استنفار للمق_اومة وتضلــيــل «اسرائيلي» : احذروا «الدعسة الناقصة»

ابراهيم ناصر الدين -الديار
قــلــق اوروبــــي من استفزاز «طــــرف ثــالـــث» في ايــــام تــرامـــب الاخيرة ؟

هل يحمل الاسبوع الاخير من ولاية الرئيس الاميركي دونالد ترامب اي مفاجئة غير سارة في الشرق الاوسط، الاجابة المنطقية «كلا»، لكن لماذا لا تزال المخاوف مرتفعة ازاء حصول حدث ما من خارج السياق المنطقي يؤدي الى مواجهة واسعة في المنطقة قد لا يكون لبنان بعيد عنها؟

هذا الاحتمال لا يزال واردا، بحسب اوساط دبلوماسية اوروبية نصحت بعض الجهات النافذة في بيروت بعدم الاسترخاء في ما تبقى من ولاية الرئيس ترامب الذي يتصرف «كذئب» جريح بعدما بات محاصرا في الداخل، ويواجه ضغوطا سياسية وقضائية هائلة، قد تدفعه الى مزيد من التهور في الملفات الخارجية، وهو لا يملك بين يده ملفا ساخنا الا الملف الايراني، وملف حلفاء طهران. ووفقا لمعلومات تلك المصادر لا يزال التحريض الاسرائيلي، وتحريض بعض الدول العربية على «قدم وساق» في واشنطن لاقناع الادارة الاميركية الحالية بفعل شيء ما قبل «الرحيل»، لان الطرفين يعتقدان بان العلاقة مع الادارة الجديدة في ما يتعلق بالملف الايراني لن يكون سهلا.

ووفقا لتلك الاوساط، لا يملك الرئيس ترامب الكثير من الادوات بين يديه لافتعال «مشكل» مع طهران، وتوريط البنتاغون بحرب خارجية، دونها عقبات كثيرة اهمها ان القيادة العسكرية لن تسمح له بتوريطها بمواجهة محفوفة بالمخاطر، قبل ايام على خروجه من السلطة، كما ان «الانقلاب» عليه في الكونغرس بمجلسيه، يغلق «الابواب والنوافذ» امام اي مغامرة. ولهذا يمكن القول ان استمرار التحريض، وابتداع «الاكاذيب» وآخرها اتهام وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو طهران برعاية تنظيم القاعدة، مجرد ثرثرة، وبضاعة «فاسدة» لن تجد من يشتريها. ولكن يبقى الخوف الحقيقي من عملية استدراج استخباراتية او عسكرية يقوم بها طرف ثالث لاستدراج الجميع الى «نقطة اللاعودة»، والطرف الاكثر اهلية هو اسرائيل. وفي هذا السياق، جاء كلام وزير الخارجية السابق في إدارة الرئيس دونالد ترامب ريكس تيلرسون في مقابلة مع مجلة فورين بوليسي الاميركية ليزيد من «حبس الانفاس»، فوزير خارجية ترامب المقال حذر الرئيس المنتخب جو بايدن من حصول مفاجآت في الشرق الاوسط، ودعاه الى محاولة احتواء إيران، «والأمل» في ألا يفعل الإسرائيليون شيئا استفزازيا.

طبعا الاسرائيليون لم يقصروا حتى الان ويعملون باندفاعة كبيرة لرفع منسوب التوتر، قاموا باغتيال العالم النووي محسن فخري زادة، ويكثفون غاراتهم على سوريا، وطائراتهم الحربية تنتهك بكثافة الاجواء اللبنانية، وسط استنفار امني وعسكري على الحدود الشمالية والجنوبية، تزامنا مع مناورات عسكرية في الجليل، ولا يوجد حتى الان اي تطمينات، حاولت جهات اوروبية الحصول عليها، حيال حدود هذه الاستفزازات، ومدى استعداد الاسرائيليين للمغامرة، خصوصا ان التسريبات عبر عدد من الكتاب الاسرائيليين المعروفين بعلاقاتهم مع الاجهزة الامنية الاسرائيلية، يزيد من منسوب القلق والمخاوف، فبحسب عاموس هرئيل في صحيفة «هارتس» فان سيناريو حصول ضربة عسكرية اميركية لايران في الوقت الضائع سيناريو لا يبدو منطقياً بالنسبة لإسرائيل، لكنه يؤكد في المقابل ان الاجهزة الامنية الاسرائيلية قلقة من احتمال حصول تقدير خاطئ يؤدي إلى اشتعال مواجهة عسكرية غير مخطط لها!

