الدكتور شادي احمد | باحث سوري في الشؤون الإقتصادية
1- استطاعت سورية منذ بداية الاستقلال السياسي أن تبني لنفسها مساراً و نموذجاً اقتصادياً مستقلاً على الرغم من تباين النماذج السياسية و الأنظمة الاقتصادية التي حكمت سورية.. إلا أن القاسم المشترك بينها كلها.. كان استقلالية القرار الاقتصادي و السياسات الاقتصادية..
لدرجة أن العديد من الانقلابات العسكرية و السياسية كان على خلفية محاولات ربط أو رهن الاقتصاد السوري لجهات خارجية أو إقليمية..
2- لم يعتمد الاقتصاد السوري يوماً على الدعم الخارجي ك عامل اقتصادي حاسم إلا بالحدود المقبولة و الطبيعية لأي اقتصاد و كان ذلك في فترة نهاية السبعينيات (بعد حرب تشرين) من قبل بعض دول الخليج العربي و الاتحاد السوفيتي..
3- شهد الاقتصاد السوري ثلاث طفرات اقتصادية خلال نصف القرن الماضي… (و بغض النظر عن تقييمنا لها) و لكنها لم تُحمل اقتصادنا أي تبعية أو ارتهان أو ارتكاز أو اتكالية… و هنا تركيز على كلمة (اتكالية..)
4- التحدي الأكبر الذي يواجهه الاقتصاد السوري (بكل تاريخه) هو تحدي إعادة الإعمار و النهوض الاقتصادي حالياً لأنه الأكثر احتياجاً للتمويل الخارجي و التعاون الدولي، لاسيما بأن الكتل الأربعة الرئيسية للتمويل الدولي انقسمت خلال الحرب إلى (كتلتين معاديتين و كتلة محايدة نظرياً و كتلة مترددة اقتصادياً)… (لدى مقالة سابقة تفصيلية منشورة على صفحتي)
5- في السياسة قاعدة تقول.. لا توجد صداقات دائمة و لا عداوات دائمة.. كذلك في الاقتصاد.. بل ربما هذه القاعدة أوضح بالاقتصاد أكثر… و لكن الاختلاف.. ان الدولة يجب أن تتفاوض اقتصادياً مع الصديق (أو الذي أصبح صديق) بذات الصلابة و التشدد الذي يجب أن تتفاوض فيه مع العدو (الذي قد يصبح صديق)
6- حاجة الآخر لأن يقدم لك مالاً أو رؤوس أموال.. لا تقل عن حاجتك لهذه الأموال (قاعدة اقتصادية أصيلة.. و قد تكون مُستغربة) و من خلال الفهم العميق لهذه القاعدة مع قدرات تفاوضية عالية.. يمكن للطرف الذي يحتاج للتمويل و للعلاقات الاقتصادية ان يفرض (شروطه) بشكل يماثل شروط الطرف الثاني الذي يملك القوة المالية… (و هنا مفتاح القضية كلها الذي (قد) يبدو غريباً)
7- من سوف يستثمر لدينا أو سوف يقدم (مساعدات) أو يبني استثمارات مشتركة أو يدعم مشاريع حكومية/خاصة.. هو طرف يهمه في نهاية الأمر أن يربح… (ربح سياسي أو ربح اقتصادي) و لن يهمه (بالتأكيد) أن تنعكس النتائج الاقتصادية العامة إلى نتائج ملموسة على المستوى المعيشي للمواطنين..
8- الفكرة الأخيرة تحديداً هي من أهم المهام الحكومية… و هي كيف يتم بناء و تصميم نماذج التعاون الاقتصادي مع الأطراف الخارجية الأخرى بحيث تكون قدرة الحكومة كبيرة في إمكانية تحويل اي نجاح إلى واقع معيشي ملموس و في درء المجتمع من تداعيات اي إخفاق أو آثار سلبية..
9- واجب الاعلام و الاعلام الاقتصادي (تحديداً).. ان يؤسس لخطاب مختلف مع المواطن قائم على المصارحة و الشفافية…. و إلا ستكون الخيبة كبيرة.. و الخيبة أسوأ من الهزيمة.