الدكتور عمران زهوي | كاتب وباحث سياسي لبناني
بعد كل ما جرى في العالم من انكفاء الولايات المتحدة من عدة مناطق وتحديدا غرب اسيا، والصفعة القوية التي اكلتها امريكا في افغانستان بعد مرور 20 عام ودفع ترليونات واكثر من الفا جندي امريكي واكثر من 600 جندي بريطاني وترك اسلحة تقدر ب 70 مليار دولار ، وكلام الامريكي عن الخروج من سوريا والعراق والتوجه الى بحر الصين الجنوبي واعادة التموضع للقوات الامريكية في العالم ماهي الا دلالة واضحة على ان لم تعد امريكا هي القطب الاوحد في العالم بل اليوم هناك ثلاث اقطاب والصراع قائم على اعادة تموضع بقيه الدول من الاتحاد الاوروبي واسيا وغيرها ضمن هذه الاقطاب،وتراجع الامبراطورية الامريكية بات امر واقع. لذلك من يهدد الامن القومي الامريكي هي الصين بالدرجة الاولى ومن ثم روسيا.
لذلك بدأت مؤشرات السياسة الأمريكية تجاه الصين تتضح. وتعكس هذه السياسة نهجاً أمريكياً قائم على الحوار، دون التخلي عن التشدد الذي تبنته إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب
فالرئيس بايدن تختلف سياسته تجاه الصينى يعتمد تركيزه على بناء سياسة تجاه الصين قائمة على التحالفات. وتشمل هذه السياسة محاولة التنسيق مع حلفاء واشنطن لمواجهة سياسات الصين الخارجية، وإعادة تعزيز نفوذ الولايات المتحدة في المنظمات الدولية. وتنطلق الإدارة الجديدة من موقف ضعف في منطقة شرق آسيا إثر سياسات الإدارة السابقة الانعزالية، وتأثير جائحة كورونا. وقد لفت انتباه المسؤولين والمحللين الصينيين فشل ضغوط الإدارة السابقة على كل من اليابان وكوريا الجنوبية لزيادة انفاقهما الدفاعي. وكان نجاح الصين في إقناع أغلب دول المنطقة للانضمام إلى الاتفاقية الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP) ضربة للنفوذ الأمريكي.ومن ثم انعقدت قمة “كواد” التي ضمَّت زعماء الولايات المتحدة، واليابان، والهند، وأستراليا، وركَّزت نقاشاتها على الصين. وأظهرت القمة أن بايدن يرغب في توسيع نطاق التعاون بين أعضاء المجموعة، ليشمل عناصر “القوة الناعمة” بالإضافة إلى بعدها العسكري. وليس اخرها وهي حلف (AUKUS)امريكا وبريطانيا واستراليا بعد صفعة الغواصات للفرنسي.
أحد أهم القضايا الخلافية التي من المتوقع أن تشغل أجندة البلدين، وتشهد اشتداد حدة التنافس بينهما، هي التكنولوجيا. ويرى وانغ دا، نائب مدير المعهد الأمريكي بجامعة جيلين الصينية، أن الولايات المتحدة “ستستمر في تبني سياسة متشددة تجاه الصين في مجالات معينة، كشبكات الجيل الخامس 5G والحوسبة الكمية والذكاء الإصطناعي، لكنها ستخفف من سياسة ‘الإنفصال’ العدوانية في مجالات أخرى أقل حساسية”.
وقد تعهَّدت حملة بايدن بتخصيص 300 مليار دولار للابتكار، وسيكون ذلك المحرك الرئيس خلف سياسة الولايات المتحدة، بالتوازي مع سعي واشنطن لتقويض قدرات الصين في مجال العلوم والتكنولوجيا.
لذلك سياسة بايدن نلخصها بثلاث نقاط اساسية :-
١-تشكيل جبهة مناهضة للصين مع حلفاء الولايات المتحدة الآسيويين. مع أهمية تعزيز التحالف مع الأوروبيين، قبل الضغط على الصين؛ فالولايات المتحدة وأوروبا تشتركان في مصالح مشتركة قوية في العديد من القضايا المعقدة التي تمثل التحدي الصيني، ألا وهي الصحة العالمية، وتغير المناخ، والتكنولوجيا، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، والتجارة. وتشكّل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي معاً 42.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفقاً لبيانات البنك الدولي، بينما تشكل الصين 16.3٪ فقط. ويُعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري للصين، بينما تعد الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري ثنائي للتنين الصيني. ويمكن أن يساعد تجديد التعاون مع الحلفاء الأوروبيين الولايات المتحدة على التنافس بشكل أكثر فاعلية مع الصين والتصدي بشكل أفضل للتحديات الاقتصادية والأمنية المتزايدة التي تشكلها.
٣- حل المشكلات بين أكبر اقتصادين في العالم عبر الحوار، وتقترح تلك الاستراتيجية إنشاء مكتب دائم يتولى مسؤولية جميع جوانب العلاقة بين الولايات المتحدة والصين من التجارة والتكنولوجيا إلى الأمن السيبراني والأفراد. ويعمل به مهنيون كبار من كلا البلدين، وأن يتم تكليفهم بتبادل البيانات والبحوث المشتركة والأوراق البيضاء للسياسة المشتركة لدعم الاجتماعات المنتظمة بين قادة البلدين، وتحت رعاية هذا المكتب سيتم تنفيذ الاتفاقات القائمة بشكل مشترك، مع استكمال الفصل في المنازعات بشفافية. وترى تلك الاستراتيجية أن الاختلالات التجارية بين الدول لا تحدث من فراغ، ولكنها نتيجة مشاكل الادخار في الاقتصاد الكلي، وقد عانت الولايات المتحدة بسبب النقص الدائم في المدخرات المحلية، عجزاً في تجارة البضائع مع 102 دولة في عام 2019، فيما حققت الصين بسبب الفائض الدائم في المدخرات فوائض في تجارة البضائع مع 159 دولة في عام 2018، فالمحرك الحقيقي لنجاح الصين هو معدل الادخار المرتفع – ما يقرب من 40% من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعطي الصين موارد ضخمة للاستثمار في إرساء أسس القيادة التكنولوجية.
والسؤال هل ستستطيع امريكا تنفيذ هذه الاستراتيجية في ظل التحالفات الجديدة ؟!!!
اللواء