نضال حمادة | كاتب وباحث لبناني
نشر الصحافي الأميركي مارتن سميث على حسابه بمنصة «تويتر» للجمل القصيرة صورة له مع القائد العام لهيئة تحرير الشام النصرة أبو محمد الجولاني في مدينة إدلب، ويعود تاريخ الصورة إلى يوم الجمعة الفائت في 29 كانون الثاني الماضي.
وقال سميث شارحاً الصورة التي تجمعه بالجولاني الموضوع على لوائح الإرهاب الأميركية والدولية: «لقد عدتُ للتوّ بعد ثلاثة أيام قضيتها في إدلب السورية، حيث التقيت أبو محمد الجولاني».
أضاف: تناولت وإياه مواضيع عدة حساسة حول القاعدة وضربات 11 سبتمبر/ أيلول وأبو بكر البغدادي وتنظيم الدولة، مشيراً إلى أنه تمّ التحاور على هذه المواضيع بكلّ صراحة.
وظهر أمير تنظيم هيئة تحرير الشام النصرة أبو محمد الجولاني في الصورة مع سميث من دون عمامة بل يرتدي بزة رسمية فرنجية، في عملية تجميل وإعادة إنتاج لجبهة النصرة لرفعها عن لوائح الإرهاب وتأهيلها للتفاوض، كما تطالب قطر وتركيا منذ سنوات عدة.
لا يمكن لأحد أن يستهين بالصورة التي نشرها مارتن سميث مع الجولاني، خصوصاً أنه ليس فيها ما يشير الى قائد منظمة خرجت من رحم القاعدة وداعش. وهذا الأمر لا يستقيم بالنسبة للحركات السلفية الجهاديّة ويُعد من الاقتداء بالكفار ومن دواعي الكفر.
بدوره علق الباحث في معهد بروكنغز الدوحة الخبير بالجماعات الجهادية السورية شارل ليستر على الصورة قائلاً: «كيف يتغيّر الزمن بين الأعوام 2014 – 2015 والآن».
وقال ليستر: «ليس سراً أنّ «هتش» تدفع بقوة وراء الكواليس للحصول على فرص لتحسين صورتها في الخارج – أولاً في التواصل مع الباحثين في المعاهد ومؤخراً منح أفضل وصول إلى وسائل الإعلام المرموقة»، وأضاف «لا ينبغي أن يدفع هذا الأمر للمفاجأة، فقد تمّ وضع المكوّنات في مكانها منذ عام 2015، عندما بدأ نقاش داخلي مطوّل حول المسار الذي يجب أن يُتبع لجبهة النصرة. شاركت «مجموعات الضغط ومن ثم تمّ إنشاء جبهة فتح الشام ومن ثم هيئة تحرير الشام» .
وتابع ليستر «لم تقم «هتش» بتعديل أيديولوجيتها التأسيسية، لكنها ركزت بالكامل على أجندة محلية تكون فيها إجراءات الحكم على الأقل بأهمية الجهود المبذولة نفسها في المجال العسكري، مضيفاً «لقد كان الانفصال عن القاعدة حقيقياً، لكن الدافع كان إلى حدّ كبير للحفاظ على الذات وأردف بالقول إنّ الغالبية العظمى من السوريين في شمال غرب لا يثقون في «هتش»، وهو بالتأكيد لا يمثل ثورتهم – لكن نجاح مشروع الجولاني للحوكمة في إدلب هو بالتأكيد الأمل الوحيد المتبقي لمنع نظام كامل الفتح – مفارقة قاتمة. قبل 3 سنوات، قيل لي إنّ الجولاني بدأ في استخدام عبارة الشمال السوري المحرّر لوصف شمال غرب البلاد وكان يقترح أيضاً أن تنتخب هذه المنطقة رئيساً للوزراء».
من هنا يبدو من تعليقات شارل ليستر الذي يعمل لدى السلطات القطرية أنّ خطة قطر وتركيا لتعويم هيئة تحرير الشام – النصرة تظهر مجدّداً عبر إظهار الجولاني على الإعلام العالمي والأميركي، خصوصاً بمنظر أقرب للرجل العلماني العادي من قائد منظمة مسلحة تدّعي الفكر الجهادي.
يبدو انّ في الدوحة وفي انقرة من يعتقد أنّ لـ جيلّ الشعر مردوداً استراتيجياً يمكن أن يغيّر مسار الحروب.