تقاريرمشهديات

الحاج محمد عفيف يشعل ذاكرة حرب تموز النظيفة والواقعية .

جهاد ايوب | كاتب وباحث لبناني

كُتبت هذه الكلمات في 6 اب / اغسطس 2018

قليلة هي إطلالات الزميل محمد عفيف “مسؤول وحدة العلاقات الإعلامية في حزب الله”، وإذا فعل يتحدث بوضوح، ويضع النقاط على الحروف دون أن يمس خصوصيات الحزب والمقاومة، وهو الذي يمتلك الكثير من الأسرار والمعطيات والحقائق!
حواره عن دور قناة المنار والإعلام المقاوم في حرب تموز ٢٠٠٦ منذ قليل عبر إذاعة_النور في برنامج السياسة اليوم كان ثرياً في بوح الذاكرة، والزميلة المحاورة بثينة عليق كانت ذكية في نبش الذاكرة بعيداً عن الثرثرة.
رفض فكرة استراتيجية الصمت في إعلام الحزب وفي الحزب السياسي…لدينا فن التوقيت، ومن سيتحدث، وماذا سنقول…ليس هنالك محرمات بل يوجد متغيرات حسب الظروف السياسية…
في كثير من محطات كلام #محمد_عفيف سجن الصمت في دموعه التي تساقطت حتى بان ذلك في صوته خاصة حينما تحدث عن اتصالاته المباشرة يومياً مع السيد حسن نصرالله!
أشار عفيف إلى أنهم منذ البداية كانوا متنبهين لبقاء المنار على الهواء، وان من أهداف إسرائيل تدمير المنار لكونها تسعى إلى انتصار معنوي…وكان لديهم خطة طوارئ، وسياسة إعلامية، وكان يوجد أكثر من بديل، ومن ضمن البدائل اللجوء إلى استديو الشارع…وللحروب أثمان، وهنالك أشياء غير متوقعة في الحروب، وقرارهم أن لا تتوقف المنار، ونجحوا لآن العزيمة موجودة!
وأضاف أنه لم تمر مؤسسة في العالم بتجربة كتجربة “المنار” في حرب تموز، ويمكن أن تدرس في الجامعات…والحرب مع إسرائيل هي جزء من التفكير الوجودي عند أي عنصر في حزب الله.

أشار عفيف إلى أن المبنى قصف مرتين، وفي المرة الثانية قصفنا للتدمير الكلي، لم يصب أحد في الاستديو…توقفنا للحظات، شعورنا المعنوي كان هائلاً، كنا في قلب المعركة، الاتصال مباشر مع القيادة، ونعرف ماذا يعني أن تبقى المنار…كنا نتوقع ان الضربة الآخير ستكون للمنار لآن الصهاينة يحتاجون إلى ضربة معنوية!
وكشف عفيف عن اتصال تهديدي مباشر من قبل العدو، ورد هو عليه مباشرة وبعزم وثقة الانتصار…كل الزملاء رفضوا ترك الاستديو، كنا خط دفاعي أولي، وتحولنا إلى الحدث، وصل الخبر إلى السيد حسن، فاتصل بنا، وشرحت له الظروف حتى أقنعته فقال:”الله حاميكم”.
وأكد محمد عفيفي انهم طوال الحرب ويومياً كان على اتصال مباشر مع السيد حسن لأخذ توجيهات ومعلومات سياسية، وكان هنالك فريق مختص يقوم بتصوير رسائل السيد من الحزب خاصة الأخ غازي اخضر الذي كان يقوم بالتصوير، ومن ثم يوصلها إلينا، وكل الرسائل كانت مسجلة باستثتاء الاتصال الهاتفي الذي اشار فيه سماحة السيد إلى حرق الباخرة الصهيونية فكان اتصالاً مباشراً!
إن معالم النصر كانت تقرأ في نظرات وصوت سماحة الأمين العام، وقد تنبه إلى الشكل العام لطلته فقام بإعادة ترتيب المنظر لآن الناس تريد السيد في أفضل حالاته، وهو كان منشغلاً بمفردات حياة الناس كثيراً!
كان السيد في غاية القلق حول عودة الناس إلى قراهم وبيوتهم خاصة في الأيام الآخيرة من الحرب…
أدركت والكلام إلى الزميل عفيف، ادركت أهمية العودة إعلامياً، وبأنه العودة هي العيد فوزعت الكاميرات على مداخل بيروت والضاحية، وكذلك فعلت في خطاب النصر لتنتقل الكاميرات مباشر من شتورا وجسر الأولي…كنت اتوقع الزحف البشري الهائل، ونقلناه مباشرة!
قدم الزميل محمد في هذا الحوار الكثير من العبر و الدروس الإعلامية، وتحتاج إلى مقالة خاصة ومطولة، ومنها بأنه لا ينبغي أن تحقق المقاومة نجاحاً أمنياً وسياسياً وعسكرياً دون النجاح الإعلامي، وبأننا دائماً نتعلم من الآخرين ومن التجارب!
والمقاومة عمل تراكمي، تحولت مع الوقت إلى منظومة سياسية اجتماعية ثقافية عسكرية.
وأهم ما قاله يكمن في إرادة العاملين …وهنا بيت القصيد فهل قناة المنار التي كانت شريكة فعلية في صناعة الحدث والانتصار هي ذاتها اليوم؟
سؤال وجب طرحه بمحبة ووضوح للمناقشة ولإعادة هيكلية دور الإعلام المقاوم في هذه المرحلة التي نعيشها، وبعد أن نجح الإعلام المقاوم في إدارة المؤسسات الإعلامية أثناء الحروب خاصة تجربة إدارة قناة المنار وإذاعة النور والعهد في حينة، ولا بد من الاعتراف ان دور المنار اليوم مختلف في التواصل مع شارعها، وفي طريقة الخطاب الجماهيري أو دورها أن تنتظر الحروب؟!
لا بد من الاستفادة كلياً من إعلام تجربة حرب تموز التي جعلت إعلام المقاومة وتحديداً مع الإعلام الحربي منارة ومدرسة للوقوف على ما هو حال اليوم دون عصبية وتشنج وإدعاء وشتم من ينتقد!
ما تفضل به الزميل الحاج محمد عفيف غاية بالاهمية مهنياً وتاريخياً وعاطفياً، والأهم في فهم إدارة المؤسسات الإعلامية في الحروب…و يا ليته يسارع ويسجل هذه الذاكرة المعلومات الواقعية، الحقائق التي سنفقدها، وستشوه إذا لم يكتبها صاحب العلاقة المباشرة قبل أن يطلع علينا هذا وذاك ببطولاتهم الوهمية!
السيد عفيف كان في قلب الحدث، وما باح منه اليوم قليل من الحدث حيث أشعل ذاكرتنا مهنياً وابداعياً وعاطفياً وبطولة فلماذا لا يكلف بكتابتها قبل أن ينشغل بهموم الدنيا وما أكثرها؟
وقدم عفيف نظافة في الطرح الواقعي بشفافية سردية غاية بالجمال، ودون ادعاء، وبعيداً عن الغرور…هذا ما نحتاجه من قادة في مجال هو أهم واخطر السلاح! تجربة محمد عفيف في إعلام المقاومة قيمة لا شائبة فيها بينما نجد الصوص الموظف في الإعلام منذ دقيقة يتحدث عن تجاربه وعن تجربة حرب تموز بغرور وفوقية، وهو لا يعرف الصبر والجوع والملحأ وحرب تموز، ويخاطبنا بادعاء يبعدنا عن مؤسسته وعن قيمة المناسبة!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى