– المساعي التي يقودها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري تعتبر الفرصة الأخيرة لولادة الحكومة في ظل توافر المؤشرات الإيجابية الداخلية واستعداد الجميع للحل ، وإلا فالأزمة مفتوحة على كافة الاحتمالات.*
*- صحيفة البناء* كتبت تقول : لا زال المشهد السوري الذي أفرزته المشاركة الاستثنائية اللافتة، موضع اهتمام وقراءة في عواصم العالم، حيث شكل إصرار الدولة السورية على السير بالاستحقاق الدستوري ورفض كل دعوات التأجيل لربطه بتفاهمات سياسيّة مع عواصم الحصار والعقوبات، ترجمة لقرار سيادي لاقاه الشعب السوري بحضور فاجأ الصديق والعدو، بصفته ثورة عارمة على التدخلات الخارجيّة، وثورة على السياسات الظالمة التي تستهدف سورية بالعقوبات والحصار، وإعلان تمسّك بقيادة الرئيس بشار الأسد الذي فاز للسوريين بالنصر العسكري، ليفوزوا معه بالنصر السياسي، وقد عبّر الرئيس بشار الأسد عن مضمون ما قاله السوريون بكلمة مقتضبة وجّهها للشعب السوري بعد إعلان نتائج الانتخابات، شاكراً لهم تضحياتهم وحضورهم، قائلاً أنهم الثورة الحقيقية أمام مشهد المرتزقة الذين لوّثوا اسم الثورة والثوار، مضيفاً أن رسالة السوريين ستخترق كل الحواجز والدروع.
في الشأن الحكومي، ينتظر المعنيّون وفي طليعتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري كيفية تفاعل الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري مع الفرصة التي يعتقد بري أنها باتت متوافرة للإقلاع بالمسار الحكومي، بعدما وضعت بين يديه مجموعة من الاستعدادات من فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، قام بري بتحويلها الى أفكار عملية لتذليل العقد التي تعترض تأليف الحكومة، سواء لجهة توزيع الحقائب، أو لجهة كيفية تسمية الوزيرين المسيحيين الأخيرين في حكومة من 24 وزيراً لا يملك فيها أحد ثلثاً معطلاً، وتوقعت مصادر على صلة بالمسار الحكومي أن تكون عودة الحريري المتوقعة خلال ساعات نقطة البداية في مفاوضات يفترض أن تتوّج بلقاء الحريري برئيس الجمهورية لوضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الحكوميّة، إذا سارت الأمور كما يفترض، وقالت المصادر إن الاستعدادات التي عبّر عنها باسيل خلال اجتماعه والمعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، تجيب على أسئلة بري بشكل كافٍ للبدء بالحوار مع الحريري، الذي يواجه امتحان إثبات جديته بتشكيل الحكومة في ظل تشكيك خصومه بقدرته على السير جدياً بالتأليف، انطلاقاً مما بات معلوماً عن أسباب سعودية يُنكر الحريري وجودها، أو على الأقل تأثيرها على قراره. وتقول المصادر إن فريق رئيس الجمهورية ينتظر من ثنائي حركة أمل وحزب الله موقفاً من الحريري إذا تهرّب من مسؤولية تأليف الحكومة بذرائع جديدة، بعدما تمّ توفير ما يكفي من عناصر لحل العقد القائمة.
وأكدت مصادر مطلعة لـ”البناء” حصول لقاء ليل الأربعاء الخميس بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومعاون الرئيس بري النائب علي حسن خليل بحث مقترحات رئيس المجلس لتذليل العقد أمام تأليف الحكومة كما حصلت اتصالات عدّة بين باسيل ومسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا”. وأكدت مصادر باسيل لـ”البناء” أن الاجتماع مع خليل كان إيجابياً حيث أكد باسيل استعداده للانتفاح والتجاوب مع أي مقترح لتسهيل التأليف يُراعي المعايير الموحّدة والأصول الدستورية والتوازنات السياسية”.
