كتاب الموقع

الاعتداءات الصهيونية ..وسياسة الاحتفاظ بحق الرد .

ملهم ابو زامل | باحث فلسطيني في الشؤون السياسية والإستراتيجية

مُلهَم ابو زامل - كاتب فلسطيني
مُلهَم ابو زامل – كاتب فلسطيني

يذهب بعض الغيارى على السيادة السورية ، مذهبا خاطئا حين يصدقون ان القيادة الروسية تمنع الجيش السوري من استخدام الاسلحة الروسية التي اشترتها الدولة السورية مثل S300 .
ولذلك ارى انه من الواجب الاضاءة على هذا الامر ، كي لا يصب في خانة المروجين لمقولة الاحتلال الروسي ، ويخدم القائلين بضياع السيادة السورية لصالح روسيا وايران ، وان الرئيس السوري( البطل الذي حارب العالم بشعبه وجيشه ويكاد ان يحتفل بالنصر المؤزر عليه ) ليس اكثر من جندي على رقعة شطرنج تحركه تلك القوى ..
فكيف يكون البرهان ؟
بوضع المنطق مقابل الادعاء ، وبجعل الحقيقة تناطح الاتهام ، وباعتلاء قمم السيادة الحقيقية ، يظهر المشهد الحقيقي وتظهر معه كل مفردات الصورة وما يعلق بها من شوائب وترهات .
بداية يجب ان نعلم ان اي صفقة لشراء سلاح وقعت بين الحكومة السورية وروسيا او غيرها من الدول ، لم يُشتَرط فيها كيفية ومتى يتم استخدام السلاح ، وهذا عرف دولي متبع بين جميع الدول .
الا انه وللحقيقة المحضة كانت روسيا تشترط حين شراء سلاحها من قبل الحكومة السورية الا يتم بيعه او نقله الى اي جهة اخرى ، وكان المقصود بذلك حركات المقاومة في لبنان وفلسطين .
وبهذا فإن القول بالفيتو الروسي على الدولة السورية لمنعها من استخدام S 300 هو قول ساقط لانتفاء اصله او وجوده ، ومع ذلك ومع الشرط الذي يقضي بعدم الجواز للدولة السورية ان تبيع او تنقل السلاح الروسي الى غيرها من الدول او المنظمات ،
فقد نقلت اجهزة الدولة السورية الكثير من الاسلحة الروسية الى الحركات المقاومة في كل من فلسطين ولبنان ، وبامر مباشر من السيد الرئيس بشار الاسد .
فاحدثت بذلك فرقا نوعيا كبيرا في الحروب الماضية على غزة ولبنان (كالكورنيت) وهنا يسقط الادعاء الثاني حول الدمية التي يحركها الاخرون التي تتولى القيادة السورية وتثبت ان القرار السوري مستقل ، وغير خاضع حتى بوجود الاشتراطات للمساومةاو الارتهان .
وهو يثبت ايضا ان السيادة السورية لا يستطيع احد ان ينتزعها او يعتدي عليها برغم مانشاهده من اعتداءات صهيونية متكررة دون ان يُرَد عليها ، والاكتفاء بالوسائل الدفاعية التي تمنع الاعتداءات من تحقيق اهدافها وتقلل من حجم الخسائر التي يمكن ان تقع .
كما اننا جميعنا نعلم ان الدولة السورية تمتلك من وسائل الدفاع الجوي التي ربما تضاهي S300 ، وسائل دفاع ايرانية وشبكات رادار ومنظومات كاملة من منظومات الدفاع الجوي التي بمقدورها كشف الطائرات الصهيونية قبيل اقلاعها من مطاراتها في فلسطين المحتلة وتستطيع اسقاطها ضمن الاجواء الفلسطينية ، وايران لم تضع ولا تضع اي اشتراط على الحكومة السورية لاستخدام تلك المنظومات ومع ذلك ايضا تستمر الدفاعات الجوية السورية باتخاذ الموقف الدفاعي ومحاولة اسقاط ماتستطيع من الصواريخ المعادية الصهيونية .
