قد لا تستطيع العقول المفكرة التي تمتلك الدراية والخبرة السياسية والعسكرية ان تحدد القادم من الايام الى منطقتنا ، حيث كل الدلائل والمؤشرات تشير الى ان هناك عملا عسكريا حتميا قادما قد يستهدف ايران ، ويمتد حسب معطيات الاحداث وتغيراتها او لايمتد ..
وفي ذات الوقت فان الحسابات الدقيقة للاهداف والمصالح والنتائج اذا ما وضعت امامنا على الطاولة فانها تؤكد عدم وقوع حرب وعدم توفر القدرة على القيام بها .
فكيف نوفق بين النظريتين ونجمع بينهما ، وكيف نجد القاسم المشترك الذي يمكنه ان يجمع بين هذين التناقضين ؟
ان التحركات العسكرية الاميريكية والصهيونية في المنطقة من المناورات الصهيونية الاخيرة وصولا الى اغتيال العالم الايراني( ف-ز )والى القصف الصهيوني عبر البوارج والطائرات ، ايضا التحركات العسكرية الاميريكية في الخليج العربي وحركة البوارج وحاملة الطائرات والغواصات النووية ثم الاستعدادات العسكرية في القواعد الاميريكية في دول الخليج والعراق ، هذه التحركات الصهيونية والاميريكية (مضافا اليها ازدياد الضغط الاقتصادي والحصار على دول محور المقاومة) والتي تستنزف الاقتصاد الاميركي وتكلفه ملايين الدولارات في ظل وضع اقتصادي اميريكي مترد قريب الى الانهيار ، كلها تشير الى انها جدية وهادفة وليست لاستعراض العضلات والقوة ، وهي مؤشرات حرب تكاد تكون مؤكدة .
في الوقت نفسه ان حسابات الربح والخسارة ومدى اتساع رقعة الحرب اذا ما وقعت ونتائجها الكارثية على القواعد الاميركية وتواجدها في المنطقة وفقدان السيطرة على مياه الخليج العربي واغلاقه عند مضيق هرمز ، بالاضافة الى النتائج الكارثية على الكيان الصهيوني خاصة فيما اذا كانت من الممكن ان تؤدي الى ازالة هذا الكيان من الوجود ، وهي نتائج تمت دراستها وحسابها من قبل الصهاينة والاميريكيين ، ايضا معرفتهم ان الحرب على اي طرف من محور المقاومة ستفضي بالنتيجة الى دخول جميع اطراف هذا المحور في تلك الحرب واشتراكهم بفعالية متناهية فيها ، كل تلك المؤشرات تجعل البعض يستبعد فرصة حدوث حرب في المنطقة لجهة نتائجها الكارثية على الجميع .
من خلال ما تقدم من استعراض للنظريتين نستطيع ان نجد فرصة وحيدة لحدوثها ، هي الحرب الخاطفة.
هذه الفرصة يدعمها حماس نتياهو الشديد لتوجيه ضربة لايران على يد ترامب الراغب باعادة انتخابه سنة 2024 الطالب لدعم اللوبي الصهيوني لترشيحه بعد تأديته لجميع الخدمات التي تجعل الصهيونية العالمية راضية عنه.
فكيف يمكن ان نتصور هذا السيناريو ؟
النظرية الوحيدة القابلة للتصديق هي ان تقوم ادارة ترامب بشن حرب خاطفة ضد ايران في الايام الاخيرة من فترته الرئاسية بدفع من نتياهو الراغب بالخلاص من محنته الداخلية وبيع الانجازات لكيانه ، دون ان تظهر دولة الكيان في الصورة وعلى اساس انها غير مشتركة فيها لا من قريب ولا من بعيد وبالتالي يمكن للقوة الاميريكية المهاجمة ان تدمر مواقع نووية واهدافا عسكرية ومنشآت حيوية حساسة تعيد ايران الى الوراء سنوات عديدة ، وحتى ان ردت ايران وسترد حتما فيما لوحدث هذا السيناريو فسيكون ردها المتوقع محصورا بالقواعد الاميريكية في منطقة الخليج العربي ودوله ولن يطال الكيان الصهيوني لانه خارج الصورة واذا طاله فلن يطاله بقوة تدميرية تعادل تلك القوة التي ستواجه هذا الكيان من جميع دول محور المقاومة ، فاذا قرر المحور خوض الحرب وتوسيع رقعتها الى حرب وجودية يكون الكيان الصهيوني الخاسر الاكبر فيها فعند ذلك يتدخل بايدن الذي يمثل الرئاسة الاميريكية الحقيقية في مجلس الامن لفرض وقف لاطلاق النار وانقاذ مايمكن انقاذه وبذلك يكون الخاسر الاكبر هو المتلقي الاول للضربات الاميركيه المدروسة والموجهة الى مراكز عسكرية ونووية ايرانية حساسة ، وعندها يتلقى ترامب نظريا اللوم العالمي والاميريكي على قيامه بهذه الحرب الخاطفة التي حققت اهدافها عمليا .وستقاد جميع دول محور المقاومة التي سيفرض عليها عالميا وقف شامل لاطلاق النار قبل ان تحقق ايّاً من اهدافها ، الى مفاوضات دولية لبحث كافة الاوضاع السياسية والعسكرية في المنطقة وحلها ..
هذا هو السيناريو الوحيد الممكن الذي يمكن ان يجمع مابين نظرية الحرب ، ونظرية اللاحرب .( السيناريو الذي لا اتبناه لانني مازلت على قناعتي انه ان كان لابد من حرب فنحن من سيبدؤها ونحن من يحدد توقيتها وشكلها ورقعتها)..انها الحرب الخاطفة في اللحظة الاخيرة الحاسمة..
وكما كنا نتوقع حدوث الحرب وعدم حدوثها ، فاننا نتمنى حدوثها بالصورة والطريقة التي نشتهيها وبالاتساع الذي ينهي الوجود السرطاني الصهيوني في منطقتنا ، هذا الوجود الذي مازال ينتشر ويتسع تطبيعا وخيانة ويخلف عمالة و رِدَّة وفجورا وذلا.
…ملهم ابوزامل …