اخبار لبنانكتاب الموقع

الحركة التصحيحية | مسارات متجددة بمواجهة التحديات

مفيد سرحال | مدير تحرير موقع المراقب

اثنان وخمسون عاما مضت على الحركة التصحيحية التي فجرها الرئيس الراحل حافظ الأسد حاملة معها رياحا ثورية جددت الفكر وبنت وطورت وأدخلت سوريا طور الحداثة واستثمار الموارد الى اقصى حد ولازال التصحيح يجدد نفسه فما انحسر مده أو خبا ضوؤه واستحال انجازا قوميا رائدا تجاوز القطرية الضيقة بدلالة ان سوريا غدت بحق دولة الصمود الاولى ودولة المبادئ والقيم والثوابت ،دولة القضية القومية الكبرى،دولة العرب الأساس ودعامتهم الاولى،ولولا الحركة التصحيحية لما كانت التجارب الوحدوية ولما كانت حرب تشرين التحرير،ولصفيت المسألة الفلسطينية وذوت في غياهب الاذعان والنسيان،ولولا الحركة التصحيحية لكان لبنان غارقا في مستنقع الدم والاقتتال والارتهان للخارج ولاستقرت اسرائيل فيه ولما كان اتفاق الطائف كتسوية اخرست اصوات المدافع وجنون الاحتراب ووضعت اسس اصلاح النظام السياسي في لبنان ، دون ان ننسى سوريا السند والنصير والظهير للمقاومة المنتصرة في تحرير ال2000 وانتصار تموز ال2006 ولولا الحركة التصحيحية ما أجهضت مؤامرة كامب ديفيد وحوصرت ولولا الحركة التصحيحية لما صمدت سوريا بوجه اعتى المؤامرات واقسى التجارب لتغييرها مكانة ودورا محوريا في المنطقة تحت عناوين ربيع عربي مجبول بالدم والهدم والتطرف بغرض احداث فراغ يُملأ لاحقا بالابراهيميات الخادعات وسلام وهمي زائف تتبدد معه الحقوق القومية والارض والمقدسات.
وعليه لا عمر تنتهي فيه الحركة التصحيحية لان عمرها من عمر الامة ،ربطت وجودها بوجود الامة العربية وباهدافها،فهي حية مع الامة وحية مع قضيتها.
ومصداق ما سلف قول الرئيس الراحل حافظ الأسد عن الثورة انها: ((فصل متتابع متطور وارادة ثابتة في انجاز متواصل متسارع)).وصفة القائد الأصح والأدق تعبيرا لأن حافظ الأسد كان قائدا قبل ان يكون سياسيا وكما انجبت ثورة الصين ماوتسي تونغ وثورة فيتنام هوشي منه وثورة تموز جمال عبد الناصر كذلك خلقت ثورة البعث حافظ الأسد .
تلك الشخصية الاستثنائية الطالعة من وجع الجماهير الكادحة وطموح المثقفين والمشرئبة كالشهب في ليل النكسة مشبعة الفكر بشعارات ثورة الجماهير ،الثورة العربية الخلاقة من اجل البناء والتحرير والوحدة .
وعليه فإن تشرين التصحيح كحركة تطوير وبناء ونضال من اجل الحرية الانسانية والمبادئ القومية والعروبة الحضارية كان وسيبقى الحصن الحصين في وجه التمذهب والتطيف وانبعاث الخصوصيات التي أرادتها المؤامرة الكبرى على سوريا جسرا للعبور الى التشظي الجغرافي والنفسي لوأد التاريخ والحضارة الانسانية العربية كي تغدو اليد العليا للمشروع الصهيوني التطبيعي بعد ان تدنت وظيفة الكيان الزائل جراء الجهد المقاوم في لبنان وفلسطين المنتفضة والصمود الاسطوري للجيش العربي السوري بقيادة الرئيس بشار حافظ الأسد.
من وحي هذا التصحيح الثوري تتجه الانظار الى الساحة اللبنانية التي تشهد انبعاثا  لحركة البعث في لبنان تتمظهر على الارض ادارة  وتنظيما متحفزا لدور مركزي على الساحة الوطنية اللبنانية يبدد الانطباع النمطي المسكون بمقولة ان البعث كتنظيم حزبي شغل موقعه السياسي في المشهد اللبناني بوهج الوجود السوري بيد أن الجهوزية الفاعلة النشطة راهنا أتت وفق منطوق الاستجابة لشتى انواع التحديات التي تفرضها التطورات المتعاقبة وقد تنكَّب المهام قيادة شابة على رأسها الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي علي حجازي الذي ارتكز في مسؤوليته الى تجربة اعلامية غنية وناضجة في محاكاة الواقع اللبناني والعربي واستند الى المنطق الجوهري الذي هو ابن الحركة التصحيحية كنهج موضوعي في التعامل مع الواقع الحزبي والوطني العام وما تطرحه المراحل من مهام متنوعة ومتتالية في تعامل صائب لتغيير الواقع باتجاه الاهداف المرسومة لان التوقف في النسق الحركي بنظر حجازي:تقهقر وانكفاء وغياب عن صفحة ومسار التاريخ والعمل الوطني الجاد نحو المستقبل.
