الدكتور حسن احمد حسن لوكالة فارس : الصناعات الصاروخية الإيرانية ضمان للأمن والإستقرار

إعتبر الباحث السوري في الشؤون الجيوسياسية والدراسات الاستراتيجية حسن أحمد حسن الوجود العسكري الأمريكي والأطلسي في المنطقة مكرسا لحماية الكيان الصهيوني وهذا ما يهدد الأمن والاستقرار، معتبرا الصناعات الصاروخية الإيرانية المتقدمة بأنها حصانة وضمان لترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة.

وعلّق حسن في حوار مع وكالة انباء فارس على إدعاءات المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماتيو ميلر الذي قال بان تطوير إيران لصواريخ باليستية يشكّل تهديداً خطيرا للأمن الإقليمي والدولي قائلا: قد تكون  من المرات القليلة التي يكون فيها الموقف الأمريكي صادقاً مع نفسه كحد أدنى، فهم فعلاً قلقون، وعليهم أن يبقوا قلقين، وليس هذا فحسب، بل المتوقع أن ينتقلوا من مرحلة القلق إلى مرحلة التوتر والاضطراب، وتشوش الرؤية وفقدان البوصلة، وهذه رسالة جديدة مهمة من الرسائل التي تتضمنها إزاحة الستار عن أي إنجاز تحققه العقلية والإرادة الإيرانية العصية على الترويض و المصادرة.

وأكد حسن أحمد حسن: سبب القلق لا يتعلق بالخشية من إقدام إيران على فعل أي أمر يخالف القانون الدولي أو أعراف المجتمع الإنساني وقيمه وأخلاقياته التي ترفض الاعتداء على الآخرين، فالجميع يعلم أن إيران تعمل على إرساء أسس الأمن والاستقرار واحترام سيادة الدول وحقوق الشعوب في الدفاع عن مقدراتها ومصالحها الوطنية والقومية العليا، وبالتالي فان السبب الجوهري والحقيقي للقلق الأمريكي يعود إلى اليقين التام بعدوانية السياسة الأمريكية تجاه المنطقة والعالم، واتضاح حقيقة انحسار القدرة الكفيلة بتحصين تلك العدوانية والحفاظ على الهيبة والنفوذ، وبسط السيطرة والهيمنة على دول المنطقة اعتماداً على الجبروت العسكري التدميري الأمريكي المنتشر في شتى أصقاع الكون، ولا شك أن الإعلان عن فتوحات مستمرة ومتواصلة في مجال التصنيع الصاروخي الإيراني يعني تحييد ما تخيف به واشنطن دول المنطقة وشعوبها، وهذا يعني وضع حد للعربدة الأمريكية المنفلتة من كل عقال، ومن المسلّم به أن كل ما ذكر يقلق الإدارات الأمريكية المتعاقبة، جمهورية كانت أم ديمقراطية.

وأكمل الباحث السوري بالقول: بقي أن أشير إلى نقطة مهمة تتعلق بدور إيران في زعزعة الاستقرار أو ترسيخه في المنطقة، وهذا يتوقف على الزاوية التي ينظر منها المهتم والمتابع، فبكل تأكيد كل من يرى في الوجود الأمريكي قدراً لا يمكن الوقوف بطريقه ولا مواجهته سيرى في الإنجازات العسكرية الإيرانية مصدر تهديد للاستقرار وفق المفهوم الأمريكي الذي يتضمن التبعية التامة والانبطاح تحت حذاء اليانكي الأمريكي ومن يقيمون أمجادهم على جثث ضحاياهم الأبرياء في أربعة أصقاع الدنيا، أما من يقف مع أنصار الكرامة والسيادة وحق الشعوب في اختيار نموذج الحياة الذي يناسبها، والدفاع عن مصالحها وسيادتها وفق منطق القانون الدولي وميثاق المنظمة الدولية فسيرى في رفع إيران لراية المقاومة والتصدي للجبروت الصهيو ـ أمريكي أساساً لضمان الاستقرار والسلام في المنطقة، لأن كل هدوء لا يلغي الظلم والتطاول على حقوق الآخرين وحرياتهم ومحاولة سلب إرادتهم هو استقرار خادع وهش وغير قابل للديمومة والاستمرارية، فالطبيعة البشرية والفطرة التي فطر الله الناس عليها  تعني التسليم بحق الحياة الكريمة، والانطلاق من الندية والحقوق الذاتية للشعوب والدول، إذ لا يحق لأية جهة خارجية التدخل بها.

وواصل أحمد حسن حديثه بسؤال وقال: السؤال الموضوعي والشرعي الذي يطرح نفسه هو: هل إيران وأساطيلها وصواريخها موجودة في المياه الدولية القريبة من الولايات المتحدة الأمريكية، أم أن الأساطيل البحرية والبوارج والمدمرات وحاملات الطائرات الأمريكية هي المنتشرة في أعالي البحار والمحيطات وفي القارات الخمس، وإذ كان هدف أمريكا الاستقرار والسلام، فلماذا لا تستبدل البوارج العسكرية والأساطيل الحربية والغواصات النووية بأساطيل عليها  المشافي والمختبرات العلمية والمساعدات الطبية والمجتمعية والعلمية والخدمية التي تحتاجها الشعوب؟ ولماذا لا ترسل الأطباء والمهندسين وعلماء الاجتماع والسياسة وغيرهم إلى الدول التي تنطوي تحت عباءتها بدلاً من الجنرالات وقوات الكوماندس  والاستخبارات وترسانات الأسلحة التي لا تحمل إلا معاني القتل والقهر وسرقة الثروت والمقدرات، ولو ان 1% من الإنفاق العسكري الأمريكي يتم تخصيصه للقضاء على الأمية لما بقي أميٌّ في العالم كله، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالبطالة والضمان الصحي وغير ذلك من جوانب تحتاجها البشرية جمعاء.

وأضاف: باختصار شديد الوجود العسكري الأمريكي والأطلسي في المنطقة مكرس لحماية الكيان الصهيوني وضمان بقائه وتحكمه بدول المنطقة وشعوبها، ومصادرة إرادة الدول والشعوب وهذا ما يهدد الأمن والاستقرار، وما يتم الإعلان عنه رسمياً من صناعات حربية إيرانية متقدمة هو حصانة وضمان لترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة وليس لعكس.

 وفيما يخص بإمتلاك ايران الصواريخ وألا يحق لها أن تملك الصواريخ دفاعا عن نفسها بسبب وجود دول مسلحة حولها؟ قال هذا الباحث في الشؤون الجيوسياسية والدراسات الاستراتيجية:كل ما يتعلق بالموقف الأمريكي من إيران بعيد كل البعد عن أي موضوع له صلة بالحق والقانون، فالاصطفاف الجيوبوليتكي الخاص الذي فرضته الثورة الإيرانية منذ انطلاقتها منحها زخماً وفاعلية فرضت على واشنطن الندية في التعامل، في وقت كانت واشنطن تضع اللمسات الأخيرة على مشروع إسقاط الندية بكليتها على مستوى العالم من حسابات الإستراتيجية الأمريكية منذ ما قبل انهيار الاتحاد السوفييتي.

وإستمر قائلا: جاء الرد الأمريكي المباشر  والمتهور بعيداً كل البعد عن منطلقات التفكير الاستراتيجي حيث تم إعلان العداوة الصريحة والكلية تجاه إيران الثورة، وهذا ما ثبَّتَ معادلة الندية بكل أبعادها بين واشنطن وطهران، وبذلك حققت ثورة الامام الخميني الراحل أول نجاح إستراتيجي على الساحة الدولية، وهذا الاختراق المهني الرفيع الذي أحرزته الثورة في مرمى الدبلوماسية الأمريكية منح طهران قصب السبق، وتوجيه الصفعة الأولى الأشد إيلاماً لواشنطن التي بقيت تهرول للحاق بالقاطرة الإيرانية التي تابعت مسارها بثقة وتصميم، وبمنأى عن خطر تجاوزها، وهذا ما يميز الإستراتيجية الإيرانية عن إستراتيجيات بقية الدول التي تسعى للرد على العدوانية الأمريكية وتفشل، إذ لا تكاد تصل إلى الموقع الذي تستطيع منه الرد إلا ويكون الدهاء الأمريكي قد حوله إلى مرحلة سابقة وقطع أشواطاً في المرحلة التالية، وطهران عكست الصورة تماماً.

