التجريب والأصالة .. الاقتصاد السوري التجريبي
الدكتور شادي احمد | باحث سوري في الشؤون الإقتصادية والسياسية
من المعروف إن وجود مدرسة علمية/فكرية و هي المدرسة التجريبية التي تهدف إلى تجريب نماذج جديدة في القضية التي يتم التعامل معها.. كانت من المناهج المهمة لتطور الإبداع البشري..
و أساس فكرة (التجريبية) هو إبداع طرق مستحدثة للتفكير و العمل خارج الصندوق… وصولاً إلى معادلة مثبتة و صالحة للتطبيق في الزمان و المكان المطلوبين…
ثم يتم وضع إطار معرفي لهذه التجربة بعد التأكد من نجاحها.. هذا الإطار المعرفي/النظري يسمى عملية (التأصيل) العلمي..
لماذا هذه المقدمة المكثفة. و التي قد لا يستهويها البعض؟
إن السياسات الاقتصادية التجريبية السورية و التي بدأت منذ أوائل التسعينات لم تعط ِ حتى الآن رؤية اقتصادية حقيقية للاقتصاد السوري.
هي سياسات اعتمدت على (التجريب) دون أن يكون هناك أي تأصيل لاحق..
اعتمدت على التجريب ليس من خلال إبداع سياسات اقتصادية سورية محضة … بل اعتمدت على تجارب الآخرين من الدول بغض النظر كانت فاشلة أو ناجحة… و بغض النظر.. خارج أي صندوق جرى التفكير…
اعتمدت على التجريب دون وضع أهداف أو مؤشرات محددة للوصول إليها… و الأسوء.. دون تحليل الواقع الاقتصادي تحليلاً عميقاً..
اعتمدت على التجريب دون مكاشفة الرأي العام (الذي سيتحمل اجتماعياً و اقتصادياً) ضريبة الفشل… هذه المكاشفة التي ستقول للمواطن.. هناك مسيرة صعبة خلال هذه التجربة.. و لكننا سوف نتوصل إلى المؤشرات التالية….
اعتمدت على التجريب (فردياً و ليس مؤسساتياً) بمعنى أن من يجرب هو المسؤول لوحده و ليس كامل المؤسسة و الدليل حدث منذ يومين…. (عندما صدر قرار ما في وزارة ما.. ألم تشارك كل مؤسسات الوزارة في صنع القرار و كل المسؤولين و الخبراء فيها …؟؟ و بالتالي.. إذا تغير المسؤول الأول.. و غير القرار… أين هم من أيدوا القرار الأول ثم أيدوا القرار الثاني المعاكس للأول خلال فترة عشرين يوم)
قاد عمليات التجريب الأكبر في سورية شخصيات ليس لها علاقة بالاقتصاد لا علمياً و لا عملياً.. فكانت النتيجة أن النقطة التي كانت تحت حرف (الجيم) صارت فوقه..