كتاب الموقع

الحريري من دار الفتوى: خسرنا المراهنات الإقليمية .. وسنعيد تموضعنا الجديد مع الثنائي الشيعي

حسان الحسن | كاتب واعلامي

لا جديد في الشأن الحكومي، سوى نجاح وساطة حزب الله لدى أطراف النزاع المعنيين في هذا الشأن، في إرساء هدنة إعلامية بين هؤلاء الأطراف. ولكن من دون تحقيق أي تقدمٍ يذكر على صعيد عملية تأليف الحكومة المرتقبة، بحسب تأكيد مصادر عليمة.
وتلفت الى أن المملكة السعودية لم ترفع “الفيتو” عن الرئيس المكلّف سعد الحريري، كي يمضي قدماً في عملية “التأليف” المنتظرة، وهو  بدوره غير قادرٍ على تخطي هذا “الفيتو” . وفي الوقت عينه تجزم المصادر أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يستسلم للفراغ الحكومي، وسيواجهه بمختلف الوسائل الدستورية وغير الدستورية المتاحة للرئيس، لإنهاء هذا الفراغ، وتأليف “حكومة مهمة”، تشرع في العمل على الحد من الإنهيار، والبدء في عملية النهوض المرتجاة، وسط الأزمة المعيشية الخانقة وغير المسبوقة، التي تمر بها البلاد. وهنا يقول مرجع في فريق الثامن من آذار، “صحيح ان حزب الله يحاول تدوير الزوايا بين الأفرقاء المعنيين من أجل التوصل الى إتفاق، يفضي الى ولادة حكومةٍ عتيدةٍ، غير أنه أي (الحزب) لن يسمح قطعاً بمحاولات الإلتفاف على رئيس الجمهورية، كذلك تأزيم العلاقة بين “الحزب” والنائب جبران باسيل، تحت أي ظرفٍ من الظروف”.

وفي هذا الصدد، يؤكد مصدر في تكتل لبنان القوي، أن فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر منفتحان على مساعي التهدئة والمبادرات الرامية الى تأليف حكومةٍ جديدةٍ، لافتاً الى أن هذا الفريق، قدّم كل التسهيلات المطلوبة من أجل ولادة الحكومة المرجوة، خصوصاً في شأن “عقدة تسمية الوزيرين المسيحيين”، والتخلي عن وزارة الطاقة، معتبراً  أنه كان لدى الرئيس المكلّف نية جدية، لتأليف حكومة، لكان وافق على أحد الإقتراحات التي قدمها “التيار”، لحل هذه العقدة، أبرزها قيام رئيس الحكومة المكلف بعرض مروحة من الإسماء المرشحة للتوزير على رئيس الجمهورية، يتم إنتقاء إسمي الوزيرين المسيحيين من هذه الأسماء، بالتوافق بين الرئيسيّن، وذلك عملاً بأحكام الدستور .

ويختم المصدر بالقول : “إستجبنا لوساطات التهدئة، ومنفتحون على مختلف المبادرات والحلول الإنقاذية، والكرة الآن في ملعب الحريري ومن خلفه”.

ويتلاقى هذا الموقف، مع ما كشفه مرجع إسلامي من مداولات دارت بين الحريري والمجتمعين في لقاء دار الفتوى الأخير، حيث أكد الرئيس المكلّف على أربع ثوابت أساسية، وهي:

أولاً – فشل المراهنات الإقليمية لفريقه، خصوصاً على حدوث تغيير إقليمي، يؤدي الى إسقاط الحكم في سورية، وضرب إيران، وتطويق المقاومة في لبنان.

ثانياً – لقد حقق محور المقاومة وحزب الله إنتصاراً في المنطقة، وسينعكس ذلك على الأوضاع في لبنان وحتماً، سيذهب محور المقاومة، الى ترجمة هذا الإنتصار في الواقع السياسي في المرحلة المقبلة.

ثالثاً –  سأعتذر عن تكليفي تشكيل حكومة جديدة، في التوقيت المناسب، وبالتنسيق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وممثلي الطائفة السنية، نظراً لدقة الأوضاع في لبنان وصعوبتها، خصوصاُ خطورة الأوضاع المالية.

رابعاً – سأتفرغ للإنتخابات النيابية المقبلة، ولترتيب “البيت السني” الداخلي، وقد أخوضها بالتحالف مع بري كونه الحليف الأساسي للحريري، اللذين إندمجا في حلفٍ موحدٍ ضد رئيس الجمهورية، ودائماً بحسب معلومات المرجع الإسلامي وأقواله.

وهنا يبدو أن رئيس “المستقبل” قرأ بهدوءٍ حقيقة المتغيرات الإقليمية، فإتخذ قراراً  باعادة تموضعه السياسي في لبنان، خصوصاً وسط عدم رضى السعودية عن أداء الأخير، كذلك غياب الدعم الدولي له.
ولاريب أن هذا التموضع، أدى الى تحولٍ في الخلاف السني – الشيعي في لبنان، ومحاولة الثنائي بري – الحريري،  استغلال هذا التحول، وحرفه الى خلاف طائفيٍ، في شان الصلاحيات الدستورية، تحديداً بين الرئاستين الأولى والثالثة.
ويعتبر المرجع الإسلامي عينه، أن تموضع الحريري الجديد، حتماً سيكون موضع ترحيب من الثنائي الشيعي، وحزب الله تحديداً، لأنه يسهم في إطفاء شرارة أي صراعٍ مذهبيٍ في لبنان، والأكثر من ذلك أن الحريري، ربط إتخاذه لأي قرارٍ حكومي، بالتنسيق مع بري، أحد اركان الثنائي، ناهيك بأن “الحزب”، قد يطرح مسألة التخلي عن الحريري، في اي عملية تفاوض مرتقبة، في شأن رسم المشهد السياسي الجديد في المنطقة، خصوصاً بين محور المقاومة والسعودية، يختم المرجع. وتعقيباً على على هذه المعلومات الواردة آنفاً، ترفض مصادر إسلامية سنية قريبة من تيار المستقبل، التعليق على ماورد من معلومات مسربة من دار الفتوى، وتقول : ” الأولوية اليوم لتأليف “حكومة مهمة” قادرة على التخفيف من معاناة اللبنانيين، وإذلالهم ، لاغير  ذلك”
وعن المشهد السياسي والوضع الاجتماعي المتوقعيّن في المدى المنظور، لا ترى مصادر سياسية رفيعة إمكان حدوث تغيير قي الوضعين السياسي والاجتماعي، مؤكدة أن المحور الغربي، سيدخل على خط الإنتخابات النيابية المقبلة في شكلٍ مباشرٍ، في محاولةٍ لفرض موازين قوى جديدة في لبنان، لتكون على جهوزية لمواجهة حزب الله، من أجل تعزيز نفوذ هذا المحور في أي تسويةٍ مرتقبةٍ في المنطقة تشمل لبنان. وتسأل ما الهدف إذاً من صولات وجولات سفراء الدول الغربية في لبنان من أقصى شماله الى جنوبه وبقاعه؟
وتعتبر المصادر أن إنفراج الوضع المعيشي، يعيد اللبنانيين الى إصطفافاتهم الطائفبة والمذهبية في الإنتخابات النيابية المرتقبة، ولا مصلحة غربية في ذلك راهناً، تختم المصادر.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى