اعتقلت سلطات الاحتلال “الإسرائيلي” خلال شهر نيسان/أبريل (1228) فلسطينيًّا من الأرض الفلسطينية المحتلّة، من بينهم (165) طفلًا، و(11) من النساء، وهي أعلى نسبة حالات اعتقال منذ مطلع العام الجاري، وشكّلت حالات الاعتقال في القدس التحول الأساس في هذه النسبة.
ورافق عمليات الاعتقال انتهاكات جسيمة بحق المعتقلين وعائلاتهم، وكذلك بعد نقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف، عدا عن تسجيل إصابات متفاوتة منها بليغة بين صفوف المعتقلين برصاص جيش الاحتلال.
وعمد الاحتلال الى إطلاق النار على المعتقلين، بالإضافة إلى سياسة العقاب الجماعي التي طالت غالبية عائلاتهم من خلال عمليات التخريب والتدمير للمنازل وعمليات الإرهاب والتهديد بالاعتقال، واستخدام الكلاب البوليسية وغيرها من الأساليب.
جاء ذلك ضمن النشرة الشهرية الصادرة عن مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان؛ (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، نادي الأسير الفلسطيني، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ومركز معلومات وادي حلوة – القدس)، والتي أكدت فيها أنّ عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ نحو (4700) أسير، وذلك حتّى نهاية شهر نيسان/أبريل 2022، من بينهم (32) أسيرة، و(170) قاصرًا، وما يزيد عن (600) معتقل إداري.
وكانت أعلى نسبة اعتقالات خلال نيسان/أبريل في القدس، بلغت (793) حالة، من بينها (139) طفلًا وقاصرًا، فيما بلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة خلال الشهر (154) أمرًا، بينها (68) أمرًا جديدًا، و(86) أمر تمديد.
ورصدت النشرة أبرز السّياسات والقضايا التي شهدتها قضية الأسرى والمعتقلين خلال شهر نيسان، والمُتغيّرات التي تنفذها سلطات الاحتلال، سواء على صعيد عمليات الاعتقال وما يرافقها أو في ما يتعلق بواقع وظروف الأسرى والمعتقلين داخل سجون الاحتلال؛ مستندة الى حصيلة الرّصد والتّوثيق والمتابعة القانونية والميدانية التي تقوم بها المؤسسات الأربع.
القدس – حملات اعتقال هي الأعلى منذ مطلع العام الجاري
وسُجل أكثر من نصف الاعتقالات في المسجد الأقصى المبارك، بعد قيام قوات الاحتلال بمحاصرة الشبان داخل المصلى القبلي “منتصف نيسان/ الجمعة الثانية من شهر رمضان”، إضافة إلى عشرات الاعتقالات في الأسبوع الأخير من نيسان “بشبهة الاشتراك بالمواجهات في الأقصى”، عدا عن الاعتقالات الميدانية مطلع الشهر من شوارع القدس “منطقة باب العامود”.
وسُجلت 793 حالة اعتقال من مدينة القدس خلال شهر رمضان، بينها 136 قاصرًا، وثلاثة أطفال أقل من 12 عامًا، و9 من النساء.
وكانت أعلى هذه الحملات في الجمعة الثانية من شهر رمضان، وبلغ عدد حالات الاعتقال يومها 470 مواطنًا من داخل المصلى القبلي من المسجد الأقصى.
ووفقًا لجملة الشهادات التي نُقلت من المعتقلين، فإن غالبيتهم تعرض لاعتداءات وتنكيل تسببت بإصابات بين صفوفهم، وجرى نقل كافة المعتقلين لاحقًا بحافلات خاصّة خُصصت لنقل المعتقلين من ساحة البراق إلى “معسكر بالقرب من بلدة العيسوية”، ومنه إلى مركز شرطة “المسكوبية”، وحرمت قوات الاحتلال المعتقلين من المساعدة والاستشارات القانونية من قبل المحامين.
