ناصر قنديل
– يُكتب للرئيس السوريّ بشار الأسد أنه كان هدفاً لحرب مفتوحة من القيادتين الأميركية والإسرائيلية منذ عام 2003 بعد موقف قومي ووطني يعتز به كل عربي عبر عنه الرئيس الأسد في قمة شرم الشيخ العربية برفض الغزو الأميركيّ للعراق فاضحاً مواقف الذين قدّموا التغطية للاحتلال وترجمه بموقف شجاع مقدام استثنائي خلال لقائه بوزير الخارجية الأميركية كولن باول بعد احتلال بغداد رفض فيه الإملاءات الأميركيّة بفك العلاقة بقوى المقاومة.
– بعد النتائج التي ترتبت على التحقيقات التي طالت اغتيال الرئيس رفيق الحريري بات ثابتاً أن الاتهام الذي طال سورية كان جزءاً من الحرب المفتوحة على الرئيس الأسد. وبعد المسار اللبناني والإقليمي والدولي الذي تم بناؤه على الاغيتال بات واضحاً أكثر ان الاغتيال نفسه كان ضمن خطة هادفة لحصار سورية والمقاومة واستهدافهما وإطلاق مناخ من الفتن المذهبية الهادفة لتفكيك الساحتين اللبنانية والسورية، وذلك كله لمنع سورية والمقاومة من تشكيل معادلة قوة كان قد التزمها الرئيس الأسد بوجه الهيمنة الأميركية والعدوانية الإسرائيلية.
– جاءت حرب تموز 2006 لتقدّم صورة نموذجية عن الموقع الفعلي للرئيس الأسد ولسورية وجيشها من مشروع المقاومة بوجه كيان الاحتلال، ويعرف القاصي والداني أن جسر الإمداد السوري خلال الحرب كان تحت عنوان نحن شركاء في هذه الحرب وجاهزون لخوض غمارها إذا رأت المقاومة الحاجة لذلك، وأن المستودعات السورية فتحت للمقاومة من دون قيد أو شرط على نوعية السلاح المطلوب أو كميات هذه الأسلحة، وأن الكثير من عمليات الإمداد تمّ بأيدي الضباط والجنود السوريين وتضحياتهم، وأحياناً كثيرة سيراً على الأقدام تحت النار.
– بالإضافة لمنظومة الصواريخ التي تساقطت فوق مواقع الكيان خلال الحرب شكلت صواريخ الكورنيت التي اشتراها الجيش السوري من روسيا، عنصراً حاسماً في إحداث التحوّل النوعي في مسار الحرب، بنجاح المقاومة بمنع جيش الاحتلال من اجتياز خط الحدود، وتحقيق إنجاز بحجم مجازر الدبابات التي أسقطت أسطورة الميركافا، وقد أخذ الرئيس الأسد قراراً تاريخياً بحجم مجازفة عندما سلم هذه الصواريخ للمقاومة، وهو يعلم التبعات بكل اتجاهاتها، متقدماً كفارس عربي في صفوف قادة تاريخيّين أخذوا على عاتقهم هزّ جذور ثبات كيان الاحتلال، ودقّ باب أزمة وجود تعصف بهذا الكيان اليوم بفضل ما بدأ منذ الانتصار التاريخي في حرب تموز، التي اختصر السيد حسن نصرالله معادلتها بالقول، لولا سورية حافظ الأسد وسورية بشار الأسد لما كان هذا النصر في تموز.
– في حوار العام الذي أجرته قناة الميادين مع السيد نصرالله كشف عن سرّ كبير من أسرار الموقف التاريخي لقائد مقاوم هو الرئيس بشار الأسد، فما قاله السيد نصرالله ليس عادياً ولا بسيطاً، فإرسال صواريخ الكورنيت الى المقاومة الفلسطينية هو الذي أسقط خطط الغزو البرّي لمواقع المقاومة في حرب 2008 و2009 وتالياً في الحروب التي تبعتها، ويعرف الرئيس الأسد تبعات هذا القرار وأبعاده، ويكشف لنا أنه كان يضع دائماً أولوية لموقع سورية في المنطقة، كما رسمه وخطط له، وهي أولوية تقدّم مشروع المقاومة، وزعزعة معادلة القوة التي بناها كيان الاحتلال بمساندة التخلي العربي عن فلسطين، لتكون سورية العربي الوحيد الذي ينتصر لفلسطين مهما كان الثمن، وربما يكون هذا سبباً إضافياً للشعور بالمرارة والألم لبعض المواقف التي اتخذها قادة فلسطينيون خلال الحرب على سورية وهم يعلمون عنها هذه المواقف التي لم يكن يعلمها أحد، خصوصاً المواطنين العرب والفلسطينيين لو لم يكشف عنها قائد تاريخي آخر هو السيد حسن نصرالله.
– بعض المناضلين الفلسطينيين الصادقين الذين وقفوا مع سورية بوجه الحرب التي شنّت عليها منذ الأيام الأولى ولم تلتبس عليهم الصورة، وعلموا بقضية الكورنيت من حديث السيد، قالوا كنا نخجل مما قام به بعض أخوتنا في قيادة بعض الفصائل ونحن لا نعلم، فكيف تغمض جفون البعض وهو يعلم، فكيف إن كان هو مَن أشرف على تسلّم هذه الصواريخ؟
صحيفة البناء