حسن عماشا | كاتب وباحث لبناني .
– طبيعة المرحلة تحتم ترجمة شعار “التوجه شرقا” بحركة سياسية سبيلا وحيدا للإنقاذ
ما يجب أن يتغير؛ وسوف يتغير هو الذهنية اللبنانية القائمة غالبيتها على الارتزاق اما عبر البطالة المقنعة ” التوظيف في القطاع العام. او حاشية امراء المناطق والطوائف بما فيها اللاكليروس وجيش العمائم الذين كان بتعيشون على الريع الذي كان يدفع رشوة لهذا الكيان نظير الدور الوظيفي الذي انشيء لأجله. وفقد هذا الدور لتحل مكانه وظيفيا كيانات أخرى.
ان تصور قيام هذا الكيان من مازقه عبر إدارة مختلفة هو وهم محض. لو استثنينا موقعه في الصراع مع الكيان الاستعماري لا يملك الكيان اللبناني مقومات الدولة لا اقتصاديا ولا اجتماعيا ولا بطبيعة البنى السياسية فيه.
واذا كانت البنى التي تتقاسم ادارته وهي من منظومة الفكر الكياني قادرة على الاستمرار وإعادة إنتاج نفسها سياسيا واجتماعيا. رغم ما تعانية اليوم من شح الموارد تبقى الأقدر على الاحتفاظ بقوى اجتماعية أكثر بكثير ممن يطرحون أنفسهم بدائل وهم مجرد غوغائيين أقصى ما يستطيعون القيام به هو إثارة القلاقل والفوضى المدفوعة الأجر.
اما في أوليات اخراج الكيان من أزماته الاقتصادية وتأمين مقومات العيش الأساسية. هي في المباشرة بالتكامل مع سوريا لسبب موضوعي وهو ان الجغرافيا تحكم. اولا : لا امل في استعادة الريع والدور الوظيفي في المنطقة وذلك لأسباب عديدة لا تنحصر فقط بميزان القوى الداخلي بل ان رعاة الكيان السابقين فقدوا القدرة والحوافز التي كانت تجعلهم يقدمون الرشوة لهذا الكيان والإستثمار فيه. وأقصى ما يمكن أن يدفعوه اليوم هو ما يقدمونه بالفعل لإثارة البلبلة والتوترات لاستنزاف قوى مناوئة للمشاريع الاميريكية والغربية في المنطقة.
ولا يمكن لأحد من الغرب وأدواتهم في الإقليم ان يقيم أية مشاريع انمائية وتقديم الحلول للأزمات المرشحة إلى المزيد من التفاقم وعلى مختلف الصعد. وما يحكي عن قرض من صندوق النقد الدولي لمساعدة العائلات الأكثر فقرا ما هو الا جرعة للابقاء على الوضع القائم بالحد الأدنى تحت السيطرة.
كل حراك اليوم مهما بدت شعاراته مشروعة هو حراك في خدمة تعميق الأزمة “المازق” المترجم سياسيا. ما لم يكون حراك بأهداف محددة تشكل عامل ضغط على القوى السياسية القائمة لحل الأزمات الأساسية والمتمثلة في تأمين الخدمات والطاقة عبر الأصدقاء الذين ابدو استعادة لتقديم المساعدة من دون الخضوع للاملاءات الاميريكية. وقادرة على تحدي الإرادة الاميريكية والغربية وفي طليعتهم إيران وروسيا والصين.
ومن هنا تنطلق حركة سياسية مختلفة عن الأدوات البالية او المستجدة في البنى السياسية القائمة. ولن يطول الأمر حتى تنكشف حقيقة التناحر المفتعل بين ما يسمى “ثورة” من جهة و” طبقة سياسية” من جهة أخرى.
ان التناقض الحقيقي كان ولا زال بين أدوات أمريكا والغرب بمختلف تلاوينهم من رجال دين إلى جمعية “المثليين”.
وبين قوى التحرر من الهيمنة الاستعمارية.
ولا دليل ملموس على الاصطفاف في اي من هذين الاتجاهين الا في الموقف العملي من عنوان “التوجه شرقا” الذي أصبح اليوم يملك أرضية اجتماعية لا بد أن تترجم في حركة سياسية.