على الرغم من الاهتمامات الإسرائيليّة الداخليّة، ولا سيما موضوعي الانتخابات العامة للكنيست، وجائحة كورونا، بقي الملف النووي الإيراني حاضراً بقوّة على جدول الأعمال الإسرائيلي، من زوايا عدة، ولهذه الغاية أُعلن في “إسرائيل” أن جلسة المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، التي كانت مقررة لليوم الأربعاء، أُرجئت إلى يوم الأحد المقبل، وعلى جدول أعمالها ما تسميه بـ”التهديد النووي”، وسياسة الإدارة الأميركيّة الجديدة من الملف النووي الإيراني، في ظل التقارير عن رفع إيران سقف تخصيب اليورانيوم، مع الإشارة إلى أن هذه الجلسة ستكون الأولى له منذ شهرين تقريباً.
نتنياهو في الإمارات للتنسيق ضد إيران
ذكرت صحيفة “إسرائيل هيوم”، المقربة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، أنه ثمة قلق كبير في “إسرائيل” من “الاستفزازات” الإيرانية برفع سقف تخصيب اليورانيوم، لكن أيضاً من الرسائل المتزايدة لإدارة بايدن حول عزمها رفع العقوبات عن إيران والعودة إلى الاتفاق النووي، والتقديرات، بحسب الصحيفة، هي أن اجتماع الكابينيت يوم الأحد المقبل، سيتناول هذه المواضيع.
في غضون ذلك، أكد نتنياهو أنه يعتزم زيارة أبو ظبي والبحرين الاسبوع المقبل في زيارة قصيرة تستمر ساعات. التقدير، بحسب “إسرائيل هيوم” أنه في اللقاءات سيجمتع نتنياهو مع ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، وملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليف، وأن نتنياهو سينسق معهما المواقف في المسألة الايرانيّة من أجل عرض خط منسق إزاء الإدارة الأميركيّة.
مفارقة الجدول الزمني
في سياق متصل، قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، الثلاثاء، إن أمام إيران نحو 6 أشهر لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية اللازمة لصنع سلاح نووي واحد.
وأضاف خلال مقابلة مع إذاعة “كان”: “فيما يتعلق بالتخصيب، يمكنهم الوصول للكمية الكافية في غضون نصف عام إذا فعلوا كل ما يلزم، وفيما يتعلق بالسلاح النووي تبلغ المدة حوالي عام أو عامين”، مشيراً إلى أن إدارة ترامب “أضرت بشدة بمشروع إيران النووي”.
المفارقة في التقديرات الإسرائيليّة التي أوردها شتاينتس، المقرّب من نتنياهو والذي تولى سابقاً متابعة الملف النووي الإيراني بتكليف من نتنياهو نفسه، ليس في أنها تخالف التقديرات الأميركيّة التي أعلن عنها وزير الخارجية الجديد أنتوني بلينكن، فحسب، بل في أنها تجعل هذه المدة أطول، رغم أن السياسة الإسرائيليّة المعتمدة منذ فترة طويلة تسعى لتضخيم التهويل ضد البرنامج النووي الإيراني زمنياً، وتوظيف ذلك في مزيد من الضغط الأميركي تحديداً، على إيران، لفرض مزيد من العقوبات.
ولعل التفسير لهذه المفارقة يكمن في أن قصر الجدول الزمني للبرنامج النووي الإيراني، باختلاف مراحله، يصبّ في مصلحة التوجه الداعي إلى المسارعة في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وهو ما ترغب به “إسرائيل”، بينما إطالة الجدول الزمني يفرمل أيّ اندفاعة أميركيّة نحو خيار التفاوض والعودة إلى الاتفاق سريعاً.
الإيرانيون طوّروا في السنوات الأخيرة قدرات مذهلة
شكك مزيد من الخبراء، وآخرهم رئيس مجلس الأمن القومي السابق، اللواء احتياط، غيورا آيلند، باحتمالية حصول هجوم إسرائيلي على إيران، وصعوبة هذا السيناريو بسبب تطوير إيران قدراتها الدفاعيّة والهجوميّة.
آيلند قال في مقابلة مع قناة” كان” أن قراءة الواقع اليوم تشير إلى أنه لا يبدو أن هجوماً إسرائيلياً في إيران هو أمر محتمل الوقوع وكذلك أيضاً من غير المحتمل أن تهاجم إيران “إسرائيل” بهجوم مكثف يجرّ الدولتين إلى مواجهة مباشرة، لأن الإيرانيين والأميركيين أيضاً يريدون استئناف المفاوضات، وهذا التوجه نحو المفاوضات، من الطبيعي، برأي آيلند، أن “يقيّد إسرائيل من جهة، والإيرانيين من جهة ثانية”.
آيلند تطرق إلى ما يُحكى عن الخيار العسكري الإسرائيلي ضد إيران، فأقر بأنه يمكن أن يُطرح هذا الأمر مجدداً، كما طُرح في العام 2012، لكنه لفت إلى أن الطرح “يندرج ضمن الرؤية الاستراتيجية”، مشيراً إلى أنه كقاعدة “يجب على الجيش الإسرائييلي أن يكون جاهزاً دائماً لمواجهة أيّ سيناريو، لكن هناك فرق بين الجاهزيّة لتفعيل المواجهة في غضون 24 ساعة، وبين جاهزيّة عامة يمكن تفعيلها بعد شهرين”.
وفي هذا السياق، حذّر آيلند من أنه “إذا كانت “إسرائيل” تريد جاهزية عالية جداً بمكن تفعيلها خلال يومين أو ثلاثة، وقادرة على أن تواجه ضرورات معقدة أكثر مما كان قبل 8 سنوات، فإن عليها أن تأخذ في الحسبان أن المنشآت الإيرانيّة أكثر حماية وتحصيناً، ومنظوماتهم الدفاعيّة جيدة، وهذا يفرض إجراء تحضيرات مكثفة، وكما يبدو لهذا الأمر كلفة مباشرة، وجزء من الكلفة ليس للهجوم وإنما من أجل الدفاع، فالإيرانيون طوروا في السنوات الأخيرة قدرات مذهلة بما في ذلك قدرة على المهاجمة، وتغطية “إسرائيل” بصواريخ مجنحة صعب جداً مواجهتها” .
قسم الشؤون الإسرائيلية في الميادين