البابا التقى عون في الفاتيكان: لبنان في صلب اهتماماتي وسأزوره قريباً

أكد البابا فرنسيس، خلال استقباله أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الفاتيكان، أن للبنان مكانة خاصة في صلاته وهو في صلب اهتماماته «على الرغم من الوضع الدولي المتأزّم على أكثر من صعيد، كما أنه لا يغيب عن اهتمامات الكرسي الرسولي».

وإذ أشار إلى انه مطّلع بأسى «على ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة فيه»، شدّد على أن «لبنان، بجميع أبنائه، المسيحيين والمسلمين، يجب ألاّ يتخلّى عن قيم الأصالة القائمة على الاحترام. وتُعتبر أن من الواجب الحفاظ على الحضور المسيحي في الشرق، كما من الواجب الحفاظ على العيش معاً في لبنان وهي صيغة جعلت منه رسالة».

وأكد أنه يسعى مع الجميع في العالم «من أجل الحفاظ على هذا الوطن الذي لطالما اعتبره الكرسي الرسولي رسالةً ونموذجاً». وأبلغ البابا الرئيس عون إصراره «أكثر من أي وقت مضى»، كما عبّر عن ذلك تكراراً، على أن يزور لبنان «لإعادة إحياء الرجاء فيه»، وقال «في وقت قريب سأزور لبنان. هذا قرار اتخذته، ذلك أن لبنان يبقى على الرغم من أي شيء، نموذجاً للعالم».

من جهته، شكر عون البابا على استقباله، «ولا سيّما في هذا الظرف الدقيق على المستوى الدولي عموماً والأوروبي خصوصاً، نتيجة تداعيات الحرب في أوكرانيا»، كما شكره على «محبته الكبيرة للبنان والتي أظهرها في أكثر من مناسبة».

وإذ شدّد على «أهمية الاهتمام الذي يوليه قداسته في متابعته والكرسي الرسولي لكل ما يساعد على تعزيز الاستقرار في لبنان، وتمكينه من استعادة لعب دوره في محيطه والعالم»، اعتبر أن «لبنان يعاني كثيراً، وهو بأمسّ الحاجة إلى استمرار قداستكم في دعمه. وهو يجتاز مرحلة صعبة لكنه سينتصر عليها حتماً بإرادة أبنائه مجتمعين».

وقال «لا نُريد للبنان الذي يقع في أتون من الصراعات والحروب، أن يدفع أثماناً لما يحصل في المنطقة، وهو بفضل عنايتكم وإصرار أبنائه على النهوض ليس متروكاً لقدره».

وعرض عون مع البابا الوضع في الشرق عموماً وأوضاع لبنان خصوصاً «وما ساهم في تفاقم الأزمات التي بلغت ذروتها نتيجة الإدارات الماليّة الخاطئة لعقود، وتداعيات النزوح السوري، في الوقت الذي تقوم الدول الغربية بتأمين مساعدات لهم ولا تُقدّم مثل هذه المساعدات إلى اللبنانيين، ما ساهم في تراكم الأعباء على لبنان، إضافةً إلى انتشار وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت وما سبّبته كل هذه الأزمات المتلاحقة من تداعيات سلبية». وقال «لقد شهدنا أخيراً، موجة هجرة كثيفة إلى الخارج، طاولت النخب في البلاد، ما يُشكّل خطراً على الهويّة والتعدديّة في لبنان ويُساهم في إضعاف الوجود المسيحي في الشرق».

كما تطرّق البحث إلى العمل الذي يقوم به لبنان لوضع خطّة للتعافي والانطلاق بها من أجل قيامته، «دعماً لصمود الذين ما زالوا على الرغم من كل شيء متمسكين بأرض الأجداد وتمهيداً للانتقال إلى إعادة البناء»، لافتاً  إلى أن «اللبنانيين، مسيحيين ومسلمين يعانون من نتائج هذه الأزمات، وهم مصرّون معاً على الانتصار عليها».

وإذ طلب رئيس الجمهورية من البابا «الاستمرار في دعم لبنان ومساندته في المحافل الدوليّة والإقليميّة»، ووعده البابا بذلك، جدّد له الدعوة الرسمية لزيارة لبنان، التي كان سبق ووجّهها إليه.

بعد ذلك، التقى عون والوفد المرافق أمين سرّ الكرسي الرسولي الكاردينال بيترو بارولين، في حضور أمين سر العلاقات بين الدول المونسنيور بول – ريتشارد غالاغير، وبحث معه «في الأوضاع الصعبة راهناً في لبنان والمنطقة وسُبل تطوير العلاقات الثنائية بين لبنان والكرسي الرسولي في مختلف مجالات التعاون المشترك».

وحضر اللقاء وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب وسفير لبنان لدى الكرسي الرسولي الدكتور فريد إلياس الخازن، والمستشارون رفيق شلالا وأسامة خشّاب وريمون طربية.

وخلال اللقاء مع بارولين، عرض عون للوضع في لبنان، مؤكداً أنه «يجتاز مرحلة صعبة لكنه ماضٍ في استكمال كل مقوّمات مسيرة التعافي، أياً كانت العقبات، وصولاً إلى أهميّة إجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها وأقربها استحقاق الانتخابات النيابية في أيار المقبل».

وشدّد على أن لبنان لا يُمكنه تحمّل عبء النازحين السوريين وعدم عودتهم إلى ديارهم ولا سيّما أن مناطق عدّة في سورية أصبحت آمنة، وسط سكوت العالم ولامبالاته.

من جهته، قال بارولين «قرأت باهتمام بالغ المذكّرة التي سلمتموها إلى المونسنيور غالاغير، ونؤكد معكم فيها ما ذكرتموه من أن لبنان يجب أن يبقى بلداً حرّاً، مستقلاً وذا سيادة، والأب الأقدس يُوصي دائماً بضرورة العيش الأخوي والإنساني معاً في هذا البلد»، مشيراً إلى أن «الاستقرار في لبنان من شأنه أن يُساهم في استقرار المنطقة».

ورداً على اقتراح الرئيس عون أن يقوم الكرسي الرسولي بدعم إنشاء صندوق وطني للبنان بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي «WFP»، أبدى الكاردينال بارولين تفهّم الكرسي الرسولي للاقتراح وترحيبه به، وقال «نحن سندرسه باهتمام وإيجابية».

ورحب بتأكيد عون إجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها وقال «لدينا أسباب كثيرة للوقوف إلى جانبكم، وهو ما يُشدّد عليه البابا في أكثر من مناسبة».

والتقى عون في مقر إقامته بروما، مدير عام منظّمة الأغذية والزراعة FAO كو دونغيي، والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي WFP  دايفيد بايسلي وبحث معهما في اقتراحه إنشاء صندوق دعم وطني للبنان.

Exit mobile version