اسماعيل النجار | كاتب وباحث لبناني
حكاية ليست من الأساطير البعيدة، ولا هيَ في بلاد الماو ماو.
إنما هيَ قضيَة شَرَف وضمير خاضها الوزير اللبناني جورج قرداحي مع ذاتهِ فانتصَر، بينما، انهزَمَ لبنان بأيدي سياسيّيه الجهابذة، الذين لم يتركوا فيه حالاً جيداً يُتَّكَأُ عليه، وخضعوا للشرط السعودي والإملاءات الفرنسية فانهزَمَ الوطن.
قناةالعربيةالسعودية الناطقةُ بالعربية فقط، قال مذيع أخبارها محمد الطميحي على الهواء مباشَرَةً متهكماً:
خبرٌ عاجل من لبنان، لكنّه غير مهم:
وردنا الآن أن وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي قدَّمَ استقالته قبل قليل من منصبه الحكومي.
بدورها صحيفة عكاظ السعودية الناطقة أيضاً باللغة العربية، قالت تعقيباً على استقالة الوزير قرداحي:
إنّ استقالته لن تغيِّر في الأمر شيئا، وأكدَت أن المملكة لن تعود إلى تأديَة دورها كما كانت سابقاً في لبنان، لجهة دعمه، والوقوف معه في أزمته الحالية.
أما دورها الشيطاني، الذي كانت تلعبه المملكة في السابق،والذي ستلعبه اليوم وغداً دون إبطاء،فلايشمله هذاالرفض!
وأضافت الصحيفةالمذكورة، بما يعني أن الرياض لَم تَعُد مستعدة لِمَد اليَد لهذا البلد الذي يحكمه حزب الله حسب تعبيرها، قبل تنفيذ كامل بنود القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، مؤكدةً (الصحيفة) مرة أُخرى أن كلام القرداحي، خلال تقديمه الِاستقالة، يؤكد مجدداً إصراره على اتهام المملكة بقولهِ: إنّ استقالته جاءَت من أجل حماية مصالح اللبنانيين في المملكة، و هذا الكلام ليسَ اعتِرافاً بخطإٍ ارتكبه وأراد الِاعتذار عنه، حسب ما عَبَّرَت عُكاظ.
**في المعطيات والتحليل المَبني على وثائق التصريحات السعودية،المقروءة والمَرئِيَة بالأمس واليوم، التي أكدَت، مِراراً وتكراراً، على ضرورة تجريد الميليشيات اللبنانية من سلاحها، في إشارة سعودية إلى سلاح المقاومة الشريفة البطَلَة.
كما طالب البيان السعودي الفرنسي المشترك أيضاً، بضرورة الحفاظ على اتِّفاق الطائف،”الضامن الوحيد للسلم الأهلي اللبناني”،حسب قولهم، وتنفيذ القرارين 1559و1701، مما يَدُل على الإصرار السعوديِّ الوقِح على التدخل في الشأن اللبناني بشكلٍ سافِر ومهين، بتواطؤٍ فرنسيٍّ، وغطاءٍ أمريكي،ورضوخ لبناني رسمي، متناسين أن الطائف كانَ ولايزالُ وبالاًعلى لبنان،إذ كَرَّس طائفيتهُ ومذهبيتهُ، وقَسَّمَ البلاد والعباد إلى خمسين فريقاً؟!
السعودية اليوم تتعاطَىَ مع لبنان، كحديقة مَلَكيَة، تمتلك حق التصرف بها،ووَضعَت سمير جعجع، رَجُلَها الأوّل في لبنان حارساً عليها، بتفويضٍ مَلَكي.
وهي تنتهك سيادته بهذه الطريقة بنفس الوتيرة الصهيونية بتواطئٍ خارجي وداخلي.
إن المملكة التي لَم تقبل مجرّد إبداء رأي بقضية إنسانية أصبحت حديث العالم الحُر والكُر، واعتبرت تصريحات الوزير تدخلاً في شؤونها، لا يحق لها أن تتحدَّث عن لبنان،أوتَتَدَخل في شؤونه،
أو إيجاد أي دور لها فيه.
هذه المملكة التي لَم تتَجرَّأ على الرّدّ على الرئيس الأميركي جو بايدن ولا على أمين عام الأمم المتحدة السيد غوتيريش، اللذين صَرَّحآ أكثر من مرَّة ووصفا الحرب بالغبية، (Stuped War)
إستقوَت على لبنان، بحُكم نفوذها المالي على بعض الموظفين لديها، وبعض المُرَجِفين الذين يقتاتون على فُتاتِها.
أمّا فرنسا فقد انتزعَت من لبنان كرامته، لتدفعها عربوناً مسبَقاً للمملكة، عن حاجتها لتحسين العلاقات الفرنسية معها، وليسَ من أجل لبنان، فهيَ تبني مداميك بُنيان مصلحتها، على حساب لبنان واللبنانيين، وتحاول إيجاد دور للسعودية في القضية اللبنانية، على حساب الشعب اللبناني وكرامته،
بعدما أصبَحَت الرياض خارج اللعبة السياسية اللبنانية، إذ نحّتها جانباً واشنطن التي تقود اللعبة مباشرةً.
ما حَصَل خلال زيارة لَن يُغَيِّر من واقع الأمور شيئاً، باستثناء، ربّما، عودة السفيرين إلى عاصمتي البلدين ، مع بعض التصريحات التي لن تُغنيَ ولَن تُسمِنَ من جوع.
علىَ اللبنانيين ألّا يتوسموا خيراً، لأن النظام السعودي أشبه بفايروس كورونا المتحوِر،ولديه القدرة على التحوُّل، من بقرةٍ حلوبٍ لأميركا، ليصبح نِمْساً يقوم بتخريب لبنان.
ولِلمتأملين خيراً بهذا النمس نقول :
“يا طالب الدبس من…. النمس”.
الدور السعودي القادم في لبنان سيكون كالتالي :
ضَخٌّ إعلاميٌّ كثيفٌ مُوَجَه ضدالمقاومة.
وتحريضٌ طائفيٌّ ومذهبيٌّ لا مثيل له.
وضَخُّ أموالٍ انتخابيةٍ لتغيير نتائج الِانتخابات، وكلُّ هذا سيكونُ وبالاً على السعوديين.
وفي حال لَم تَجرِ الرياحُ كما تشتهي سُفُنَهم،سيسعى السعوديون لإشعال الشارع بالنيران والفوضَىَ، لِأنّ دور الرياض صهيونيٌّ بِامتياز، ويطالب بأكثر مِمّا تطالب بهِ تل أبيب!
وهذا ما لم نُعطِىهِ لهم إعطاء الذليل،
ولَن نُقِرَّ لهم به إقرار العبيد،فهيهات هَيهآت مِنَّا الذِلَّة.
الاراء الواردة في النص لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع