الباحث حسن حردان : سيادة القناعة باللجوء الى خيار الكفاح المسلح من أهم سمات المقاومة الفلسطينية الجديدة

اكد الباحث السياسي، حسن حردان، ان من أهم سمات المقاومة الجديدة انخراط الأجيال الجديدة من الشباب الفلسطيني بقوة وفعالية في هذه المقاومة، وسيادة القناعة باللجوء الى خيار الكفاح المسلح، فلا سبيل في مواجهة هذه العدوانية الصهيونية سوى تصعيد المقاومة الشعبية والمسلحة لتحرير الارض.

وكالة مهر للأنباء – القسم الدولي: ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجزرة بشعة في مدينة نابلس، حيث اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلية مدينة نابلس فجر يوم الأربعاء الماضي لترتكب مجزرة كبيرة استشهد فيها 11 فلسطينياً، وأصيب مئات آخرين بجروح.

وتعليقا على مجزرة نابلس وإطلاق صواريخ من غزة، قالت المقاومة الفلسطينية في غزة انها ستظل حاضرة دائما للدفاع عن الشعب الفلسطيني، وانها تراقب “كل تفاصيل الإجرام الصهيوني” وتؤكد أن صبرها “آخذ في النفاد”. واكدت المقاومة الفلسطينية ان الاحتلال الإسرائيلي يحاول يائساً في كل مرة الانفراد بإحدى ساحات الشعب الفلسطيني، وهو ما لن تمرره المقاومة، وكانت حاضرة بالرد وتثبيت المعادلة. فالمقاومة تثبت معادلة القصف بالقصف، وأن الرد على عدوان الاحتلال سيظل حاضرا. ولن ينجح الاحتلال في الانفراد أو فصل ساحات شعبنا.

وفي هذا الصدد أجرت مراسلة وكالة مهر، “وردة سعد” حواراً صحفياً مع الباحث السياسي الأستاذ “حسن حردان”، وأتى نص الحوار على الشكل التالي:

** تعيش الاراضي الفلسطينية المحتلة وضعاً خطيراً في ظل التصعيد العنصري لحكومة الاحتلال.. فالى اين تتجه الامور في فلسطين المحتلة؟ وهل ستفجر حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الاوضاع الى حرب شاملة؟

لن يكون من السهل على نتنياهو ولا على الكيان، أن يدفع الاوضاع الى حرب شاملة في المنطقة لان جيش الاحتلال لا يضمن تحقيق النصر فيها في مواجهة قوى المقاومة في المنطقة التي تملك القدرات الكبيرة

تتجه الامور نحو مزيد من تأجيج المواجهات الشعبية والمسلحة مع قوات الاحتلال والمستوطنين الصهاينة.. ففي ظل قرار سلطات الاحتلال الايغال في تنفيذ مخططها الاستيطاني التهويدي في القدس والضفة الغربية المحتلتين، والمصحوب مع تصعيد الإجراءات التعسفية ضد الشعب الفلسطيني والاعتداءات التي تشنها قوات الاحتلال وارتكابها المجازر المتواصلة بحق الفلسطينيين، والتي كان اخرها مجزرة نابلس، وفي ظل انسداد اي افاق للحلول السياسية، فإن الشعب الفلسطيني لا يجد أمام من خيار، في مواجهة هذا العدوان الصهيوني المتمادي، سوى اللجوء إلى المقاومة الشعبية والمسلحة.. على ان هذا التصعيد الصهيوني من المحتمل ان يقود إلى انفجار شامل في الصراع واندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة تشمل كل انحاء الأرض الفلسطينية، تزاوج ما بين العمليات الفدائية والمواجهات الشعبية..

اما بخصوص احتمال ان تقدم حكومة نتنياهو على حرب شاملة، فإنه من المتوقع ان تواصل تصعيدها في داخل فلسطين المحتلة خصوصا في ظل وجود أحزاب دينية متطرفة داخل حكومته، تسعى إلى تسريع تنفيذ مخطط السيطرة على القدس، والضفة الغربية، فيما نتنياهو سيبقى أسير سياسة هذه الاحزاب، غير البعيد عنها، حتى لا تنهار حكومته.. لكن في نفس الوقت لن يكون من السهل عليه ولا على الكيان، أن يدفع الاوضاع الى حرب شاملة في المنطقة لان جيش الاحتلال لا يضمن تحقيق النصر فيها في مواجهة قوى المقاومة في المنطقة التي تملك القدرات الكبيرة وتدفيع كيان العدو الثمن الكبير، واحتمالات ان يقود ذلك إلى تداعيات تهدد وجود الكيان..

** هناك مؤشرات متزايدة على عودة المقاومة كنهج فلسطيني وحيد لمواجهة الاحتلال وسعي سلطات الاحتلال لتهويد القدس وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة.. ما اهم سمات المقاومة الجديدة؟ وهل ترون انها قد تقلب المعادلات في الأراضي المحتلة؟

تجذر المقاومة في اوساط الشباب والاحتضان الشعبي لها قاد الى تصدر مجموعات المقاومة الجديدة المشهد، وهذا ما رفع من مستوى تأثيرها في المعادلة، ان كان على صعيد مواجهة الاحتلال، أو على صعيد حضورها السياسي..

من أهم سمات المقاومة الجديدة، انخراط الأجيال الجديدة من الشباب الفلسطيني بقوة وفعالية في هذه المقاومة.. وسيادة القناعة باللجوء الى خيار الكفاح المسلح، على ضوء تجربة اتفاق أوسلو وما أفضى اليه من نتائج خطيرة في مصلحة الاحتلال، واستفادته منه لفرض مخططه لتصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية..

وبخصوص تأثير ذلك على المعادلات، لا شك في ان تجذر هذه المقاومة في اوساط الشباب، والاحتضان الشعبي لهذه المقاومة، والمواجهات التي تخوضها مع قوات الاحتلال والمستوطنين، إنما يؤدي إلى تعزيزها وزيادة حضورها وفعاليتها في الشارع الفلسطيني، وهذا سيقود بالضرورة إلى تصدر مجموعات المقاومة الجديدة المشهد، مما يرفع من مستوى تأثيرها في المعادلة، ان كان على صعيد مواجهة الاحتلال والمستوطنين، أو على صعيد حضورها السياسي.. وهو طبعا ما اقلق كيان الاحتلال من جهة، والسلطة الفلسطينية من جهة ثانية..

** داخل الكيان الاسرائيلي يتفاقم الصراع بين مكونات هذا الكيان المؤقت.. فهل يمكن توقع انفجار هذا الصراع الداخلي كما يتوقع رئيس الكيان ومحللون اسرائيليون كثيرون؟ وما اسباب هذا الصراع الجوهرية؟

الازمة داخل الكيان المؤقت والمصطنع، نابعة من امرين:

– الامر الاول؛ المأزق الذي أصبح يعاني منه الكيان نتيجة تاكل قوته الردعية وشل قدرته على شن الحروب الواسعة اثر هزائمه المتتالية أمام المقاومة في لبنان وقطاع غزة ومعادلات الردع والرعب التي فرضتها في المواجهة معه..

– الأمر الثاني؛ وهذا الذي أدى حاليا الى اشتداد الصراع بين المعارضة وحكومة نتنياهو، وهو نابع من الصراع بين التيار الديني المتطرف الذي يهدد ما يسمى الطابع العلماني للكيان، وبين المعارضة التي تعارض بقوة هذا الاتجاه ووجوده في الحكومة.. غير ان هذا الصراع لا يتعدى ذلك، لان الفريقين لا يختلفان بشان مواصلة وزيادة عمليات الاستيطان في الارض الفلسطينية، ولا بشان ارتكاب الجرائم ضد الشعب الفلسطيني…

لهذا فان ما يهدد تماسك الكيان واستقراه وتفجير الصراع بين مكوناته وبالتالي وجوده، إنما هو استمرار مأزقه في مواجهة قوى المقاومة وتنامي وازدياد قوة المقاومة الفلسطينية المسلحة، وهو امر مرتبط بزيادة قدرات المقاومة الجديدة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين على استنزاف جيش الاحتلال ومستوطنيه، وبالتالي زيادة كلفة الاحتلال على الصعيدين المادي والبشري ومنعه من ان ينعم بالأمن والاستقرار…

من هنا، على أهمية الصراع الدائر حاليا والقلق الصهيوني من احتمالات ان يؤدي إلى حرب داخلية، يمكن للكيان احتواؤه، والحيلوية دون أن يصل إلى حرب أهلية تهدد وجود الكيان، وهذا ما يفسر اتجاه حكومة نتنياهو إلى تصعيد هجماتها واعتداءاتها ضد الشعب الفلسطيني وإطلاق العناق لمخطط الاستيطان..

** السياسات الاستيطانية الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة اثارت اخيرا ردود فعل واسعة على الصعيد الدولي وهناك مشروع قرار اممي لتجريم السياسات الاسرائيلية.. الى اي حد يمكن المراهنة على الضغط الدولي لوضع حد لنهج تهويد وقضم الاراضي الفلسطينية؟

لا امل يرجى مما يسمى المجتمع الدولي كي يقدم على اتخاذ اي اجراء يجرم فيه كيان الاحتلال على انتهاكاته السافرة لحقوق الإنسان وحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية المشروعة..

التجارب تؤكد ان كيان الاحتلال ضرب عرض الحائط كل القرارات والقوانين الدولية، ومجلس الأمن الدولي لم يتخذ يوما اي إجراءات عملية لردع كيان الاحتلال، لأنه يحظى بدعم وغطاء وحماية أمريكية غربية، تشجعه على التمادي في عدوانه وتجاهل القرارات الدولية.. لهذا لا امل يرجى مما يسمى المجتمع الدولي كي يقدم على اتخاذ اي اجراء يجرم فيه كيان الاحتلال على انتهاكاته السافرة لحقوق الإنسان وحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية المشروعة.. أو لالزام الحكومات الصهيونية بوقف عمليات الاستيطان والتهويد للارض الفلسطينية واستباحة حقوق الفلسطينيين، ولهذا لا سبيل في مواجهة هذه العدوانية الصهيونية سوى تصعيد المقاومة الشعبية والمسلحة لتحرير الارض، واستعادة الحقوق على غرار ما فعلت الكثير من الشعوب التي واجهت احتلالا واستعمارا مثل، الجزائر وفيتنام ولبنان الخ..

** السياسات العنصرية الاسرائيلية تهدد بتفجير الأوضاع في المنطقة والوصول الى حرب تشارك فيها غزة او الى تفجير الحكومة الاسرائيلية من داخلها.. كيف تنظرون الى حالة عدم الاستقرار داخل الكيان الصهيوني؟ وما هي المخاطر التي يشكلها على الامن في المنطقة؟

من الواضح أن العدو الصهيوني يحاول هذه الأيام الهروب من ازماته الداخلية باتجاه تصعيد اعتداءاته ضد الشعب الفلسطيني وسورية والتهديد بالاعتداء على الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحاولة ضرب برنامجها النووي.. لكن دوائر اتخاذ القرار في كيان الاحتلال تدرك جيدا ان اي إشعال للحرب ضد محور المقاومة لن تكون نتائجها مضمونة لصالح الكيان، بل ان هذه الحرب، ستلحق خسائر جسيمة به في ظل عدم يقينه من تحقيق النصر فيها مما سيحدث تداعيات خطيرة على الكيان تهدد وجوده برمته..

هذا عدا عن ان القرار بشن حرب واسعة في المنطقة يحتاج إلى موافقة امريكية، وهو ما تحاذر الاقدام عليه واشنطن لان نفوذها ومصالحها وأمن قواتها وقواعدها في المنطقة وأمن كيان الاحتلال واستقراره سيكونوا عرضة لمخاطر كبيرة.. وهذا ما جعل الادارات الأمريكية المتعاقبة تمتنع عن اللجوء إلى خيار شن الحرب ضد إيران لضرب برنامجها النووي.. وما ينطبق على إيران ينطبق أيضا على المقاومة في لبنان التي باتت تمتلك قدرات نوعية بما فيها الصواريخ الدقيقة القادرة على ضرب اي نقطة هامة في الكيان الصهيوني..

** اين تضع ما يحصل في قمة العقبة رغم ان اغلب القمم من اوسلو حتى اليوم لم تعط لفلسطين المحتلة حقها واذا كان هناك من تأثير على الشارع الفلسطيني وفصائل المقاومة؟

اتضح ان هذه القمة الجديدة لم تأت بجديد سوى انها استهدفت إلزام السلطة الفلسطينية بالعودة إلى التنسيق الأمني مع أجهزة الأمن الصهيونية لاعتقال وملاحقة المقاومين ضد الاحتلال، بعد أن عجز وفشل الاخير في القضاء على المقاومة الجديدة أو اضعاف قدرتها في الرد على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين، كما حصل بالأمس في استهداف شباب المقاومة، المستوطنين قرب بلدة حوارة بمحافظة نابلس، وتمكنهم من قتل اثنين منهم ردا على مجزرة جيش الاحتلال في نابلس..

القمة الجديدة لم تأت بجديد سوى انها استهدفت إلزام السلطة الفلسطينية بالعودة إلى التنسيق الأمني مع أجهزة الأمن الصهيونية لاعتقال وملاحقة المقاومين، بعد أن عجز وفشل الاخير في القضاء على المقاومة الجديدة أو اضعاف قدرتها في الرد على اعتداءات قوات الاحتلال والمستوطنين

ومقابل تأكيد القمة على العودة إلى الالتزام بالاتفاقيات السابقة، واعلان وفد السلطة الفلسطينية العودة إلى التنسيق الأمني للتعاون مع الاحتلال في ضرب وتطويق المقاومين، ووقف عملياتهم، تحت عنوان مواجهة الارهاب، وافق الوفد الصهيوني على تجميد مؤقت للاستيطان وعدم الاقدام على اي خطوات احادية الجانب، لكن قبل أن يجف الحبر الذي كتب به بيان القمة، سارع المستوطنون الصهاينة إلى ارتكاب جريمة جديدة في بلدة حوارة بحرق منازل الفلسطينيين وسياراتهم بمشاركة قوات الاحتلال، فيما أعلن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو استمرار البناء الاستيطاني وشرعنة البؤر الاستيطانية..

بينما قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، أنه لن يكون هناك تجميد للاستيطان أو قيود على نشاط الجيش الاسرائيلي، وان إسرائيل ستنظم 9 بؤر استيطانية وتوافق على 9500 وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية.. وهذا يكشف إلى أي حد باتت السلطة الفلسطينية غير قادرة على رفض الاستجابة للطلبات والاملاءات الأمريكية الصهيونية، وهو ما يعكس تبعيتها وارتهانها لكل من تل أبيب وواشنطن، امنيا وماديا واقتصاديا وسياسيا.. ولو كانت غير ذلك لما قبلت حضور قمة من هذا النوع وتوافق على تجديد التزامها بالتنسيق الامني، فيما دماء المجزرة الصهيونية في نابلس لم تجف بعد.. ولهذا فإن هذه القمة وما صدر عنها ومشاركة السلطة فيها، لاقى رفضا وتنديدا فلسطينيا واسعا على كل المستويات…

/انتهى/

Exit mobile version