وبعد ساعات أفرج عن المئات منهم بعد اعتقالٍ وتنكيل واحتجاز وضرب تعرضوا له، بينما نُقل العشرات الى سجون الاحتلال منها سجون “الرملة، أوهلي كيدار، وايشل”، وفي اليوم التالي أُفرج عنهم، بينما تم عرض 40 معتقًلا من القدس والضفة الغربية ومن الأراضي المحتلة عام 1948 على المحاكم، ونقل البعض منهم إلى الزنازين.
ومن خلال متابعة الاعتقالات، وبعد الإفراج عن العديد منهم تبين أن غالبيتهم يعانون من إصابات بأعيرة مطاطية، وشظايا، وقنابل أو هراوات، وبدت آثار الإصابات واضحة على المعتقلين، حيث الدماء والانتفاخ والجروح، ومنع الاحتلال من تحويلهم للعلاج أو عرضهم على طبيب.
كما شكّل الاحتلال منذ بداية شهر رمضان ومع تصاعد المواجهة وحدة تحقيق خاصّة في مركز “المسكوبية” للاعتقالات في القدس، خاصة الميدانية، حيث يقوم محققو الوحدة بالتّحقيق مع المعتقلين لتمديد اعتقالهم بغرض عرضهم على المحكمة، أو الإفراج عنهم بشروط أبرزها “الإبعاد عن مكان الاعتقال”. كما خصصت المحكمة قسمًا لمعتقلين وجهت لهم وبحسب ادعاء الاحتلال تهم أمنية في مركز توقيف المسكوبية، كما حوّلت الاعتقالات الميدانية من شوارع القدس إلى مركز متنقل افتتح مؤخرًا في “سوق الفلاحين” على بعد عدة أمتار من باب العمود، حيث يتم نقل المعتقلين منه إلى سيارات شرطة الاحتلال، ثم إلى مركز التّحقيق، ويحتجز المعتقل في “المركز المتنقل” لأكثر من ساعة، يتعرض خلالها للضرب وهو مقيد اليدين والقدمين.
جرحى بين صفوف المعتقلين وإصدار المزيد من أوامر الاعتقال الإداري بحقهم
وتصاعدت انتهاكات الاحتلال خلال شهر نيسان مع تصاعد المواجهة، وتركت آثارًا واضحة على مجموعة من القضايا، خاصّة اعتقال عدد من المواطنين بعد إطلاق النار عليهم وإصابتهم بإصابات متفاوتة منها ما كان بليغا. وأبرز الجرحى الذين جرى متابعتهم خلال شهر نيسان الماضي، (نور الدين جربوع، وأسيد حمايل، ونسيم شومان، ودانيال الجابر، ومهند أبو طلال)، فيما جرى الإفراج عن المعتقلين أسيد حمايل، ونسيم شومان الذي تعرض لإصابة تسببت ببتر ساقه.
كما استمر الاحتلال في إصدار المزيد من أوامر الاعتقال الإداريّ خلال شهر نيسان، حيث بلغ عددها (154) أمرًا، بينها (68) أمرًا جديدًا، و(86) أمر تمديد، وهي من بين أكثر من 590 أمر اعتقال إداريّ صدر منذ مطلع العام الجاريّ، حيث تُشكّل هذه الجريمة أبرز السياسات الممنهجة التي تصاعدت بشكل ملحوظ منذ شهر آذار ونيسان، إلى أن وصل عدد المعتقلين الإداريين إلى ما يزيد عن 600 معتقل.
وفي هذا السياق، يواصل المعتقلان خليل عواودة، ورائد ريان إضرابهما المفتوح عن الطعام رفضًا لاعتقالهما الإداريّ، حيث دخل عواودة إضرابه اليوم الـ82، وريان اليوم الـ47، وسط ظروف صحية تتفاقم مع مرور الوقت، فكلاهما يواجه أوضاعًا صحيًة خطيرة.
إلى جانب ذلك، يواصل المعتقلون الإداريون مقاطعتهم لمحاكم الاحتلال والتي شرعوا بها منذ مطلع العام الجاري، في سياق مواجهتهم لجريمة الاعتقال الإداري.
وتؤكّد المؤسسات أن سلطات الاحتلال تحاول عبر عمليات الاعتقال الإداري تقويض أي حالة مواجهة متصاعدة في الشارع الفلسطيني.