وأكدت مصادر ثنائي أمل وحزب الله لـ “البناء” ان مساعي الرئيس بري هي الفرصة الأخيرة لولادة الحكومة في ظل توافر المؤشرات الإيجابية الداخلية واستعداد الجميع للحل وإلا فالأزمة مفتوحة على كافة الاحتمالات كاعتذار الحريري وحصول استقالات من مجلس النواب من عدة أطراف لذلك على عون والحريري تلقف الأجواء الإيجابية والوقوف خلف مساعي بري لإنجاحها وإنقاذ البلد”.
وحتى تبيان الخيط الأبيض في مساعي الرئيس بري من الأسود، تستمر معاناة اللبنانيين اليومية جراء الأزمات الحياتية والاقتصادية لا سيما أزمة القطاع الصحي والكهرباء والمحروقات، وفيما أفيد أن مخزون وزارة الطاقة من المحروقات يكفي لأسبوع واحد فقط، وقع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال 4 اعتمادات بقيمة 62 مليون دولار لشراء الفيول و”الغاز أويل” لمؤسسة كهرباء لبنان. وهذه الاعتمادات سترسل تباعاً إلى مصرف لبنان للبتّ النهائي بدفعها.
في غضون ذلك استقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي، السفير السعودي في لبنان وليد بخاري. وتمنّى بخاري “تغليب المصلحة الوطنية العليا في لبنان على اي مصلحة فردية تحول دون إيجاد الحلول الناجعة التي تعيد للبنان الاستقرار والأمن والازدهار”. وشدد البطريرك الراعي على “ضرورة الحفاظ على حسن العلاقات مع السعودية”، متمنياً “إعادة النظر في القرار الذي اتخذته في ما يتعلق بتصدير المنتوجات الزراعية اللبنانية الى السعودية”. واكد بخاري انه “يتمّ العمل على تذليل الأسباب التي ادت الى اتخاذ هذا القرار”.
على صعيد آخر، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان “البنك المركزي سيقوم بعمليات بيع للدولار الأميركي للمصارف المشاركة على منصة “صيرفة” بسعر 12 ألف ليرة للدولار الواحد. وطلب من المشاركين الراغبين بتسجيل كل الطلبات على المنصة اعتباراً من الاثنين 31 أيار 2021 لغاية الأربعاء 2 حزيران 2021، شرط تسديد المبلغ المطلوب عند تسجيل الطلب بالليرة اللبنانية نقداً. وستتم تسوية هذه العمليات يوم الخميس 3 حزيران 2021. وتدفع الدولارات الأميركية لدى المصارف المراسلة حصراً. مع الاشارة الى انه تم تكليف لجنة الرقابة على المصارف للتأكد من التزام الصرافين بتطبيق التعاميم ذات الصلة”.
*- صحيفة الأخبار* كتبت تقول سجّلت المصارف التجارية في 3 أشهر من عام 2021 خسائر تفوق ما سجّلته مُجتمعةً عام 2020، حتى وصلت الأزمة لدى بعضها إلى تآكل أموالها الخاصة، التي عادة ما يُعوَّل عليها لترميم الخسائر. النسبة الكبيرة للخسائر تضع ملاءة المصارف وسيولتها في دائرة الخطر، ما يفترض إعادة تكوينها من جديد، قبل البحث في زيادة رأس مالها ودورها في تنمية الاقتصاد!
8 مليارات و719 مليون دولار هي صافي خسائر القطاع المصرفي في لبنان لعامَي 2019 و2020 والأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021. الأرقام ضخمة، أهميتها أنّها تُثبّت الواقع المرير الذي أوصلت المصارف نفسها إليه، وبأنّ الـ20% زيادة على رأسمالها التي فرضها البنك المركزي لن تكون كافية لتغطية الخسائر، هذا قبل التفكير في وضع خطط نهوض وتفعيل العمل المصرفي.