وحقيقة انشغل المراقبون بالعمل الجاد والحثيث للامين العام علي حجازي الذي يسعى مع قيادته الجديدة حجز مقعد للبعث في الصف الامامي للقوى والاحزاب الوطنية والقومية مستفيدا من الظروف والاستعدادات الذاتية مؤكدا ان البعث كحركة قومية لازال قادرا من خلال الفكر الوحدوي الثوري التحرري على اجتذاب النخب والمثقفين والجماهير الكادحة التواقة للعدل السياسي والحقوقي.
ومما لا شك فيه وجود قواعد تاريخية ثابتة لحزب البعث في لبنان منذ ثلاثينيات القرن الماضي مشفوعة بسيرة نضالية غنية بالمواقف والمحطات المضيئة ترسخت رغم زمهرير الاصطفافات الطائفية والمذهبية ، عابرة الطوائف والمناطق متسلحة بعقيدة ثابتة وايمان ووعي والتزام ودفعت ضريبة ايمانها بشجاعة وسخاء وزهد.
بالمقابل استمر تداول السلطة على مستوى القيادة الحزبية ولا احد يستطيع ان ينفي ما اعتورها من تصدعات وتجاذبات وخلل تنظيمي واداري وانقسامات وهذا امر بديهي وطبيعي في الاحزاب التاريخية التي تشهد اعادة تقييم للتجربة بعين ناقدة .
ونظرا لانتشار البعثيين في كل المناطق اللبنانية وانعكاسهم من حيث الانتماءات الاولية لمجمل الوان الطيف العائلي والطائفي والمذهبي فان جهد حجازي كان بالدرجة الاولى ينصب على لم شمل الحزب والتواصل مع القيادات المعتكفة او تلك الحائرة وكذلك على اعادة ترميم وتوليف الشُّعب الحزبية في المناطق من خلال وجوه جديدة شابة ويسجل لأول مرة منذ خروج الجيش العربي السوري من لبنان التمدد الملحوظ لانشطة البعث التي حددت خلال الشهرين الحالي والقادم من السنة الحالية ولمناسبة ذكرى التصحيح في الجنوب والبقاعين الغربي والاوسط والشمالي وعكار وطرابلس واقليم الخروب وبيروت.
وهذا ان دل على شيئ فعلى ان حزب البعث في لبنان كما هو حزب قومي في الصميم كذلك هو حزب لبناني في الصميم بوجود سوريا المباشر في لبنان ومن دونها .
وينصب جهد حجازي وقيادته على دينامية استقطاب ممنهجة وعقلانية وسجلت اقبال ملحوظ
للانتساب في الفروع والشُّعب الحزبية في ظاهرة تستحق التوقف عندها كما الاعجاب في الوقت عينه لجهة الحيز الزمني الضيق في الاستنهاض كما الاجتذاب ومن كل الطوائف والمناطق لاسيما في صفوف الفئة العمرية الشبابية سيما وان حزب البعث تحول في السنوات الاخيرة الى حزب هرم ظهرت عليه بوضوح علامات الشيخوخة والترهل التنظيمي والسياسي.
في السياق يسجل للامين العام علي حجازي قصب السبق في نقل حزب البعث من حال الى حال عبر اطلاق ورشة تنظيمية هادفة تتوسل الارشاد والتوجيه الحزبي عبر آليات عمل مستحدثة وانشطة وفعاليات مكثفة بغرض تذهين الشبيبة وبث الوعي الوطني والقومي في نفوس وعقول الناشئة على ان يأتي الانتماء شفافا واضحا لا لبس فيه بعيدا عن المصالح الذاتية والانانيات ورفع العمارة البعثية مجددا بالمرتكز العقائدي استنادا الى رحابة فكر البعث ومنطلقاته النظرية واطاره المرجعي ذي المخزون الفكري العقائدي الضخم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى