حسن حردان | كاتب وباحث سياسي
شكل مشهد الاعتداءات التي نفذتها مجموعات من أحزاب 14 آذار على حافلات الناخبين العرب السوريين أثناء توجههم للمشاركة في الأداء بأصواتهم في السفارة السورية في عملية انتخاب رئيس الجمهورية العربية السورية، شكل دليلاً ساطعاً على حجم التعبئة العنصرية التي تضخها قيادات هذه الأحزاب في صفوف محازبيها ومناصريها من ناحية، وتعبيراً عن حقدها وسعيها للانتقام من النازحين السوريين لكونهم يرفعون صور الرئيس الأسد ويعلنون التأييد له ولإعادة انتخابه، بعد أن خاب فأل 14 آذار من تحويل النازحين السوريين الى مادة استغلال للنيل من شعبية الرئيس الأسد.
على أنّ هذه الاعتداءات كشفت على نحو لا لبس فيه الحقائق التالية:
اولاً: حجم الخيبة والمرارة والغل الذي اصاب قيادات 14 آذار وفي مقدمهم رئيس حزب القوات سمير جعجع من فشل رهاناتهم على الحرب الإرهابية الكونية بقيادة أميركا لإسقاط الدولة الوطنية السورية وحكم الرئيس بشار الأسد، لتغيير موازين القوى في لبنان والعمل على استعادة زمام المبادرة لتنفيذ انقلاب سياسي ضد حزب الله المقاوم وحلفائه من القوى الوطنية، وإعادة العمل لمحاصرة المقاومة وطرح نزع سلاحها الذي يقلق كيان العدو الصهيوني ويردع اعتداءاته ويحول دون تمكنه من تحقيق أطماعه في أراضي لبنان وثرواته وموارده، وذلك بعد أن فشلت هذه القوى الآذارية في تحقيق هذا الهدف الأميركي الصهيوني، اثر تنفيذ انقلاب عام 2005، وفشل الحرب الأميركية الصهيونية عام 2006، وانتصار المقاومة التاريخي والاستراتيجي في هذه الحرب..
ثانياً، فشل عمليات التوظيف والاستغلال لمعاناة النازحين السوريين في محاولة تجنيدهم في خدمة السياسة الأميركية لإدامة الحرب الإرهابية وإبقاء سورية في حالة استنزاف، ومنع عودة النازحين إلى مناطقهم المحررة في سورية ودفعهم إلى عدم المشاركة في انتخاب الرئيس الأسد.. في محاولة يائسة للنيل من شرعيته الشعبية.
ثالثاً، انكشاف قوى 14 آذار، وفي مقدمها القوات اللبنانية، بأنها هي من وقف عقبة أمام الدعوات المتكررة للتواصل الرسمي مع الحكومة السورية لحلّ مشكلة النازحين السوريين ووضع حدّ لمعاناتهم وتخفيف الأعباء عن لبنان، بتأمين عودتهم الكريمة والآمنة إلى مناطقهم المحررة من سيطرة الإرهابيين.. وانّ هذا الموقف المعرقل لعودتهم لم ينطلق من مصلحة لبنان واللبنانيين، وإنما انطلق من الاستجابة للتوجهات الأميركية، واليوم عندما يدعو جعجع لترحيل النازحين إلى سورية، ليس حرصاً على تصحيح الخطأ الذي وقع فيه سابقاً بل هو إمعان في مواقفه المعادية لسورية، ورفض إعادة العلاقات الأخوية بين البلدين…
انطلاقاً مما تقدّم، فإنّ الواجب والمسؤولية الوطنية إنما يتطلب من الحكومة والمسؤولين اللبنانيين كافة، العمل سريعاً لوضع حدّ لهذا العبث بمصلحة لبنان واللبنانيين، وردّ الاعتبار لكرامة المواطنين السوريين، بتوفير الأمن لهم، عبر العمل باتجاهين:
1 ـ تكليف القوى العسكرية والأمنية توفير الأمن لهم، وملاحقة واعتقال المعتدين عليهم واحالتهم إلى القضاء لمحاسبتهم على جريمتهم.. وحماية الأمن والاستقرار ومنع الفلتان الأمني والفوضى.
2 ـ التواصل الرسمي مع الحكومة السورية لتأمين العودة الكريمة للنازحين السوريين، ووضع حدّ للمتاجرة السياسية بهم من قبل القوى المعادية لسورية، والمرتبطة بالمخطط الأميركي ضدّ سورية، على حساب مصلحة لبنان وعلاقاته الأخوية والمميّزة معها…