فرضت الحرب “اللامتماثلة” نفسها، على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مثل كيان الإحتلال الإسرائيلي، خصوصاً في مرحلة حرب الخليج (عاصفة الصحراء) وما بعدها. حيث خلصت لجنة التقديرات في البنتاغون، إلى أن المعارك المقبلة التي ستواجهها أمريكا (اسرائيل ضمناً)، لن تخاض في شكل حرب تقليدية، تعتمد على تشكيلات العسكرية الكلاسيكية من دبابات وطائرات حربية وقطع بحرية، والتي تتفوق فيها كماً ونوعاً إلى حدٍ ما، في ظل انكفاء روسيا والصين عن ذلك، بل سيكون على شكل حرب لامتماثلة. ويعود هذا المصطلح إلى رئيس هيئة أركان القوات المشتركة الأمريكية الجنرال “هنري شلتون”، الذي عرفها بأنها التفاف طرف يعادي أمريكا حول قوتها، واستغلال نقاط ضعفها، معتمداً على وسائل تختلف كليًا عن نوع العمليات التي يمكن للجيش الأمريكي توقعها والتعامل معها. ومن أهم عناصر هذه الحرب، أن يستغل هذا الطرف طاقة الحرب النفسية، وما تسببه من مشاعر الصدمة والعجز، وسلب الروح القتالية عند القيادة والجنود على حد سواء، لكي يتمكن من امتلاك عنصر المبادرة وحرية الحركة والإرادة، بموازاة اتباع أسلوب يستخدم وسائل قتالية وتكنولوجيات مستحدثة، وتكتيكات غير تقليدية، جرى التوصل إليها بالتفكير غير الكلاسيكي (تقنية التفكير خارج الصندوق)، ليتم تطبيقه على كل مستويات الحرب، من الإستراتيجية إلى التخطيط، وانتهاءً بالعمليات. وبذلك بات هناك ثلاث أنواع من الحروب: 1)الحرب الكلاسيكية. 2) حرب العصابات. 3)الحرب اللامتماثلة. وتجدر الإشارة لهذا النوع من الحرب، عدة مصطلحات تحمل نفس المعنى أيضاً، لكن تختلف في الجهة المسمية، وابرز هذه المرادفات: _ الحرب العالمية الرابعة. _الحرب غير المقيدة. _الحرب اللامتناظرة. _الحرب غير المتوازية. خصائص الحرب اللامتماثلة بالنسبة الى نص هيئة التقديرات في البنتاغون، يتميز هذا النوع من الحرب بهذه الخصائص الأساسية: أ) ليس هناك ميدان للمعركة، يتقابل فيه الجيشان أمام بعضهم مواجهة أو بالالتفاف. ب) لا يستخدم سلاحاً متماثلاً بين الطرفين، وإن اختلفت درجات قوته. ج) لا يوجد صلة بين الفعل ورد الفعل، الذي تجري ممارسته في الحرب الكلاسيكية، على ساحة معينة يدور فوقها اتصال. د) الأمر الذي يتطلب أن تكون عملية نقل القوات أو استخدام مختلف أصناف الأسلحة، خارج أي حسابات منطقية او سيناريوهات عسكرية يمكن توقعها. وذلك من خلال حشد القوات، وسرعة الحركة، والمفاجأة، بشكل يفوق سرعة مما يحدث في الحرب الكلاسيكية. ه) هذا النوع من الحرب ليس مقيداً بمذاهب عسكرية معينة، إنما يعتمد على مصادفات المعركة، من خلال دراسة ما تطلبه المعركة من إجراءات بعناية، تجعل التنبؤ المسبق بها مهمة شاقة وعسيرة على الطرف المقابل. و) هذا النوع من الحرب يتطلب جهوزية لأعلى درجات المخاطرة والتضحيات. ز) تعتمد هذه الحرب على مزيج قوي التأثير بين ما هو “مادي” وما هو “معنوي”. ح) تقتضي هذه الحرب أن يتمتع قادتها بالإرادة القوية” والتنظيم المتقن مع التحلي بالصبر الإستراتيجي. بحيث تتم مراقبة التطورات على مهل، من دون الإنجرار نحو ردود أفعال يتوقعها الطرف الأخر. ط) هي حرب ممتدة فلا يمكن القضاء على الخصم بشكل نهائي، بل تعتمد على الجولات القتالية المتعددة، والجهد المتواصل والمراقبة الدقيقة والدائمة.
موقع الخنادق