الحربُ النفسية في أوجِ قوّتها.. علينا الحذر .
جعفر خضّور | كاتب سوري .
من المعروف أن السلوك العدواني يلتزم بنظرية ( الأواني المستطرقة)، أي عند الخسارة في مجال يحاول الخاسر تعويض خسارته عبر التصعيد في مجال آخـر، وهذا ما اتبعته الدول المُعادية للدولة الوطنية السورية خلال سنوات الحرب العشر.
فعندما وجدت أنّ كل معاركها قد فشلت، و لم تحقق المقصود والمبتغى، وأن الجيش العربي السوري قد قطع أشواط كبيرة في عمليات تحرير أراضيه من رجس الإرهاب، سعت لتعيد سيناريو بداية الحرب، وهو الحرب الإعلامية والنفسية عبر الفبركة والتضليل والتحريف، بحيلٍ جديدة وبأساليب أشدُّ سميّةً وحقداً مستغلّةً في ذلك.. حصار الأعداء وعقوباتهم الذي يهدف لخنقِ الشعب السوري وسلب لقمتهِ وتجويعهِ لتكون النتيجة وهي الحالة المعاشية الصعبة طريقاً للتأثر بإعلامهم وبمنصاتهم على فيس بوك، لإضعاف ثقة الشعب بقيادته وأنهُ بات على مقرُبةٍ من ضرب كل إنجازات وانتصارات الحرب عبر سقطاتٍ يرى فيها أنها الأنجى والسبيل الوحيد للخروج مما نحن عليه، وخصوصاً لأنّ سورية مقبلة على الاستحقاق الرئاسي خلال الأشهر القليلة القادمة.
لذا علينا القول أننا في مرحلة ليست جديدة من مراحل الحرب، ولكنها حساسة، وتحتاج إلى أقصى درجات الوعي والحذر وعدم الانجرار خلف التقوّلات والترهات، فعدونا اليوم يسعى إلى تحقيق نصر عجزَ عن تحقيقه خلال ما مضى، وأتى ليحاول تحقيقه الآن عبر استغلاله الحالة المعاشية الحرجة، يضاف لها قواته الإرهابية المجرمة التي تنهب ثروات الوطن وتسيطر على جزءٍ كبيرٍ منها في الشمال والشرق، ومنع وصول مساعدات الأشقاء والحلفاء وباعترافهم باعتراضها ومنعها من مساعدة الشعب السوري.
وإذا ما نظرنا وبكل تعقّل، وتحدّثنا وبكل صدق وشفافية لا يمكن لشعبٍ صمد طوال تلك الفترة وجابه الصعاب وتحدّى المخاطر إلى جانبه الجيش وقائده أن يسمح لعدوٍ متربص أنّ يؤثر في عزيمته ويزرعَ فيه روح الانهزامية واليأس والقنوط، ويزرع الشقاق وبذور الشك بين الشعب وقيادته التي تحدت العالم ولم تفرّط بالحقوقِ والمبادئ، أو حتى أن يراوده شعور الهزيمة ولو حتى تفكيراً، فالمرحلة صعبة وهذا شيء لا يمكن إنكاره، فهنا نكون قد نافينا الواقع، وهذا ما لا يتفق مع ثقتنا التامّة بالنصر، لأن الواثق يرى الواقع كما هو، وأعرّج هنا من الواقع ورؤيته الحقيقية، إلى سياسة الحكومة ككل، والتي تحتاج إلى مرونة وحضور ميدانيّ، وأفكار عابرة للأنماط التقليدية، من أجل التخفيف قدر المستطاع من حِدة المرحلة وهول صعوبة المعيشة أيّ على مستوى التعاطي والتعامل مع السياسة الاقتصادية ولقمة العيش وإيجاد الحلول، فالأزمة الاقتصادية لا يجب أن تجعلنا مكتوفي الأيدي بل العمل ثم العمل.
يمكننا اليوم القول وبكل ثقة: أنّ سورية التي حملت الهم القومي العربيّ، وهزمت أكبر أداة إجرامية في العالم، ودفعت الخطر الداهم عن المنطقة الذي كان يصبو لتغيير وجه الشرق الأوسط، وفتت أخطر مشاريع أمريكا في المنطقة، وقادت الحرب بكل حنكةٍ وحكمةٍ وعقلانيّة، وانتصرت على أخطر المجموعات الإرهابية التكفيرية الوهابية، وتصادمت مع أول وثاني دول حلف الناتو، وتصدت لأشرس حرب إعلامية جُنّدَ فيها وسائل كثيرة ودفع مليارات الدولارات عليها. أن تتخطى وتنتصر في هذه المرحلة والتي تمثل الجزء الأخير من الحرب (وهو الأصعب)، سواء من طرد الاحتلالين الأمريكي والتركي، أو من خوض المعركة الاقتصادية بكلّ اقتدار وقوة، ليأتي اليوم الذي يمارس فيه الشعب السوري حقه الدستوريّ والقانونيّ ليكلل فرحته بالنصر به و ليعطي العالم دروساً في الديمقراطية، رافعاً الصوت بأنّ النصر عنوانه، متحدياً العالم بأجمعهِ بأن مشروعكم سقط، ونحن صبرنا.. وصمدنا.. فانتصرنا.