في ظل الوضع السياسي والاقتصادي المتأزم الذي يعيش فيه لبنان، عاد البطريرك الراعي للتأكيد على أن خروج بلاده من الأزمة لن يكون إلا بتطبيق ما أسماه بـ “حياد لبنان”.
وقال البطريرك الماروني في لبنان، بشارة الراعي، إن السلطة غارقة في تسوياتها والتشاطر في كيفية تأجيل الانتخابات لغايات ضد مصلحة لبنان، مؤكدا أن باب الإنقاذ الوحيد هو إعلان حياد لبنان.
وأكد مراقبون أن فكرة الحياد في لبنان لا يمكن تطبيقها في ظل الطائفية والديقراطية التي تعتمد على التوافق، وهو غير متوفر في لبنان، ومن الصعب أن تقبل جميع القوى السياسية والطوائف بفكرة الراعي غير القابلة للتنفيذ.
حياد لبنان
وقال الراعي في رسالة وججها إلى اللبنانيين بمناسبة عيد الميلاد إن أهل السلطة غارقون في صراعاتهم ويبحثون عن حيل وتسويات للانتقام من بعضهم البعض والتشاطر في كيفية تأجيل الانتخابات النيابية والرئاسية لغايات ضد مصلحة لبنان.
وأكد أن “باب الإنقاذ والخلاص الوحيد هو إعلان حياد لبنان الإيجابي الناشط تنفيذا للميثاق الوطني الرافض تحويل لبنان مقرا أو ممرا لأي وجود أجنبي”. وأضاف ” لبنان من دون حياد يقف دائما على شفير الانقسامات والحروب، بينما لبنان الحياد سيعيش في كنف الازدهار”.
وأعن الراعي أنه سلم الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش “مذكرة تتعلق بمواقفنا وأكدنا له على ضرورة بلورة حل دولي يعكس إرادة اللبنانيين”.
ديمقراطية توافقية
اعتبر المحلل السياسي اللبناني سركيس أبوزيد، أن النظام في لبنان يعتمد على الديمقراطية التوافقية، لذلك مطلوب من كل مسألة واقتراح وقضية أن يكون هناك إجماع من كل الأطراف حولها.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، الحياد الذي يطرحه البطريرك، ليس خطة وطنية شاملة ولا يوجد توافق من مختلف الأطراف والاتجاهات والطوائف للقبول بهذا الاقتراح.
ويرى أبوزيد أن الحياد ليس اقتراحًا جامعًا يمكن أن يتحول لمبادرة أو خطة إو إلى آلية وطريق من أجل تنفيذه، ، لذلك النظام والواقع الطائفي الذي يعيش فيه لبنان يقسم الثوابت والاتجاهات والآراء.
وتابع: “لا يوجد إجماع وطني حول الحياد أو المسائل الأخرى، لذلك لبنان يعاني الآن من الفوضى والضياع والتخريب لأنه لا يوجد توافق على الأسس التي تعتمد على قيام الدولة”.
وأكد أن هذه المسألة مسألة خلافية بين الطوائف ولا يوجد مؤتمر وطني تأسيسي لبحث هذه المسائل وغيرها، حتى يكون هناك نوع من الإجماع والرؤية المشتركة من أجل إنقاذ البلاد”.
صعوبة التطبيق
بدوره اعتبر ميخائيل عوض، المحلل السياسي اللبناني، أن لبنان لا يمكن أن يذهب أبدًا لحيث ما يريد البطريرك الراعي، فيما يتعلق بالحياد، وليس للبيئة الإقليمية أو الدولية أي حافز أو ظروف موضوعية مواتية.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، هي مجرد مواقف للبطريرك يرغب من خلالها تمييز نفسه والبحث من خلالها عن حل للأزمة المستعصية التي تعيشها البلاد دون أفق للخروج منها.
ويرى عوض أن الحياد يفترض إجماعًا وطنيًا لا يتوفر في لبنان، ويفترض موقعًا جغرافيًا غير موقع لبنان، الحياد يترتب في لبنان ويتوفر له الظروف من البيئات الإقليمية والدولية المناسبة، وهي غير وافرة للبنان الآن ولا يمكن توفيرها مطلقًا.
وسبق وأن طالب البطريرك بحياد لبنان، وقال في دعوات سابقة إن “الحياد هو مطلب دولي وأوروبي وعربي، نحن نطالب بالحياد أي التزام السلامة والعدالة وحقوق الإنسان وهذا الجسر بين الشرق والغرب. هذه الأرض لم تعرف سوى مد الجسور مع الآخرين ولا يمكننا معاداة جميع الشعوب فلنعد لطبيعتنا”.