الدكتورة نازك بدير | استاذة جامعية وباحثة اكاديمية
{طموحاتك كبيرة}، {ولكنّها ليست مستحيلة}. هكذا ردّ الرّئيس ميقاتي على الرّئيس ماكرون خلال زيارته الرسميّة إلى قصر الإليزيه بعد نيل الثّقة. وكان الوعد الفرنسي بتقديم الدّعم مقرونًا بشرْط تطبيق الإصلاحات.
في ظلّ السّلام {الهشّ} الذي تعيشه أوروبا، وعدم تمكّنها من الاعتماد الكليّ على نفسها للدّفاع عن سيادتها، أتستطيع باريس الغارقة في أزماتها (صفقة الغوّاصات التي أُلغيت مع أستراليا/ الانتخابات الرّئاسيّة في مايو المقبل/ تصدّعات حلف شمال الأطلسي العائم في موت سريريّ) إيجادَ حلٍّ للمعضلة اللبنانيّة؟ ما تريده فرنسا من حلف النّاتو، ومن الأميركيّين، هو ضمان أمْن القارة الأوروبيّة، على حدّ تعبير الباحث السياسيّ الألماني {ألكسندر راهر}.
ولكن، إذا أصبح النّاتو على طريق التّفتّت، والأميركيّون لا يؤتمن جانبهم (توجيه الصّفعة إلى الفرنسيّين) هل يكون الانفتاح على الأمّ الحنون بمثابة نافذة على الدّول الأوروبيّة، وجواز سفر باتّجاه صندوق النّقد الدّوليّ؟ هل ستتمكّن الحكومة من استئناف عمليّة التّفاوض معه، وتاليًا، من لجْم الانهيار الاقتصادي؟ أمّا بالنّسبة إلى الإشراف على الانتخابات النيابيّة في مارس 2022 – النّسخة المتحوّرة عن سابقاتها- فلا شيء أبسط من أن تصل الطّبقة نفسها إلى السّلطة.
هل تمتلك العاصمة الفرنسيّة عصا سحريّة تغيّر مصير بلاد الأرز؟ لعلّ تحالفات الفاسدين في لبنان أكثر حنكة، وأشدّ دهاءً من الدّور الذي يطمح إليه رئيس الإليزيه عشيّة الانتخابات الفرنسيّة المقبلة. واليوم يُعرِب عن دعمه لحكومة ميقاتي. لكن، كيف ستتمّ ترجمة هذا الوعد على أرض الواقع؟
لا أحد ينكر أنّ لبنان يحتاج إلى عناية فائقة- كما جرت العادة منذ تأسيسه – لكن هل فرنسا، خلال هذه المرحلة من تاريخها، قادرة على تأدية هذه الغاية؟ أم أنّها تفتقر إلى مَن يقيلها من عثرتها؟ أيقف الرّئيس ماكرون على أرض صلبة عندما يَعِد بمساندة لبنان؟ وإلى أيّ حدٍّ هو قادر- بما يمثّل- على تقديم الدّعم للخروج من الأزمة الاقتصاديّة؟ أليس من الأجدى أن تكثّف الحكومة مساعيها، وتتّجه نحو الدّول العربيّة الشّقيقة التي أعادت قراءة خرائط المنطقة، وتبادر(حكومتنا) إلى تعزيز العلاقات معها، وإعادة بناء الجسور بدلّا من الرّهان على صفقة غوّاصات مثقوبة؟.