دخلت فرنسا مجددا على خط تشكيل الحكومة وربما إحياء المبادرة الفرنسية بعد التصدع التي تعرضت له.
وفي هذا الإطار ، يصل إلى بيروت نهاية الاسبوع المقبل موفد الرئاسة الفرنشية باتريك دوريل بهدف تحريك مسار تأليف الحكومة.
على صعيد مواجهة فيروس كورونا ، سجل اليوم الأول من الخروج التدريجيّ من الإغلاق التام فشلا كبيرا في تطبيق مندرجات المرحلة الأولى منه.
-
جريدة الأخبار كتبت تقول “يصِل الموفَد الفرنسي باتريك دوريل إلى بيروت نهاية الأسبوع. ثمة من يعوّل على هذه الزيارة باعتبار أن نتائجها ستكون حتماً إيجابية. حتّى الآن كل المعلومات تتقاطع حول أن الفرنسيين لا يحمِلون حلولاً جدية، فالعثرات الخارجية لا تقّل عن تعقيدات الداخل.
لم يكُن ينقُص صورة الغموض الكبير الذي يكتنِف المساعي الدولية «لأجل لبنان» سوى تضاعُف المؤشرات الداخلية السلبية لدحض التعويل على حراك فرنسي، زُعِم أنه سيؤدي الى ولادة حكومية قريبة جداً، وذلك من خلال مؤشرات عديدة:
الأول، أن رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، الذي كانَت القوى السياسية تنتظِر أخباراً عن جولته خارِج البلاد، بدأ يتبيّن لها أنه خالي الوفاض. بعدَ مصر والإمارات، لن يتوجّه الحريري إلى باريس كما كانَ متوقعاً. وبحسب أكثر من مصدر، سيتوجّه الرئيس المكلف من أبو ظبي الى تركيا في غضون يومين، وزيارته هذه تتعلّق بملفات «مالية – شخصية» تتّصل بأعماله هناك. وهذا الأمر يعني أن ليس في جعبة الفرنسيين ما هو جديد لنقاشِه مع الحريري.
الثاني، هو الاتصالات التي أجراها الفرنسيون في الأيام الماضية مع القوى السياسية، تحديداً المعنية بملف تأليف الحكومة. من بعبدا الى عين التينة مروراً بحارة حريك. في حديثهم، لم يقدّم الفرنسيون أي فكرة، ولم يَظهر في كلامهم أن في جعبتهم ما يستطيعون من خلاله الضغط على اللبنانيين لتقديم التنازلات. بل على العكس، حاولوا استطلاع الأجواء بشأن إذا ما كانَ هناك ما يُمِكن القيام به!
والثالث، استمرار التعارك الداخلي، الذي تُوّجَ أخيراً بالهجوم المتبادل بينَ رئيسيّ الجمهورية ومجلس النواب عبرَ الإعلام. وإن كانَت خلفية هذا التعارك، ظاهرياً، هو ما صرّح به النائب أنور الخليل حول «الفصل السابع»، لكن يبقى الأصل في حزازات النفوس بين الرئيسين.
آخر المعلومات، بحسب ما أكدته مصادر لـ«الأخبار»، أن مستشار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأدنى، باتريك دوريل، سيحطّ في بيروت نهاية هذا الأسبوع. ثمة مَن يتعامَل في لبنان مع توقيت العودة الفرنسية، على أنها وثيقة الصلة بمناخ إقليمي مستجدّ أسّست له نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة، وأن هذا المناخ يتجّه بالمشهد اللبناني نحو مرحلة هدنة عبر تأليف حكومة ظرفية بـ«التراضي». غيرَ أن مسار الأمور في الخارج ليسَ أقلّ تعقيداً من الداخل، وتُعيقه أكثر من عثرة.
– بعدَ أن رأت باريس في تغيير الإدارة الأميركية فرصة للتعويض عن إخفاقها في الملف اللبناني، توجّهت الى واشنطن لتعويم مبادرتها من جديد. الواقع أن الأميركيين ليسوا إيجابيين في ما يتعلّق بالملف اللبناني، بعكس ما يحاول البعض التسويق. الأميركيون أولوياتهم في مكان آخر، ولبنان على آخر جدول أعمالهم، لذا فإن وضع الملف بأيدي الفرنسيين ليسَ تفويضاً مطلقاً، لكن ترك الأمر لهم للبحث عن حلول «إما أن يرفضها الأميركيون أو يقبلون بها في ما بعد».
– لم تنجَح باريس حتى الآن في استنساخ توافق فرنسي – سعودي، على غرار التوافق الفرنسي – الإماراتي. الإماراتيون كانوا أكثر انفتاحاً في ما يتعلّق بالأزمة اللبنانية، بينما الرياض لا تزال عند موقفها الرافض لأي تسوية مع إيران وحزب الله، وبالتالي لن يكون بمقدور الإمارات القيام بأي دور فعّال مستقلّ عن السعودية، كما لن يكون لدى الرئيس المكلف القدرة على تجاهل الفيتو السعودي لأي تسوية، حتى ولو كانَ الفرنسيون عرّابيها.
