التقرير السياسي اليومي

خطفت الأحداث الدامية التي تجري في مدينة طرابلس الأضواء ، وطرحت علامات استفهام كثيرة عن الهدف من الإعتداء على مؤسسات الدولة وإحراق بعضها ، في إطار تحرك عنوانه الاحتجاج على الواقع المعيشي ورفض تمديد مدة الاقفال العام؟.
وفي غمرة هذه الأحداث ، أطلق وزير الصحة العامة حمد حسن بالأمس منصة التلقيح ضد فيروس كورونا ، حيث سجل ثمانون ألف مواطن أسماءهم لتلقي اللقاح ، في ظل استمرار ارتفاع أعداد المصابين والوفيات.

جريدة الأخبار كتبت تقول “بالرصاص الحيّ، قضى ابن طرابلس، عمر طيبة (30 عاماً). التحقيقات الأولية تفيد بأن الرصاص أطلقه عناصر قوى الأمن الداخلي، على محتجين قرب سرايا طرابلس ليل أول من أمس. الأجهزة الأمنية «يدها رخوة» على الزناد، حيث يكون الفقراء في مواجهتها. في تلك الليلة، كما يوم أمس، لم يتدخل الجيش لتفريق المحتجين، إلا ليلاً. نهاراً، لم تكن قيادته قد وجدت ما يستدعي التدخل، إلا شكلياً.
إطلاق قوى الأمن الداخلي الرصاص الحيّ ليل أول من أمس أتى بعد رمي قنابل يدوية حربية باتجاه عناصر من فرع المعلومات في السرايا. وحتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية، لم تكن الأجهزة الأمنية قد حددت هوية الأشخاص الذين استغلوا احتجاجات طرابلس، لينقلوا المواجهة إلى مستوى عالٍ من الخطورة، يتمثل باستخدام قنابل يدوية حربية في تحركات شعبية. تقصير الأجهزة فاضح في هذا المجال، لكنه لا يشذّ عن فشلها وسوء عملها واستسهال لجوئها إلى إطلاق النار والعنف المفرط حيث يجب اللين، ثم انسحابها من المشهد حيث ينبغي أن تكون، كسماحها ليل أمس بإحراق مبنى بلدية طرابلس، وباقتحام مبنى جامعة العزم.
في طرابلس، وعلى مدى الأسبوع الفائت، تداخلت ثلاثة مشاهد لا يمكن فصل أحدها عن الآخر:
1-حتجاجات شعبية على الإقفال العام، في ظل أزمة اقتصادية ــــ مالية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، وسط استقالة حكومة مستقيلة أصلاً، لكنها قررت ألا تسيّر شؤون الناس. في المقابل، قوى سياسية اختارت أن تدير ظهرها للشارع، وتتصرّف كما لو أن البلاد ليست منكوبة اقتصادياً ومالياً ونقدياً وصحياً، متوهمة بأنها تملك ترف الوقت، فتؤخر تأليف حكومة جديدة تكون أولويتها وقف سرعة الانهيار على كل المستويات. أموال الدعم التي أقرّتها الحكومة تأخرت. وفي الأصل، المبلغ زهيد صار يساوي أقل من 50 دولاراً للعائلة الواحدة شهرياً. الطبيعي في هذه الحالة أن يحتجّ الناس، وأن يرفضوا البقاء في منازلهم.
2- القوى السياسية، وكما هي العادة، قررت استغلال الموقف لتسجيل النقاط بعضها على البعض الآخر. ثمة من يريد إحراج سعد الحريري في «بيئته». جهات أخرى لم تتّضح مقاصدها بعد. لكن كثيرين يتحركون في الاحتجاج وعند حوافه وهوامشه، رغم أن أعداد المشاركين ليست ضخمة.
3- صراع أجهزة أمنية داخلية وخارجية. لا يستبعد مسؤول أمني رفيع المستوى أن يكون جهاز أمني آخر مسؤولاً عن رمي القنابل اليدوية، في الليلتين الماضيتين، باتجاه عناصر الأجهزة الأمنية في سرايا عاصمة الشمال، كما لا يستبعد احتمال خلايا قررت التحرك حين رأت المناخ الأمني مؤاتياً لها. بيان الرئيس سعد الحريري ليلاً، كاد يقول إن الجيش هو المسؤول عما يجري في المدينة. وجّه الحريري كلاماً قاسياً للجيش، في معرض انتقاده «وقوف الجيش متفرجاً على إحراق السرايا والبلدية والمنشآت»، قبل أن يضيف: «هناك مسؤولية يتحمّلها من تقع عليه المسؤولية، ولن تقع الحجة على رمي التهم على أبناء طرابلس والعودة الى نغمة قندهار. إذا كان هناك من مخطط لتسلل التطرف الى المدينة، فمن يفتح له الأبواب؟». ربما لم يسبق لرئيس تيار المستقبل أن هاجم قيادة الجيش بلغة مشابهة. بالكلمات الواضحة، اتهم الجيش بالتقصير. أما بين السطور، ومما يقوله مقربون منه، فالتهمة للجيش تتجاوز التقصير إلى حد اتهامه بإدارة جزء مما يجري في الشارع. وفي ختام بيانه، «هدّد» الحريري بكلام إضافي «لوضع النقاط على الحروف». عبارة وجّهها خصيصاً إلى قائد الجيش، كأنه يقول له: عليكَ أن تتصرّف، وإلا فسيكون لي موقف أقسى».

