فاطمة شكر | كاتبة واعلامية لبنانية
ولعل حكومة نجيب ميقاتي المتمثلة بوزراء ووجوه جدد، عدا اللاعب الرئيسي ميقاتي، شُكلت ودعمت من قبل فرنسا وتقاطع معها حزب الله لحاجتين أساسيتين : هما الإستقرار على المستوى المحلي الداخلي اللبناني الذي يسعى له الحزب، وإستثمار بعض المشاريع من قبل فرنسا وعلى رأسها ملف الكهرباء وإعادة إعمار مرفأ بيروت الذي يُعدُ الأهم بالنسبة لفرنسا، إضافة الى بحث اعتماد الخصخصة من خلال الشراكة بين القطاع العام والخاص الذي ستكون إيجابياته ظاهرة في لملمة الدولة وإعادة بنائها، لكن سلبياته ستتجلى حتماً في ارتفاع الأسعار على كافة المستويات من المحروقات الى الإتصالات والخدمات والمواد الغذائية، ما يعني تأثر الطبقات الفقيرة والوسطى وزيادة الفقر.
في الشأن الإنتخابي تستمرُ القوى السياسية بالعمل من أجل إجراء الإنتخابات في الربيع القادم، فما هي الخارطة السياسية التي ستنتجها الإنتخابات؟ وماذا عن الإصطفافات بعد هذه الإنتخابات في ظل مطالبة المجتمع الدولي، لا سيما الغربي، بإجرائها في موعدها المقرر؟
ولعل اصرار القوى السياسية التي دعت الى اجراء الإنتخابات في موعدها المحدد يُسهلُ إعادة تجديد الحياة السياسية ويُجددُ شرعية المؤسسات والنظام، وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدلُ على وجود إرادة لدى معظم القوى السياسية لإعادة لبنان الى مساره الطبيعي.
من ناحيةٍ أخرى تستمرُ مواجهة الهيمنة الأميركية والإحتلال الإسرائيلي الذي ينفذه حزب الله من خلال رفعه شعار التوجه الى الشرق المتمثل بالإتصال والتباحث مع الصين وروسيا وبالتعاون مع سوريا والعراق وإيران، مما سيؤدي الى انتعاش ونمو الإقتصاد اللبناني، وهذا ما سيساهم في الإنتقال الى خططٍ اقتصاديةٍ كبرى يجب العمل عليها، وتكمن بالإسراع نحو التوجه الى القيام بورشة بنى تحتية وخدماتية تتمثل بإنشاء أنفاقٍ جديدة ومواصلات سريعة تساعدُ على الإستثمار وتؤمن العمق الإستراتيجي وتؤدي الى التشبيك مع المنطقة العربية، لا سيما مع سوريا والعراق في ظل التحديات القائمة ضد الاحتلال الإسرائيلي والتحدي الإرهابي المفروض على المنطقة منذ العام 2011، والذي يُعتبرُ آداة من ادوات الهيمنة الأميركية، إضافةً الى الصراع على المتوسط من ليبيا الى سوريا ومصر والحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، ما يجعلنا أمام تحالفات إقليمية جديدة ونظام اقليمي آخر يتمثل بتطبيعٍ وتعاونٍ خليجي – «اسرائيلي»، وإقامة مصالح مشتركة بين هذه الدول والعدو، وهو ما يطرح تحديات إقتصادية كبرى أمام لبنان وسوريا والعراق، وهذا ما يدفع الى التعاون مع العراق وسوريا عبر ربطهما بشبكة بنى تحتية ضخمة من أجل تحديد موازين القوى في المرحلة المقبلة.
لدى فريق محور المقاومة رؤية واضحة تحدد مصالحه الإقتصادية والسياسية والجغرافيا السياسية، لكن حزب الله اعطى نموذجاً حول كيفية التحرر الفعلي والإنتقال الى استثمار نقاط الضعف وتحويلها الى نقاط قوة، فهل ستكون الحكومة اللبنانية على قدرٍ من المسؤولية في هذه المرحلة الدقيقة وتنطلق للعمل بسرعةٍ وجدية؟ وهل ستستغل الدولة اللبنانية العلاقات والكرم العراقي من أجل إقامة خطٍ إقتصادي ضخمٍ بين البلدين؟ هل ستتعاون الدولتين اللبنانية والسورية اللتين تربطهما علاقاتٌ أخوية منذ زمنٍ بعيد، ناهيك عن الجغرافيا والتاريخ بينهما واللذين لا يتغيران؟
كل هذا يحتاج للتصميم والإرادة للوصول الى بلدٍ منتجٍ وإقتصادي مع ضرورة الإنفتاح على الشرق والمحافظة على علاقاتٍ طبيعيةٍ مع الغرب…