المنظور وبالتالي من المستبعد الوصول الى تفاهمات جدية، واكد الرئيس بايدن ذلك عندما كرر افتراءات اميركية حول السلاح الكيمياوي في سوريا ومن الواضح ان النقاش على الأرجح يقتصر بموضوع المساعدات الانسانية.
*ماذا عن العلاقات مع دول الشرق الاوسط وخصوصا ايران؟
-ان علاقات روسيا مع دول الشرق الاوسط لا تتأثر بالتفاوض الروسي الاميركي وسوف تبقى ذاتها في كل الاحوال وتمارس روسيا سياستها تجاه الاطراف الاقليمية انطلاقا من المصلحة المشتركة معها وليست مع اميركا بما في ذلك لا توجد اية دوافع لتغيير موقف روسيا من الاتفاق النووي مع ايران والعودة اليه كما هو بدون اية بنود إضافية.
*كيف ستكون العلاقات مع الصين؟
-صحيح ان الامريكان يريدون خلق الشرخ بين روسيا والصين وكان هذا احد الاهداف اثناء اللقاء وسوف تواصل اميركا هذه المحاولات الا ان العلاقات الروسية الصينية استراتيجية وتتعزز ويجب الاشارة الى ان المواقف المعادية للصين التي اعلنت عنها مجموعة السبعة تساهم في توطيد التلاحم بين روسيا والصين.
*ماذا عن لبنان وسط كل هذه الملفات الشائكة؟
-آخذا بعين الاعتبار ان روسيا واميركا اتفقتا على مواصلة المشاورات ممكن نفترض ان الاجندة سوف تتوسع وبرأيي من المهم اذا كان لبنان احد بنود المشاورات بهدف تحسين الظروف الدولية حول البلد وتسهيل ايجاد حلول المشاكل الداخلية.