السعودية والحكمة المفقودة

مسعود احمد بيت سعيد | كاتب وباحث عُماني

تابعنا  كما الملايين  من أبناء الأمة العربية  تطورات  المواقف الأخيره  بين  المملكة العربية السعودية و المتضامنين معها    من ناحية  ولبنان   من ناحية آخرى .  حيث  اندفع  الجانب الخليجي  بسرعة البرق إلى حالة  من التهور و التصعيد غير المسبوق  تجاه لبنان الذي  يمر بمرحلة صعبة على كافة المستويات.

وذلك  على خلفية  تصريح جورج قرداحي مع قناة الجزيرة قبل شهرين تقريبا من تعيينه وزيرا للإعلام في الحكومة اللبنانية العتيدة  وصف فيه  الحرب على اليمن  بالعبثبة .  وفي ليله وضحاها  وبعد  تشكيل الحكومة اللبنانية ودون مقدمات ،  تمت  الإجراءات المعروفة التي تؤشر إلى منحى خطير في العلاقات العربية   و اذا لم يتم تطويقها   ستلحق الاضرار بجميع  الأطراف . لقد حصد ت الأمة العربية  الكثير من الويلات من هذه السياسات التي تقود المنطقة  الى اتون الصراعات المدمرة  التي لا تنتهي  .

وإذا  كانت ردود الفعل الخليجية غير مفهومة أو مبررة  فلعل الموضوع  أبعد من تصريح الوزير قرداحي .  فما هي الأسباب الحقيقية  لهذه الخطوة التصعيدية الكبيرة  ؟ الحقيقة  لا يمكن اخراج الموقف الخليجي الحالي عن سياقه التاريخي الذي لم يكن يومآ  مبرأ من الشوائب  والذي يبدو بانه  لم يستفيد بعد، من دروس الإخفاقات المتكررة  ” و يحار العقل في تتبع قفزاته البهلوانية   ”  إلى أين يريدوا جر المنطقة العربية ؟  ما قدم من  الأسباب والحجج والمبررات  ، لا يقبلها  العقل  ولا يستسيغها  المنطق . وان كانت  تتمحور  حول محاولة استعادة الدور السعودي  في الساحة اللبنانية وتحسين شروط التفاوض مع إيران  والحرب على اليمن  والضغط على حزب الله  الذي يعتقد بأنه  أكثر الأطراف تأثيرا  في  تقليم الدور السعودي في عموم المنطقة ،  كما يروج أعدائه في الداخل والخارج .لكن ماهي هذا التوجهات  السعودية التي يعمل الحزب على  تقليمها  ؟ وهل هي في خدمة  الأمة العربية ام  العكس  ؟   هكذا  يجب أن تحاكم مواقف جميع الأطراف بعيدا عن التضليل الإعلامي  .

ان محاربة كل من يقف في وجه المخطط الإمبريالي الصهيوني لا يشكل خيارا صائبا .  لقد فقدت هذه  الأنظمة  ما تبقى لها من حكمة  بانضمام الكويت التي تتصف عادة بالعقلانية وتغليب  لغة الحوار في الخلافات العربية  الى ركب السياسات الإرتجالية الخاطئة  .ان الذي يذهب بالتصعيد السياسي والاقتصادي والإعلامي  وتعميق الخلافات بين أبناء الأمة الوحدة  لن يكون في  الموقع الاقوى و عليه مراجعة حساباته  . ان الموضوع  لا يحتاج إلى عقل كبير لتفسيره واستجلاء بواطنه  ولن تجني تلك  الدول التي تقف مباشرة أو متضامنة  سواء  المزيد من الهزائم  والانتكاسات . لسبب بسيط  لأنها تدير خلافاتها  وصراعاتها لحساب الآخرين وليس انطلاقا من مصالحها التي هي في  آخر تحليل لا تتعارض مع   المصالح العربية  .

ليس هكذا  تدار الخلافات ان وجدت  أيها الأشقاء ، لبنان لا يستحق أن تعاملوه بهذه القسوة والعجرفة ،  ناهيك بانكم لن تثنوا إرادته  .هذا البلد العربي  المقاوم الذي هزم الكيان الصهيونى ، سينتصر في مواجهة اي طرف يريد تركيعه وإذلاله  والانتقاص  من سيادته  و إشعاعه الديمقراطي والحضاري  . لأنه بلغة عربية واضحة  حر ومستعد لدفع الاثمان دفاعا عن كرامته الوطنية  . ولن يقبل ان يتحول إلى رهينة لتصفية حسابات الحروب العبثية  .قد تلحقوا الاضرار بقطاع واسع من الفقراء  اللبنانيين  ولكنكم لن تهزموه  أبدا.  ان وصف مايجري في اليمن بالحرب العبثية هو مصطلح شائع في صحافة العالم  وألاروقة السياسة الدولية وربما من الطف المصطلحات  وأكثرها  خفة على اللسان .ليس هناك عاقلا في هذا العالم لا يصف ما يجري في اليمن بالحرب العبثية  . ان  قتل الأطفال والنساء والشيوخ و استنزاف  طاقات الأمة العربية ومواردها وحرف بوصلتها  وتعميق خلافاتها واثاره النعرات المذهبية والطائفية والقبلية والمناطقية وإفساح في المجال  للتدخلات الاقليمية والدولية  أقل ما يقال عنها بانها  حرب عبثية  .ان  افتعال الأزمات مع المحيط العربي  بصرف النظر عن التحليلات المتنوعة جاء  للتبرير التحالف والانسياق  مع الكيان الصهيوني وتمرير التطبيع  على شعوب المنطقة   وليس له هدف آخر مهما تعددت الحجج  والمبررات  وهو ما ستكشفه الأيام بأتم الوضوح    .

بقلم مسعود احمد بيت سعيد

masoudahmed58@gmail.com

Exit mobile version