وفي تسريبات تثير الريبة تحدثت «هارتس» عن مستوى عال من التأهب «الدفاعي» في اسرائيل، حيث تم نشر بطارية باتريوت في إيلات، بالتزامن مع حضور غيرعادي لطائرات حربية في الاجواء، وسط خشية من هجوم محتمل بواسطة الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار، والاستنفار يشمل اكثر من ساحة، سوريا ولبنان في الشمال، والعراق في الشرق، واليمن في الجنوب. وهذا التأهب يرتبط بمخاوف من «سيناريو التقدير الخاطئ» بين إيران والولايات المتحدة..

وفي هذا السياق، حذرت مصادر بارزة معنية بمتابعة الملف الاسرائيلي، من الاخبار الاسرائيلية المضللة، وتوقفت عند دلالات تسريبات اعلامية منسوبة لاوساط أمنية اسرائيلية، اكدت بأن جهاز الأمن الاسرائيلي على اتصال مستمر مع البنتاغون والقيادة العليا للجيش الأميركي. وبحسب المحادثات بين الجانبين تبين للاسرائيليين أنه ليس للأميركيين أي نية للبدء بخطوة هجومية ضد إيران في الوقت الحالي، رغم الظروف السياسية الحساسة في واشنطن، وأكدت المصادر أيضاً أن لا نية لإسرائيل للقيام بخطوة هجومية كبيرة ضد الايرانيين على الأراضي الايرانية في الوقت الراهن!. ووفقا لتلك المصادر، فان الخوف الأساسي في إسرائيل يتعلق بسيناريو حصول «سوء فهم» متبادل قد يؤدي إلى مواجهة غير محسوبة.

طبعا هذا النسق من المعلومات التي توحي بان اسرائيل في موقف دفاعي، وليست في وارد توريط المنطقة بمواجهة، يحتاج الى تدقيق، ويبدو مضللا، لانه يحتوي على الكثير من النفاق، فالتحركات الاسرائيلية الميدانية سواء في العراق او سوريا او لبنان، تشير الى نمط تصاعدي حذر لكنه تجاوز كثيرا حدود التصعيد السابق، وثمة مؤشرات على وجود استفزاز متدرج تزداد معه احتمالات «سوء الفهم» المقصود، والخشية الحقيقة تكمن في عمل امني وعسكري «غامض» يضع كافة الاطراف امام «الحائط» ويدفع الجميع نحو «الهاوية»، والامر لا يتعلق فقط بمهلة الاسبوع الفاصل قبل مغادرة ترامب البيت الابيض، فالخوف يمتد الى ما بعد استلام بايدن للسلطة، والمهلة الفاصلة قبل ترتيب الادارة الجديدة «البيت الداخلي»، قد تكون ايضا حبلى بالمفاجآت لان الهدف الاسرائيلي بالتنسيق مع بعض الدول الخليجية، هو ارباك بايدن وتفجير الالغام التي زرعها ترامب قبل مغادرته، بهدف قطع الطريق امام العودة الى الاتفاق النووي.

وللمفارقة فان القلق من حلفاء واشنطن قاسم مشترك بين الايرانيين ومسؤولين في ادارة بايدن اجروا سلسلة من الاتصالات التمهيدية مع طهران، ودعوها الى عدم الانجرار وراء اي استفزاز!.

وامام هذه التطورات، تراقب المقاومة تلك المعطيات «بحذر» شديد، وكالعادة لا تركن لاي تحليلات سياسية او تسريبات دبلوماسية او اعلامية ،وهي تتابع عن كثب ما يحصل خلف الحدود، وفي مختلف الجبهات، ووفقا للمعلومات، اعلنت حالة الاستنفار القصوى في كافة القطاعات، وما حصل ابان المناورة الاسرائيلية الاخيرة من جهوزية عالية المستوى، يتكرر اليوم، ولكن وفق تكتيكات جديدة، وبات الاسرائيليون في «صورة» ما ينتظرهم اذا ما اقدموا على اي «دعسة ناقصة»…Type a message

Exit mobile version