صحيفة البناء كتبت تقول “مع التفاؤل بقرب وصول اللقاح لمواجهة تفشي وباء كورونا، وانطلاق منصة تسجيل الراغبين بنيل اللقاحات، التي بلغ عدد المسجلين فيها في اليوم الأول ثمانين ألفاً، بقي القلق من ضعف تطبيق الإجراءات الوقائيّة رغم قرار الإقفال العام، الذي خرقته أحداث الشمال وظهرت فيه الجموع من دون أية قيود وقائية، ما فتح الباب على توقعات بزيادة أعداد المصابين الذين تراجعت أرقامهم خلال الأيام القليلة الماضية من سقف الستة آلاف الذي بلغته الأرقام قبل أسبوع الى ما دون الأربعة آلاف.
الأضواء خطفتها طرابلس حيث المواجهات العنيفة بين المتظاهرين والقوى الأمنية في تصاعد، وقد شيّعت المدينة أحد أبنائها، بينما تحدث المصادر الأمنية عن عشرات المصابين من جنود الجيش والقوى الأمنية، وتعرّضت منازل النواب في المدينة لمهاجمتها ومحاصرتها من المتظاهرين، بينما تركز الضغط على سراي طرابلس التي شهدت كراً وفراً من الصباح وتواصل ليلاً.
المصادر المواكبة لأحداث الشمال قالت إن الغياب الكامل لمنظومة رعاية اجتماعية للطبقات الفقيرة يشكل الأرضية التي تنطلق منها التحركات الغاضبة، لكن ذلك لا ينفي الاستثمار السياسي، خصوصاً أن بهاء الحريري الذي يواكب الأحداث الشمالية لا يخفي وقوفه وراء مشروع لإثبات حضور خاص ومستقل عن زعماء المدينة من جهة، وفي مواجهة شقيقه الرئيس سعد الحريري من جهة موازية، بينما بدا موقف الوزير السابق أشرف ريفي منفتحاً على مشروع بهاء الحريري، الذي تقول المصادر إنه يحظى بدعم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأن حضوره الإعلامي المتصاعد عبر امتلاك هواء برامج على واحدة من القنوات التلفزيونيّة الرئيسيّة، واستقطابه لعدد من الوجوه الإعلامية، لكن المصادر رسمت علامات استفهام حول ما تريده السعودية من هذا الاستثمار بالتوازي مع الاتهامات الموجهة لها بالوقوف وراء تنشيط التصعيد الأمني في العراق وسورية للضغط على إدارة الرئيس الأميركي الجديد، وفرضية سحب القوات الأميركية، بالقول عبر التفجيرات إن مهمة إنهاء داعش لم تنفذ، ولم يحن بعد وقت الانسحاب، متسائلة عما إذا كانت الرسالة اللبنانية من طرابلس هي أن التفويض الأميركي لفرنسا لا يملك قدرة التنفيذ، من دون شراكة سعودية تقوم على ربط التهدئة في لبنان بتفاهم مسبق على مستقبل العلاقة الأميركية بالاتفاق النووي، ومن ضمنها موقع حزب الله في أي مشهد سياسي لبناني.
مصادر على صلة بالملف الأمني توقعت أن يكون الجيش اللبناني قد استكمل اتصالاته بالمرجعيات المعنية للقيام بخطوات حاسمة، لإعادة الأمن إلى المدينة، بينما قالت مصادر على صلة بالمسار الحكوميّ، إن طرابلس دقت باب الحكومة، بحيث تحقق تقدّم جزئيّ على الطريق، وينتظر استكماله خلال الأيام الفاصلة عن نهاية الأسبوع للحكم على النتائج، خصوصاً عبر المسعى الذي يقوم به المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ويتابعه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ومع قيادة حزب الله. ولم ينجلِ غُبار معركة أمس الأول في طرابلس، حتى تجدّدت أعمال العنف والاشتباكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية ولليوم الرابع على التوالي.مزحة أم طرح جدّي.. التمديد لعون غير ممكن سياسيًّا ودستوريًّا
نوال الأشقر-لبنان24
|29-01-2021
يعتقد البعض أنّ الموقف الذي أطلقه عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ماريو عون حول التمديد لرئيس الجمهورية ميشال عون مجرّد مزحة شخصية، تخصّ فقط مطلقها، الذي لم يكن على علم أنّ لبنان يعيش أسوأ أزماته، من الإنهيار المالي إلى الجوع والفقر والعوز، وكلّ أنواع الأزمات التي باتت تهدّد بزوال الكيان، ولدت من رحمها إنتفاضة 17 تشرين، وأنّ تياره لم يكن طيلة السنوات الماضية على هامش السلطة، بل امتلك فيها حصّة الأسد، من الحكومات ووزاراتها الوازنة وأثلاثها المعطلّة، إلى الكتلة البرلمانية الأكبر والتي تشكّل مع حلفائه الأغلبيّة النيابيّة.، وأنّ الفشل والإنهيار يتحمّل مسؤوليته الجميع، وذلك وفق حجم مشاركتهم في السلطة ومقدار صلاحياتهم، وبالتالي لا يستقيم الحديث عن تمديد في حضرة الفشل الذي وصل صيته إلى أصقاع الأرض.