حجم الخسائر ليس نهائياً، والتقديرات تُشير إلى أنّه يتخطّى الـ8 مليارات دولار، فأرقام الفصل الأول من عام 2021 (3.4 مليارات دولار) تُعدّ مؤشّراً على النسب التي ستُسجّلها الفصول اللاحقة. إضافةً إلى أنّ المصارف قد لا تكون صرّحت عن كامل الخسائر التي تعرّضت لها، مُختارةً تقسيطها على سنوات عدّة، وعدم احتسابها دُفعةً واحدة. في كلّ الأحوال، تتقاطع أرقام الخسائر مع الورقة التي نشرتها قبل أيام وكالة «ستاندرد أند بورز» الائتمانية بأنّه حتى ولو أمّنت المصارف زيادة الـ20% والـ3% سيولة في حساباتها لدى المصارف المراسلة في الخارج، «من غير المُرجّح أن يؤدّي ذلك إلى استقرار القطاع المصرفي»، فالحجم الحقيقي لخسائر البنوك لن يظهر فعلياً «إلا بعد إعادة هيكلة الدين العام»… وقد بدأ رأس جبل الجليد بالظهور في صيف عام 2019، أي قبل أشهر من انطلاق انتفاضة «17 تشرين»، ما ينفي مزاعم حزب المصرف في الربط بينها وبين الانهيار المالي والنقدي. السياسات الاقتصادية والمالية التي اعتُمدت لم تكن ستوصل إلّا إلى هذه النهاية، وكانت مسألة وقت فقط قبل انفجار الأزمة.
أتت موازنات المصارف التجارية لـ«تُصوّب» النقاش، وتحسم بأنّ «سنة 2019 كانت سنة الانهيار النقدي بعد 22 عاماً من استقرار العملة. هي نقطة تحوّل جوهرية»، وفق التقرير المالي الصادر عن «بنك داتا». وقد تبيّن أنّ المصارف تكبّدت ملياراً و891 مليون دولار خسائر عام 2019، مقارنةً مع أرباحٍ بلغت 2 مليار و456 مليون دولار سنة 2018. أما حقوق المساهمين فقد تراجعت من 24.752 مليار دولار سنة 2018 إلى 20.829 مليار دولار في العام التالي.
«من يُخفِ علّته تقتلْه»… وهذا ما حلّ بالقطاع المصرفي. عدم اتخاذ مصرف لبنان إجراءات حاسمة وجدّية لمعالجة الخسائر، لا بل العمل على دسّها تحت السجادة تارةً عبر ما يُسمى «هندسات مالية» وطوراً عبر تعاميم إنقاذية، أدّى إلى تضخّمها بشكلٍ مسح رساميل بعض المصارف من الفئة الأولى. فوفق أرقام مصرف لبنان غير الرسمية، والتي حصلت «الأخبار» على نسخةٍ منها، بلغت خسائر القطاع المصرفي لسنة 2020 نحو 5.03 تريليون ليرة، أو 3.3 مليارات دولار. وهو تقريباً الرقم نفسه المطلوب أن تأتي به المصارف لزيادة 20% على رأسمال. إلا أنّ الـ3.3 مليارات دولار لا تعكس الخسائر الفعلية، لأنّ أكثرية المصارف أجّلت احتساب المؤونات على شهادات الإيداع لدى «المركزي» (حدّ أدنى 1.89%) وسندات الدين بالعملات الأجنبية (حدّ أدنى 45%)، مُستفيدة من السماح لها بتقسيطها على 5 سنوات. أخذت التطورات منحى أكثر سوداوية لدى المصارف هذه السنة، مع بدء تكوين المؤونات، فبلغت الخسائر لغاية 31 آذار 2021 عتبة الـ5.2 تريليون ليرة، أي 3.4 مليارات دولار. ثمّة مصارف كوّنت مؤونات على سندات الدين بالعملات الأجنبية، («يوروبوندز»)، وصلت إلى 70%، و12% على شهادات الإيداع لدى مصرف لبنان، ما يُعدّ أول اعتراف واضح بعمق الأزمة