نبيه البرجي | كاتب وباحث لبناني
حين يتحول بيغاسوس (التسمية اللاتينية للحصان المجنح في الميثولوجيا الاغريقية) الى حصان طروادة يزرعه الموساد في الرؤوس، وفي الأمكنة، المحرمة على امتداد الكرة الأرضية.
رؤساء دول كبرى أصيبوا بالهلع بسبب برنامج «التجسس الاسرائيلي»، ولكن من يتجرأ على توجيه أظافره الى «الأدمغة القذرة» في «تل أبيب» ؟
بطبيعة الحال، دول عربية اشترت البرنامج وراحت تتجسس على الحكام، وعلى الصحافيين، في دول عربية أخرى، لنوغل أكثر في مناظراتنا حول الحلال والحرام، كما لو أن الله خلقنا لنكون فئران تجارب بين يديه، أو لنجثو أمامه كما كان الوثنيون القدامي يجثون أمام … آلهة النار !
اسحق دويتشر، في كتابه «اليهودي واللايهودي» يعيد «العبقرية اليهودية» الى «ازدواجية العقل اليهودي» : العيش داخل حضارة ما وعلى تخومها في آن.
بطبيعة الحال لا تمكن المقارنة بين ألبرت اينشتاين الذي رفض أن يكون أول رئيس لـ «اسرائيل» و»حيث الله يبدو وكأنه رهينة بين أيدي الحاخامات «، وحاييم وايزمان الذي سخّر اختراعاته في مجال المتفجرات لاصدار وعد بلفور، وقد استخدمتها بريطانيا في الحرب العالمية الأولى، ليحل محل اينشتاين في رئاسة الدولة.
لماذا التركيز على عالم شهير ليكون في المنصب حين كان العديد من ملوك، ومن رؤساء، العرب، ما زالوا بأدمغة، وبسراويل، ألف ليلة وليلة ؟
علينا أن نستذكر أن «معهد اسرائيل للتقنية» (التخنيون) افتتح عام 1924، بعدما كانت فكرته قد تبلورت عام 1912، أي قبل قيام «اسرائيل» بأكثر من ثلاثة عقود، في حين أن كبار مؤرخي الغرب يعتبرون أن ثلاثة يهود هم كارل ماركس، وألبرت اينشتاين، وسيغمند فرويد أداروا القرن العشرين ؟ ماذا عن آلان غرينسبان وجورج سوروس في عالم المال ؟
ما من دولة عربية فكرت، أو سمح لها بالتفكير، في انشاء معهد للأبحاث التكنولوجية، بالرغم من العائدات الاسطورية للنفط والغاز والتي كان يفترض أن تدفعنا الى الصفوف الأمامية في القرن.
الآن، كلنا عراة، بل كل قادة العالم، وكل علماء العالم، وكل صحافيي العالم، ضحايا شركة NSO « الاسرائيلية» بعدما دخلت أجهزة الهاتف الخليوي حتى في تركيبنا البيولوجي.
في الوثائق السرية التي كشفت حول نقل الأميركيين اليهوديين جوليوس روزنبرغ وزوجته ايتل أسرار القنبلة النووية الى جوزف ستالين، أن العملية تمت بايعاز من «المؤسسة اليهودية» التي في جوهر فلسفتها الاستراتيجية اثارة الصراعات بين القوى العظمى، وبين الحضارات، كما بين الأديان، والطوائف . وهذا ما بدا جليّاً من المحاولات المستميتة التي قام بها «اللوبي اليهودي» للحيلولة دون دوايت ايزنهاور وتنفيذ حكم الاعدام بالزوجين بواسطة الكرسي الكهربائي.
أي صراع بين العرب و»الاسرائيليين»، وأي جدوى من الصراع، حين نكون أمام ذلك الاختلال النوعي، أجل النوعي، بين «الحالتين»، وحيث ينتفي الحد الأدنى من التوازن التكنولوجي . لكأنها المقارنة بين ألبرت اينشتاين وبديع الزمان الهمذاني.
لطالما عدنا الى نموذج شبه الجزيرة الكورية، في ضوء تقرير البنك الدولي عام 1964، وقد وصف المنطقة بـ»الميؤوس منها» لانعدام الموارد (الخبرات) البشرية والطبيعية. الآن كوريا الشمالية تمتلك ترسانة نووية وصاروخية هائلة، في حين تمتلك كوريا الجنوبية أمبراطورية تكنولوجية تنتشر في أسواق الدنيا، وصولاً الى الأسواق الأميركية.
كم سخر منا برنارد لويس، المستشرق الأميركي واستاذ المحافظين الجدد الذي اذ تحدث عن «الناقة المجنحة» باعتبارنا من «أهل الغيب»، ولا علاقة لنا بجدلية الأزمنة، اعتبر (وتصوروا) أننا بمفاهيمنا القبلية، نشكل عبئاً على اسرائيل «التي لا بد أن تعاني من تلك الشعوب البدائية التي تحيط بها».
فات لويس أنه بعد قوله هذا غداة حرب حزيران 1967، سنصل الى ذلك اليوم الذي يتهامس فيها قادة أوروبيون اخترق رؤوسهم «الحصان المجنح» بأن «اسرائيل» باتت خطراً على البشرية. وهي كذلك…