ميخائيل عوض | كاتب وباحث
التقرير السياسي الاسبوعي ٢١-٩-٢٠٢١
ناقش المتفاعلون في صالون الاحد “روم هنا دمشق” اهم التطورات السياسية ومنها؛
– التباينات الامريكية الفرنسية حول صفقة الغواصات الاسترالية-مؤشرات واحتمالات.
-زيارة الاسد لموسكو واستدعاء اردوغان
– ايران عضوا كامل في منظمة شنغهاي.
– اعتقال ابطال نفق الحرية في جنين.
-التحرشات الاسرائيلي بالحدود البحرية للبنان.
وخلص النقاش واتفقت الآراء على الاتي؛
تصاعد التعارضات الفرنسية الامريكية بعد اقصاء فرنسا من صفقة صناعة الغواصات النووية لأستراليا بفعل ضغوط امريكية وتلزيم الصفقة لشركات امريكية وبريطانية، ومسارعة فرنسا لسحب سفيرها من واشنطن كإجراء سياسي ودبلوماسي يعبر عن حجم الاعتراض الفرنسي وتعبيرا عن الحرج والغدر الامريكي بالحلفاء ما استولد اراء ودراسات تفترض ان العلاقات الامريكية الفرنسية بدات تشهد توترات قد تتصاعد وصولا لاحتمال تفكيك حلف شمال الاطلسي، وانفماك التحاف الامريكي الاوروبي، خاصة وان امريكا بإجراءاتها التي تستهدف فرنسا وسبق ان استهدفت المانيا التي تمردت على الاملاءات الامريكية في مسائل وقضايا حساسة كالانخراط بالحرب على الصين وروسيا والتمسك باتمام خط نقل الغاز الروسي لأوروبا وفي عدم تورط المانيا بدعم واسناد الحكومة الاوكرانية في صراعها مع روسيا، وما ينكشف من التزام ادارة بايدن رؤية وخطط ترام للانسحابية وتفضيل المصالح الامريكية على الحلفاء والتعاقدات الدولية والاقليمية والعولمة، ويتثبت من صفقة استراليا ان امريكا تسعى لانشاء حلف الانكلوساكسوني على حساب تحالفاتها الاوروبية والتاريخية، كما يؤشر الاجراء الامريكي على عمق وعنف الازمات الاقتصادي التي تعاني منها امريكا ما يدفعها الى اعادة صياغة علاقاتها مع الجميع على قاعدة اولوية المصلحة الامريكية.
الانسحابية الامريكية الجارية والمتسارعة تحمل في طياتها احتمالات اعادة هيكلة امريكا نفسها وتحالفاتها وخططها التي تتركز على هدفين؛ الاول حماية امريكا نفسها واعادة هيكلتها واحتواء ازماتها وتعزيز علاقاتها الاقتصادية وقدرتها على المنافسة ولو من حساب الحلفاء التقليدين، والهدف الاخر هو حصار الصين وتخليق سلاسل ازمات لها في بنيتها ومحيطها بما في ذلك توريط جيرانها بتحمل اعباء ونفقات سباق تسلح واحتكاكات على كلفتها ولصالح امريكا.
عن مستقبل الناتو، واحتمالات تصاعد التعارضات مع امريكا يبدو انها امور مرجحة فلم يعد لأمريكا من مصالح في اوروبا المأزومة والمتوترة، والمتحولة الى منافس اقتصادي مع تراجع الفرص بسبب صعود الصين وتمكن روسيا وتحول ايران الى قطبية اقليمية صاعدة وساعية الى النفوذ والمصالح في بيئتها وعالمها، ولم يعد للاتحاد الاوروبي من مهام ووظائف قادر على انجازها فالأمريكي قرر الانسحاب من الشرق العربي والعالم الاسلامي وخسر المعارك على افريقيا وبات هدفه المحوري الصين وصعود اوراسيا فجل السياسات والتحالفات والخطط الامريكية ستتركز في اسيا والباسيفيك وشرق اسيا.
المانيا سجلت لنفسها موقعا ومواقفا واعتراضات على السياسات الامريكية في اجمالي الملفات والمانيا تمثل العامود الفقري الاقتصادي للاتحاد الاوروبي واذا تكاملت معها فرنسا تحت وطأة المزاحمة مع امريكا اقتصاديا وفي عصب الاقتصاد الفرنسي وعامود النظام ودولته العميقة المؤسسة العسكرية والصناعات العسكرية التي استهدفتها أمريكا وتحاول منع دول من شراء طائرات الرافال واستبدالها بال ف٣٥، وهذه ستتحول الى مواد تعمق التناقضات وتزيد في حدة الصراعات ما يدفع للاعتقاد بان مستقبل العلاقات الامريكية الاوروبية الى مزيد من التباعد ما قد يدفع اوروبا الى الحاضنة الاوراسية وهذا احتمال راجح.