– لا رأي واحداً داخل الإدارة الفرنسية بشأن الأزمة اللبنانية؛ ففيما يميل مدير وكالة الاستخبارات الخارجية برنارد إيمييه الى الحريري، بطبيعة الحال نظراً إلى كونه صديقاً قديماً لجماعة «ثورة الأرز»، يفضّل رجال الإليزيه تدوير الزوايا «على الطريقة اللبنانية».
وأخيراً والأهم، طغيان السقوف الداخلية على ما عداها. فلا أحد من الأطراف المتصارعين يجِد نفسه مضطراً الى التراجع. الحريري – في جولته خارج البلاد – سمِع كلاماً من قبيل أن الرعاية الإقليمية التي يبحث عنها هي مشروطة بعدم تنازله وبعدم العودة عن اللاءات التي سبقَ أن وضعها، بينما خلاصة كل حديث مع رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل مفادها «ما دامَ الحريري هو الرئيس المكلف، وما دام كل فريق يشترط حصته وأسماء الوزراء، فيحق لرئيس الجمهورية أن يطالب بحصة وازنة، وان يسمّي وزراءه». -
صحيفة البناء كتبت تقول “في وقت تسعى باريس للملمة شتات أوراقها بعد صفعة أميركية إيرانية لمحاولتها استرضاء السعودية بالسعي لتلبية طلبها بالشراكة في التفاوض حول الملف النوويّ الإيرانيّ، أملاً بالحصول على دعم المبادرة الفرنسية نحو لبنان وتحرير الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري من الضغوط السعودية، أقدمت قطر على ترتيب أوراقها للسير بالتوازي مع المبادرة الفرنسية والسعي للتشارك معها، وتحت سقف النظرة الأميركية الجديدة للمنطقة، وضمن إطار انفتاح على إيران، لا تملك فرنسا مثله، ومال تملكه قطر تحتاجه فرنسا لإنجاح مبادرتها، والمصادر المواكبة لزيارة وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن الى بيروت اليوم للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعدد من المسؤولين اللبنانيين، تقول إن قطر التي انخرطت في مصالحة خليجيّة طرفها الآخر السعودية تدرك حجم الارتباك السعوديّ في ظل المتغيرات الأميركية، بحيث يختلف انكفاء الرياض النابع من الانشغال بما هو أهم عن لبنان في ظل إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن عن انكفاء القطيعة العقابي خلال ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، خصوصاً مع تلويح بعض أعضاء الكونغرس بإنزال عقوبات على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قضية قتل الصحافي جمال الخاشقجي. وتتحرك قطر وفقاً للمصادر باعتبار المصالحة مع السعودية التزاماً قطرياً بعدم التدخل في الشؤون السعودية في ظروف القلق السعودي وارتباك العلاقة السعودية الأميركية، وما ينتظر رهان ولي العهد السعودي في حرب اليمن، ولكن باعتبار هذه المصالحة مدخلاً لالتقاط فرص سياسية تعجز السعودية عن مواكبتها، ولا تملك فرصة الاعتراض والاشتباك مع مبادرة قطرية تجاهها. وتختم المصادر بأن قطر التي تستعيد نشاط عام 2008 نحو اتفاق الدوحة في مناخ مرونة حركة نحو واشنطن وطهران وباريس، تملك فيها مفاتيح يعززها اقتدارها المالي وسرعة مبادرتها وترتيب أوراقها وملفاتها بحرفية دبلوماسية.
لبنانياً، كان مشهد اليوم الأول من الخروج التدريجيّ من الإغلاق التام موضع الامتحان أمس، والنتيجة جاءت فشلاً ذريعاً تمثل بحجم الناس الذي غادروا الإقفال، وخرجوا بسيارتهم، وتخطّوا قواعد التباعد الاجتماعي في الأماكن التجارية، وغابت الكمامة عن وجوه أغلبهم، ما أعاد قرع جرس الإنذار لمخاطر خسارة كل العائدات الإيجابيّة لفترة الإقفال وقد بدأت تظهر نتائجه الإيجابية بتراجع عدد الإصابات منذ أسبوع الى النصف تقريباً مقارنة باليوم الأول للإقفال، وبدء تراجع عدد الوفيات تدريجياً منذ يومين، بعدما بلغت حافة المئة حالة، باعتبار الوفيات تعبر عن رقم الإصابات قبل شهر، فيما كان متوقعاً أن تسجل الوفيات انخفاضاً إلى مستويات أدنى خلال الأسبوعين المقبلين. وحذرت مصادر صحية من خطورة التفلت من الضوابط والإقفال داعية الجهات الأمنية الى المزيد من التشدد.
على الصعيد السياسي الداخلي، توقف الوسط السياسي والإعلامي أمام دعوة البطريرك بشارة الراعي لتدويل الوضع اللبناني، وتابعوا مواقف الفاتيكان لرصد ما إذا كان كلام الراعي يحظى بتأييد فاتيكاني أو يمثل تعبيراً عن مشروع جدّي مطروح في الأوساط الدولية، فجاء موقف البابا فرانسيس بالدعوة لاستعادة لبنان كنموذج تعددي لعافيته من دون أية إشارة للتدويل دلالة كافية على حدود كلام الراعي.