الأمريكي يُحَرِّك أردوغان على جبهة لبنان.
اسماعيل النجار | كاتب وباحث لبناني
لا زالت لُعبَة شَد الحبال تُمارَس بقوَّة، بين الولايات المتحدة الأمريكية وحزب الله، على الساحتين اللبنانية والعربية، لكنّ ما يحصل على الساحة اللبنانية تحديداََ، من مواجهة مباشرة بينهما كانت حساباتها مختلفه بين الطرفين، أمريكا التي تعاطت مع الملف اللبناني من باب الغطرسة والفوقية، من دون أي حسابات دقيقة فاجأها حزب الله، بحساباته الغاية في الدقة،وتصميمهُ على المواجهة، وتأمين الخطوات البديلة للِانتقال إليها لمواجهة المشروع الصهيوني المُدَمِر لوطننا العزيز.
حزب الله درَس الخطوات الأمريكية بعناية، ودققَ بين سطور كلماتها التي تصدر عنها بهدوءِِ تام، وعندما وقعت المواجهةالسياسية والِاقتصادية بينهما تقدَّمَ الحزب على خصومه بالنقاط، فكسر الحصار، ومنع اعتراض السفن، حيث ظهر عجز الأمريكي وتراجعهُ خطوات، و بَدَوَا واضحين للعيان لا يحتاجان إلى تأويل، فلجأ الأمريكيُّ إلى التحريض وارتكاب المجازر، فصنَع مع شريكه السعودي والاماراتي مجزرة خلدة، ومجزرة الطيونة بأيادٍ لبنانية!
وبينما هوَ يسابق الوقت لحصول تسويةٍ مع طهران، لم يبلع صفعة حزب الله له في لبنان، وبعدما تأكد من عجز كل الأفرقاءالذين يعملون لديه، بتزكية سعودية، من الصمود بوجه حزب الله، وبعدما سقطت آخر اوراقهم في الطيونة، اتّجهَ نحو تركيا لتكون اللاعب الِاستثنائي على الساحة الداخلية اللبنانية، بإعطاء أردوغان ضوءاً أخضر ربما للقيام بعمل عسكري ضد المقاومة،انطلاقاََ من شمال لبنان الذي أسس له فيه ركائز عشائرية سورية لبنانية منذ ثلاث سنوات، ليشكل أردوغان البديل عن كل الزبانية الداخليين الفاشلين، فتقدمت حكومته إلى البرلمان التركي بمشروع قانون يجيز لقواتها العسكرية العمل خارج الحدود، وتم ذكر الساحة اللبنانية بالتحديد!
الأمريكي الذي يدرك خطورة اللعبة القذرة التي يَدخل أردوغان بها، يبدو أنّه مصممٌ على استكمالها خلف ستارة الخلاف مع أنقرة، بسبب قرار الأخيرة طرد سفيرها مع تسعة سفراء اوروبيين آخرين، بسبب مطالبتهم إجراء محاكمة عادلة لأحد معارضي اردوغان؟!
القرار الأمريكي بتوريط أنقرة في الملف اللبناني، بعدما انكفأت عنه قليلاََ في الأشهر القليلة الماضية، سيؤدي حتماََ إلى إشعال المنطقة بالكامل،
ومن أجل ذلك ربما يكون هناك تحرّك استباقي من قوَى محوَر المقاومة، لقطع الطريق على المتهوِّر أردوغان بالقيام بأي مغامرة، إذا صَحَّت، لأنّ لبنان ليس كأي بلد آخر، خصوصاََ و أنّ أردوغان يعرف تمام المعرفة أنّ حزب الله استبقَ وصول المنظمات الإرهابية المدعومة منه الى لبنان، بدخوله الميدان السوري بقوة وهو رأى النتيجة المسبقة بأم عينهِ هناك،
وأيضاً، على أردوغان تَذَكُّر مواجهات سراقب، بين جنود قوات النخبة من جنود جيشه، وبين قوّات خاصة من حزب الله، انتهت بوقف تقدُّم الجيش التركي، وقتل اكثر من ثلاثين عنصراََ منه، حتّى توسّلت أنقرةُ روسيا وقفاََ لإطلاق النار، لسحب القتلى من جنودها، من أرض المعركة.
في لبنان تجري التحقيقات في جريمة الطيونة بشكل جَدِّي، وتجري بموازاتها تحضيرات أخرى، إذا ما وصل الملف إلى خواتيم صحيحة أو تمّ التلاعب بهِ، ولن تكون بكركي بعد اليوم عباءة صالحة تستر عيوب سمير جعجع ومَن حوله؟
وتبقىَ العين ساهرةً على العدوّ الصهيوني، لا تشيح ولا تتزحزح، وفي حال ارتكب العدو أي حماقة، فإنّ المقاومة ومن خلفها كل المحوَر، جاهزون للتعامل مع التطورات كما تقتضي الحاجة.
لذلك، لانستبعدتورُّطاََ روسياََ إلى جانب تركيا في لبنان، عبر غض الطرف عن مخططات أردوغان وجو بايدن في المستقبل، لمشاركتهم أطماعهم بثرواتنا النفطية والغازية على سواحلنا.
إنّ السّماحَ الروسيّ لتل أبيب بإستئناف نشاطاتها العدائية الجوية على دمشق، جاءَ ليؤكد صوابيّة ما قلناه في السابق، تحت عنوان: روسيا وأمريكا وجهان لعملة صهيونية واحدة، ويؤكد أيضاََ أنّ الدخول الروسي لسوريا كان له ثلاثة أسباب:
الأول: عدم استفراد ايران في الساحة السورية.
الثاني :الحفاظ على مصالح روسيا الحيوية، في آخر موطئ قدم لها على سواحل المتوسط.
الثالث: ضمان عدم عودة ما يقارب عشرة الاف مسلح إرهابي ينحدرون من أصول قوقازية، لما يشكلونهُ من خطر على الأمن القومي الروسي.
هذا الأمر يؤكد لنا وباليقين أنّ كل دولة تسعى لتحقيق مصالحها، وكأن ليس للعرب عندهم حقوق.
لذلك علينا أن نسعى للحفاظ على حقوقنا، وإلّا…