في المقابل ينظر عدد من المراقبين لكلام النائب عون عن التمديد بجدّية بالغة، ولو أنّه حاول تغليفه بطابع شخصي، معتبرين أنّ “التيار الوطني الحر” أراد تسريب ذلك لأكثر من سبب، في سياقها يندرج جسّ النبض من طرح التمديد، بمن فيهم الحليف، خصوصًا إذا بقيت حظوظ النائب جبران باسيل شبه معدومة، عندما يحين زمن الإستحقاق الرئاسي.

فعليًّا ظروف التمديد تتطلب توافر شقّين، واحد دستوري وآخر سياسي. في الشقّ الدستوري يلفت الدكتور أنطوان صفير، محام وأستاذ في القانون الدولي، في حديثه لـ “لبنان 24” إلى أنّ الدستور اللبناني واضح من حيث نصّ المادة 49 منه “التي تحدّد فترة ولاية رئيس الجمهورية بست سنوات، يُنتخب في مجلس النواب، ولا يمكن إعادة إنتخابه، وبالتالي لا يمكن التمديد له أو بقائه في السلطة، كما لا يمكن له العودة الى سدّة الرئاسة إلّا بعد انقضاء 6 سنوات على مغادرته. وأيّ حديث عن فتاوى دستورية لا جدوى منه، طالما أنّ النص الدستوري واضح في هذا المجال، ولا يحتمل التفسير ولا التأويل ولا الإجتهاد، إذ لا اجتهاد في موقع النص”.

أضاف صفير “في حال كان هنالك رأي بالتمديد لرئيس الجمهورية أو بالتجديد له، فالأمر يتطلّب تعديلًا دستوريًّا، وفق الآلية المعتمدة لتعديل الدستور، أي وفق مشروع قانون تتقدّم به الحكومة بناءً على طلب من رئيس الجمهورية، أو وفق اقتراح يقدّمه عشرة نواب على الاقل. وهذا الموضوع يتعلّق بمشروع قانون دستوري يعدّل المادة 49، كما حصل في مرّاتٍ سابقة لمرة واحدة وإستثنائية، ويتطلب التعديل أكثرية ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب”.

مصادر مراقبة اعتبرت أنّ فكرة التمديد بدأت تراود التيار الوطني الحر بالتوازي مع الإنطباع السائد بعدم حصول إنتخابات نيابية في موعدها، على قاعدة أنّ التمديد للمجلس ينسحب على الرئاسة، ولكن هذه الفكرة أيضًا ليس لها من مبرّر دستوري. في هذا السياق يوضح صفير “إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها أو عدم إجرائها ليس له أيّ تأثير على موضوع التمديد لرئيس الجمهورية، أيّاً كانت وضعية مجلس النواب ممدّدًا له بحكم القانون، أم هنالك مجلس جديد، المادة 49 من الدستور موجودة ونصّها واضح، وإعادة إنتخاب الشخص نفسه للرئاسة لا تكون إلّا بعد مرور ست سنوات على إنقضاء الولاية الرئاسة، إلّا في حال قرر المجلس النيابي التمديد كونه صاحب صلاحية إمّا منتخبًا إما ممددًا له بعد تعديل القانون، أن يعدّل الدستور لهذه الغاية”.

الشقّ السياسي ليس أفضل من الدستوري، بحيث يستحيل تأمين توافق سياسي على التمديد، حتّى ضمن الفريق الواحد، فكتلة الرئيس نبيه بري لم تنتخب عون في الولاية الأولى فكيف الحال مع ولاية ممدّدة، كما أنّ كتلة تيار المردة تعد الأيام وربما الساعات المتبقيّة من ولاية عون، في حين أنّ الكتل الأخرى كالقوات والمستقبل نادمة على ما اقترفته، سواء أخرجت فعل الندم من حدود مجالسها الخاصة أم أبقته هناك، أمّا الإشتراكي فلا يرى التعايش واردًا مع العهد، رغم محاولاته للتقارب والتي فشلت جميعها.

Exit mobile version