وأضاف بالقول: فالأمريكي وكل من يدور في فلكه يسعى لقطع الطريق أمام القطار الإيراني لكنه في كل مرحلة يعمد فيها لتخريب السكة الحديدية يكون القطار الإيراني قد تجاوزها بأشواط، وهكذا يبقى الأداء الأمريكي رغم عدوانيته غير المحدودية في إطار رد لفعل، وليس الفعل، ولأن ردود الفعل العدوانية محكومة بالفشل يكون التعويض بتسويق الأكاذيب والاتهامات الباطلة وتكثيفها لإشغال الإيراني بالرد.

وكما أوضح: لكن الرد الإيراني المباشر يحتل المرتبة الثانية أو الثالثة، لأن المرتبة الأولى محجوزة للإنجاز  بغض النظر عن حجم الأخطار والتهديدات فمراكمة أوراق القوة الذاتية وعواملها الموضوعية كفيلة بتحييد الكثير من التهديدات وتحويل الكثير من التحديات إلى فرص تشكل تهديدات جدية للهيبة الأمريكية فتتآكل ذاتياً في ساحة المواجهة المفتوحة مع إيران،

وصرح أحمد حسن: بالتالي ما تروجه واشنطن من تضليل إستراتيجي وتصوير الفتوحات الإيرانية غير المسبوقة في ميدان الصناعة العسكرية الثقيلة لا علاقة له بحق أو غير حق، ولا بالدفاع عن النفس والمصالح العليا أو الأمن لقومي الذاتي لهذه الدولة أو تلك، بل يتعلق بالغطرسة الأمريكية والأطلسية المكرسة لضمان بقاء كيان الاحتلال الصهيوني غدة سرطانية تتمدد في المنطقة على حساب حقوق الشعوب والدول.

وفي ختام تصريحه أكد الباحث السوري على أن القانون الدولي بكليته مشلول الإرادة أمام العدوانية الأمريكية الرافضة التخلي عن الأحادية القطبية المتعثرة والمترنحة أمام صعود محور المقاومة وتجذره وانتشار تأثيره أفقياً وعمودياً، ويبدو أن عقلية راعي البقر(cowboy) المسيطرة على مفاصل صنع السياسة الأمريكية لا تستطيع تقبل فكرة أنه يوجد من يستطيع أن يقول “لا” للتبعية، و”لا” للذلة، و”لا” للخضوع لما يريده أعداء الله والإنسانية، وإيران تقول كل ذلك جهاراً نهاراً، وتجسد قناعاتها بشكل عملي عبر سلسلة لا تنتهي من الإنجازات النوعية التي طالت شتى جوانب التصنيع العسكري الثقيل تاركة لواشنطن ومن يستظل مسارها حرية رفع الصوت والشكوى والتنديد كما يحلو لهم، فالقافلة تسير رغم عواء ذئاب الليل وفحيح الأفاعي.

هذا وقد ازيح الستار يوم الخميس الماضي عن صاروخ “خرمشهر 4” بحضور وزير الدفاع الايراني العميد محمد رضا آشتياني وتم اطلاق اسم “خيبر” على هذا الجيل الجديد من فئة صواريخ خرمشهر ، ويبلغ مداه  2000 كلم، وزنة رأسه الحربي 1500 كغم وبطول 4 امتار، حيث يعد الرأس الاضخم من نوعه المنتج في البلاد.

ويبلغ طول الصاروخ (13 مترا) وبهدف ايجاد القابلية التكتيكية مزود بمحرك ” أروند” المحلي الصنع احد أطور محركات الصواريخ الذي تعمل بالوقود “ذاتية الاشتعال” ، كما ان هذا الصاروخ هو من فئة الصواريخ النقطوية “دقيقة الاصابة” ولا يحتاج الى التحكم والتوجيه في مرحلته النهائية من الانقضاض على هدفه.

الحوار:  معصومة فروزان

Exit mobile version