الاحتلال يصعّد من عمليات اعتقال الأطفال
كما تستمر سلطات الاحتلال في انتهاكاتها ضد الأطفال الفلسطينيين المتمثلة في اعتقالهم والتّنكيل بهم أثناء عملية الاعتقال وخلال فترة التّحقيق، دون أدنى احترام للحماية الواجبة للطفل وحقوقه، بحيث يعتقل الاحتلال نحو 170 طفلًا حسب آخر إحصائية أجرتها مؤسسات الأسرى، موزعين بين سجن عوفر والدامون ومجدو.
ومن الحالات التي رصدتها المؤسسات خلال شهر نيسان حالة الطفل حسين شادي عبيد من بلدة العيسوية في القدس، حيث اعتقله الاحتلال من منزله فجرًا بتاريخ 22/2/2022، ويقول عبيد: “الساعة الرابعة فجرًا، اقتحمت قوات الاحتلال بـ13 آلية عسكرية منزلنا وكان بانتظاري أحد ضباط الاستخبارات الذي تعرف علي، ثم نقلوني إلى إحدى غرف المنزل وقاموا بضربي بشكل مبرح وتفتيشي حتى ملأت الأورام والكدمات وجهي ثم أخرجوني معهم من المنزل دون أن يسمحوا لي بوداع أهلي”.
ونقل الاحتلال عبيد إلى مركز تحقيق المسكوبية وتم التحقيق معه لساعات طويلة، وهددوه باعتقال أهله وشتموه، ولم يسمحوا له باستخدام دورة المياه عندما كان يطلب ذلك. وبعد يومين دخل إلى غرفته السّجانون بحجة التفتيش وانهالوا عليه وعلى الموجودين في الزنزانة ضربًا. إضافة الى ذلك يتعمد الاحتلال حرمان الأسرى الأطفال من الزيارات، حيث تعرض الطفل عبيد للحرمان من الزيارة.
كذلك تعرض الطفل محمد علي الغول من بلدة رأس العامود في القدس، لعمليات تنكيل، حيث اقتحمت قوة تابعة لجيش الاحتلال أحد مقاهي البلدة وقامت باعتقاله بطريقة همجية، ويقول محمد: “دفعوني إلى الحائط وبدأوا بضربي وسؤالي عن هاتفي، بعد ذلك قاموا بتقييدي إلى الخلف ثم وضعوا الغمامة على عينيّ، ونقلوني إلى المسكوبية وأنزلوا رأسي طول الطريق. في التحقيق، قيدوني إلى الأمام على الكرسي، وقاموا بتقييد قدميّ أيضًا، وقاموا بضربي بأرجلهم وأيديهم، وشتموا عائلتي وهددوني باعتقال أفراد عائلتي وبالفعل أحضروا والدتي حينها كنوع من أساليب بالضغط المُمارسة بحقي”.
وفي ذات السياق، اعتقل الطفل آثال العزة (14 عامًا) من مدينة بيت لحم، بطريقة وحشية من قبل جنود الاحتلال، فعندما كان متجهًا لبيت جدته في شهر رمضان، وأثناء مروره بجانب قبة راحيل تفاجأ آثال بدورية جيش متجهة نحوه وحاولت دهسه إلا أنه استطاع الابتعاد عنها.
وتؤكد مؤسسات الأسرى أنّ “هناك مخاوف كبيرة في ظل التصعيد الراهن من قبل الاحتلال، ومن كثافة الجرائم والانتهاكات التي يواصل تنفيذها منها عمليات الاعتقال الممنهجة، وتوسيع دائرة الاعتقال الإداريّ، والاستمرار في عمليات التعذيب الممنهجة بحقّ المعتقلين في مراكز التحقيق”، وطالبت “المجتمع الدوليّ والمؤسسات الحقوقية الدولية ببذل الجهود اللازمة والمأمولة لوقف هذه الجرائم والانتهاكات، خاصّة “في ظل المواقف الخجولة التي نشهدها على الصعيد الدوليّ تجاه هذه الانتهاكات”.