قبول ايران عضوا كامل العضوية في منظمة شنغهاي يؤشر الى ما اصبحت عليه ايران من قوة اقليمية وكدولة فضائية ونووية نجحت في صد الحروب والاعتداءات والتحرشات الامريكية والاسرائيلية وامنت نفسها وخرجت من الحروب منتصرة وقوية بحلفها الصاعد والمتوثب، فمسارعة شنغهاي لقبولها بحفاوة يؤشر الى حجم ما باتت تمثله وكم انضمامها يعطي دفعا لشنغهاي المؤسسة الاقليمية الصاعدة والواعدة وربما سرع الانسحاب الانهياري لأمريكا من افغانستان من قبول ايران بكامل العضوية ومنظمة شنغهاي لها ان تتحول الى تحالف استراتيجي بأبعاد امنية وعسكرية اكثر ثباتا ومستقبلية من الاتحاد الاوروبي المأزوم ومن تحالف الناتو او حلف وارصو المنحل بعد سقوط الاتحاد السوفيتي وقد يمثل انضمام ايران ردا قويا على تحالف ماركوس الذي انشاته امريكا في شرق اسيا لمحاصرة الصين وروسيا.
وكذلك يعطي ايران المزيد من اوراق القوة والحماية والتامين في وجه التحرشات الامريكية والإسرائيل وتمثل شنغهاي فرصة وسوق هامة جدا لاستعادة ايران مكانتها الاقتصادية وحل ازماتها الاجتماعية.
زيارة الاسد لموسكو وما دار فيها وما يتبعها وفي توقيتها تفترض ان الاهداف المتوخاة منها اتفاقات روسية سورية ذات طابع استراتيجي وتأسيسا لاستعادة سورية لسيادتها في شرق الفرات وادلب والحدود مع تركيا فالزيارة حدثت بعد انجاز تفكيك المعارضات المسلحة في درعا وحوران والقنيطرة وبدء العمليات العسكرية في بادية الشام وتصعيد العمليات العسكرية في ادلب، وجاء كلام بوتين وتركيزه على لا شرعية اي وجود لقوات اجنبية في سورية وطلبه سحبها كمؤشر على احتمالات الانسحاب الامريكي من شرق الفرات والتنف ما يفسر استدعاء ممثلي قسد ومسد لموسكو ومطالبة الكرد روسيا بالتوسط مع الدولة السورية وهكذا يمكن معرفة اهداف استدعاء اردوغان الى موسكو على وقع تهديدات وحشود تركيا باتجاه مناطق سيطرة شمال شرق سورية، والتحرشات التركية غير مفصولة عن مناخات ومعلومات تفيد باقتراب موعد سحب القواعد الامريكية من سورية، وبكل الاحوال فتحول موسكو الى محجة الاطراف المعنية بالأزمة السورية يعزز احتمال الانسحاب الامريكي من سورية والشروع في معالجة اثاره والبحث عن اليات لتصفية الوجود التركي والمجموعات المسلحة بما في ذلك انهاء ظاهرة قسد واخواتها والمتوقع ان تشهد حالة انهياريه كتلك التي جرت في افغانستان على اثر الانسحاب الامريكي ومن الرئج والمتداول ان بوتن سيلزم اردوغان تحت تهديد العمل العسكري العاصف باتفاقات موسكو واستانا خاصة فتح طريق م٤ وفصل مسلحي تركيا عن الارهابيين والمتوقع ان يخضع اردوغان ويستجيب بلا شروط فتركيا ليست بحاجة لازمة جديدة ومعارك خاسرة.
نجاح إسرائيل بإعادة اعتقال ابطال نفق الحرية برغم ما اثاره من حالة استياء وحزن الا انه لا يغير في الاحوال والادلة الهامة لنجاح المجاهدين بحفر النفق والخروج الى الحرية تعبيرا عن تصميم وابداع الحركة السجينة التي تمثل روح فلسطين وشعبها الصابر المقاوم والمتوثب لانتفاضة التحرير، فإعادة اعتقال الابطال يؤشر الى الدرك الذي بلغته سلطة ابو مازن ومستويات تنسيقها الخياني مع اسرائيل وامنها على حساب القضية والشعب الفلسطيني كما تكشف حجم انشغال الفصائل الفلسطينية بهومها الفصائلية والعقائدية والشخصانية على حساب القضية الفلسطينية ووجوب التوحد لحماية الاسرى والحقوق واشعال الانتفاضة وتصعيد المقاومة والاشتباك مع اسرائيل.
التحرشات الاسرائيلية بلبنان وبملف النفط والغاز بتلزيمها شركة هاليبرتون الامريكية يفسر على انه استدعاء لعودة المفاوضات لترسيم الحدود وجار القول ان طبخة ترسيم حدود بحرية وبرية قد نضجت ومنها انسحاب اسرائيلي من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، ومحاولة لإشغال لبنان عن هزيمة اسرائيل المدوية التي تحققت بوصول قوافل البواخر الايرانية النفطية الى المستهلك اللبناني وانكسار حلفاء وادوات امريكا في لبنان ونجاح لبنان بتشكيل حكومة ميقاتي ب٨٥ صوت للثقة.