من كل ماسبق وهو غيض من فيض نستطيع ان نصل الى القناعة التالية :
ان القيادة السورية لم تتخذ الى الان ولاسباب لا نعلمها القرار برد الغارة بالغارة والهجوم بالهجوم والضربة بالضربة ، لكننا ولثقتنا غير المحدودة بالقيادة السورية نستطيع ان نؤكد انه قرار حكيم سوف تظهر الايام القادمة مدى فعاليته وحكمته ،وعندها سوف يخجل هؤلاء الغيارى مما نطقوا به استعجالا وما حكموا به تسرعا وما روجوا له دون قصد تماهيا مع الشائعات الممجوجة والدنيئة.
قد يسأل البعض اذا كانت سوريا تمتلك كل هذه الاسلحة والدفاعات ولاتوجد اي موانع او شروط على استخدامها ، وقرارها مستقل وسيادتها غير قابلة للانتقاص ، فما الذي يمنعها من لجم العدو الصهيوني كما فعل حزب الله وحركات المقاومة في غزة وكلاهما اضعف منها ولا يمتلك من الامكانات العسكرية ما تمتلكه الدولة السورية ؟
للجواب على هذا السؤال لا مجال لنا الا التكهنات والتحليلات والتوقعات على خلفية مانعرفه عن القيادة السورية ، اما القول باليقين في ذلك فيجب ان نكون اما من القيادة السورية نفسها او من الانبياء والقديسين الذين يعلمون باذن الله مايغيب عن غيرهم ونحن لسنا كذلك .
لكن التحليل السريع الواثق بالقيادة السورية يقول :
ان سوريا تراكم هذه الاعتداءات في ظل مجتمع دولي واقليمي منحاز بالكامل للصهاينة كي لا تستطيع قوة في العالم بعد ذلك ، التشكيك باحقيتها في ما ستقدم عليه تجاه الكيان الصهيوني .
وربما ولان الاسلوب المقاوم لا يمنح الهدايا للعدو فهي تمتص الاعتداءات المتكررة كي لا يعلم هذا العدو مدى قدراتها واسلحتها السرية التي هي في الغالب عنصر المفاجأة في اي معركة قادمة .
وربما ايضا انه ليس من الحكمة ان تهجم حين ترى الاحجام عزما ، وحين تعلم ان المتربصين والمحتلين والطامعين اكثر مما تستطيع ان تتحمله ، لان تحمل الضربات والاعتداءات اقل كلفة من خسارة الدولة حين تشن اطراف متعددة اولها الكيان الصهيوني هجومها عليك من جميع الاتجاهات ، فحيثما تولوا وجوهكم فثمَّ عدو الله .
ثم ان المقاربة في الردع بين حزب الله في لبنان وفصائل المقاومةفي غزة وبين الدولة السورية خاطئة في اصلها لان الاحزاب والمنظمات لا تقارن بالدول لان خسارة حزب او فصيل لا تسقط الدولة للابد في حين ان خسارة الجيش السوري تسقط سوريا وشعبها الى مالا نهاية ..
اخيرا للقيادة السورية التي تثقون بحكمتها حساباتها ومبرراتها وهي بالتأكيد ليست غافلة عن اقتراحاتكم وآرائكم وحماستكم واحيانا اوامركم التي تملونها عليها ، لكن لكل اجل كتاب ، وبتنا في الصفحة الاخيرة من هذا الكتاب ، انه كتاب كتبت صفحاته بالدماء وخضبت احرفه بنزف الفقراء والمستضعفين الصابرين ، و بدلا من الحبر الذي تكتب به المؤلفات كتب بالكرامة والسيادة الحقيقية التي تكتب بها الاوابد والخالدات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى