” إسرائيل ” محل سورية في الجامعة

نبيه البرجي – كاتب وباحث سياسي لبناني
الحلقة الأخيرة , والصاعقة , في السيناريو الذي أعدته ادارة دونالد ترامب لاحداث تغيير دراماتيكية في البنية الجيوستراتيجية للشرق الأوسط , اسرائيل تحت مظلة القيادة المركزية الأميركية التي استحدثتها ادارة رونالد ريغان , عام 1986 , لتحويل المنطقة التي تضم بلدان المشرق العربي , اضافة الى مصر وأفغانستان وتركيا وايران وباكستان , الى قوة صدم في وجه “أمبراطورية الشر” , أي الاتحادالسوفياتي .
النتيجة , حلف عسكري أميركي ـ عربي ـ اسرائيلي تحت امرة الجنرال كينيث ماكنزي (أم الجنرال آفيف كوخافي ؟) من أجل التصدي لـ”محور الشر” الذي يضم ايران وسوريا والمقاومة في لبنان .
التطبيع العسكري , أو التطبيع الاستراتيجي , الذي يشمل دولاً عربية , وغير عربية . ولسوف نجد جنوداً اسرائيليين يشاركون في مناورات على أرض عربية , وربما يضطلعون بمهمات أخرى حساسة بل وخطيرة .
ما يستشف من ديناميكية السياق , أن اسرائيل يمكن أن تحل محل سوريا في جامعة الدول العربية . نجمة داود ستكون نجمة العرب . من زمان أهال “أبراهام” الحجارة على قبر اسماعيل وهاجر .
“وول ستريت جورنال” قالت ان دونالد ترامب بذل قصارى جهده لكي يقفل كل طرقات الشرق الأوسط في وجه جو بايدن . هذا ما يثير غضب العديد من المحللين الاستراتيجيين الذين يسألون عما فعله في الباسيفيك , “وحيث تكشيرة التنين في انتظارنا ” .
لم يفعل أي شيء سوى تلك العقوبات البهلوانية . لا أحد يعنيه سوى “رؤيا” ابنته ايفانكا التي وجدت فيه المبعوث الالهي الذي يمد السجادة الحمراء للماشيح المنتظر .
هذا ما يثير سخرية السيناتور بيرني ساندرز الذي يرتقب أن يكون له دور ما في صياغة السياسات حيال الشرق الأوسط , وفي تفكيك القرارات التي اتخذها ترامب منذ أن أظهرت صناديق الاقتراع سقوطه بالضربة القاضية .
لعل المثير هنا ما نقلته الينا شخصية أميركية من اصل لبناني “اذا لم تصل الملاحقات الى نتيجة , وترشح دونالد ترامب عام 2024 , فسيكون المرشح المقابل باراك أوباما, العراب الأكبر لفوز بايدن , بعدما نزل الى الأرض في كاليفورنيا , وغيرها من الولايات الأخرى , لتعبئة الناخبين السود الذين أدلوا بأصواتهم بكثافة منقطعة النظير .
بنيامين نتنياهو الذي ما زال , حتى اللحظة , يحاول استدراج الايرانيين الى الرد على الغارات التي استهدفت بعض أماكن تواجدهم في سوريا (وبالطبع استدراج “حزب الله”) , يراهن على التنسيق مع دول عربية للضغط على جو بايدن وابقاء الحصار المفروض على سوريا .
هذا , دون أن ينظر العرب الى الدبابات التركية على الأرض السورية , كما لو أن السلطنة العثمانية لم تجثم على صدورنا لأربعة قرون تغير خلالها شكل الزمن …
أي مصلحة للعرب في أن تموت سوريا , كدولة مركزية في الشرق الأوسط ؟ القاصي والداني يعلم أن ايران , وهي الدولة البعيدة جغرافياً , ومذهبياً , لا يمكن لها تغيير الشخصية القومية لسوريا . من يحاول ذلك هو رجب طيب اردوغان الذي ما زال يحلم بأن ترفرف الراية التركية فوق “التكية السليمانية” على ضفاف بردى .
ثمة عرب يشاركون في الحصار باعتبار أن الانهيار الاقتصادي لا بد أن يفضي الى الانهيار المعيشي , وبالتالي الانهيار السياسي . من هو البديل عن بشار الأسد , الوالي العثماني أم الحاخام الاسرائيلي ؟
هكذا دفع سوريا , وحيث حوران كانت توصف بـ”أهراءات روما” الى المجاعة . الملايين على حافة المجاعة , دون اغفال دور أكلة لحوم البشر الذين يطفون , عادة , على الدماء , والذين تجذروا في الحالة السورية , والى حد التواطؤ على خنق بني قومهم .
هل ترانا نتفاءل أكثر من اللزوم حين نقول ان المشهد الراهن في الشرق الأوسط لن يبقى على حاله مع دخول جو بايدن الى البيت الأبيض ؟ هذا ما يفترض أن يحدث حين يرحل الشيطان أو حين يوضع وراء القضبان …

Exit mobile version