الحزب ليس شيعياً فقط
رندلى جبور | كاتبة واعلامية لبنانية
أرادوه حصاراً على حزب الله، فحاصروا لبنان كلّه بينما استطاع حزب الله أن يحافظ على قوّته ويزيد، وعلى النواة الصلبة في بيئته، بل أبعد من ذلك، تراه بات حاضراً أكثر في البيئات الأخرى، بعكس ما قد يعتقد البعض ويشتهي البعض الآخر.
وتشير معلومات Media Factory News إلى أنّ اجتماعات عبر الشاشة يعقدها السيد حسن نصرالله شخصياً مع مجموعات غير شيعية في مناطق ليست محسوبة على الثنائي، بل هي تشكّل في بعض الأحيان عمق بيئة تيار المستقبل، ويتعدّى الحضور الألف في كلّ لقاء.
هذا الحضور تقول المصادر، ليس من باب الإختراق أو الهيمنة أو السيطرة بل من باب أنّ كلّ الوطن هو للكلّ، وأنّه حيثما يستطيع حزب الله أن يساعد اللبنانيين سيكون، خصوصاً في زمنٍ صعب كالذي نعيشه، إذ تتوالد الأزمات وتتكاثر بخصوبة معزّزة بالمقويّات الخارجية والداخلية. فبعض الخارج، وبحجّة حزب الله، يشنّ حربه الإقتصادية على لبنان لتركيعه. وبعض الداخل يتواطأ مع هذا الخارج ظنّاً منه أن يضرب خصمه في السياسة فإذ به يضرب قلب الوطن.
يتعامل حزب الله بالكثير من الرويّة والحكمة مع البيئات المختلفة. هو لا يريد أكثر من الشراكة والتعاون تحت ثوابت أساسية وعلى رأسها المقاومة، وأن يخفّف من وطأة شيطنته وتصويره بخلاف ما هو عليه، وأن يقف إلى جانب اللبنانيين في محنهم على قدر المستطاع. وحتى داخل بيئته، يتعامل بهدوء بعيد من الإنفعال والشعبوية، حرصاً على الوحدة التي إذا تزعزت، نقع في المحظور، باعتقاده.
لحزب الله وفق المصادر خطوط حمر، أبرزها الوحدة الشيعية والوحدة الوطنية. هو لا يريد خطوط تماس في الداخل ولا في داخل الداخل. هو يريد لتفاهم مار مخايل بأبعاده المتعلّقة بالإستقرار والسّلم الأهلي أن يكون البوصلة. ولو أراد أن ينجرّ لأيّ فتنة، لكان انجرّ في خلدة وغيرها الكثير، ولو كان هو المتحكّم بالبلد لكان على الأقل استطاع إقالة قاضٍ، كما يقولون.
يأخذ الحزب من إيران أكثر ما يأخذ، البرودة والتمهّل في ردّات الفعل، رغم الحملات المكثّفة عليه أو على الأصدقاء بسببه. وإذا كان بعض الإعلام جعله في نظر البعض صاحب فكر متطرّف ومشروع سيطرة على البلد وأخذه إلى محور دون آخر، إلّا أنّه على أرض الواقع بحسب المعطيات، بات يستقطب كثيرين من خارج الجنوب والبقاع. الإقليم في الشوف شاهد، وكذلك مناطق أخرى. ألمازوت الإيراني فعل فعلاً إيجابياً حتى في عكار مثلاً، وكذلك المساعدات الإجتماعية التي حملها إلى خارج مناطقه، لا ليكسب شعبية لأنّه يملك منها ما يكفي، بل لينفتح على الآخر الذي أخذته السياسة والإعلام بعيداً، فردّه التعاطي الإنساني معه.
الكلام في اللقاءات يشمل كلّ شيء بما فيه الإنتخابات النيابية. وتسجِّل بعض الأصوات عتباً على بعض التحالفات الثابتة التي هي من المسلّمات بالنسبة للحزب، وتدعو إلى تغيير ما. وقد تترجم عتبها في الصناديق لإيصال رسالة، ولكنّها تُجمع على أنّ خطّ المقاومة هو الخطّ المستقيم الذي تسير عليه في الصورة الأوسع، بغضّ النظر عن بعض تفاصيل السياسة الداخلية.
وبالتالي، إذا كانت هيكلية المقاومة وكوادرها هي بمعظمها الساحقة من الشيعة، إلّا أنّ سراياها باتت تضمّ من الجميع وهي آخذة في التوسّع، والأرقام موجودة وبالخلاصة فإنّ حزب الله ليس شيعياً فقط. وإذا كان بعض الخارج جدّياً في حربه على الحزب، فليتوقّف جدّياً عند النتائج التي تأتي عكسية، وإذا كان هذا الخارج فعلاً لا يريد للبنان أن يكون في محور، فعليه تغيير استراتيجيته، لأنّه هو مَن يدفع بلبنان إلى هذا المكان.