تتصاعد معاناة اللاجئين السوريين في المخيمات اللبنانية، وتفاقمت هذه المعاناة مع قدوم فصل الشتاء البارد، على حين أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أن 88 بالمئة من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون تحت خط الفقر المدقع، وأنها تجهد مع جميع الشركاء والجهات المانحة لحصول الأسر المحتاجة منهم على الدعم لتخطي هذه الأوقات العصيبة.
ويجد اللاجئون السوريون في لبنان أنفسهم مرغمين على تحمّل بردٍ قارسٍ وثلوجٍ كثيفةٍ مع حلول الشتاء، بعد أن باتت وسائل التدفئة صعبة المنال بسبب تلميح الحكومة اللبنانية إلى رفع الدعم عن الوقود تحت وطأة الأزمة الاقتصادية، وفق ما ذكرت وكالة «الأناضول» التركية.
وأشارت إلى أن علامات استفهام تُطرح حول مدى استعداد اللاجئين لتحمّل الشتاء، مع بروز أزمة الوقود، بسبب ندرته وارتفاع أسعاره، ولاسيما في ظل مساعدات أمميّة محدودة.
ويشكل فصل الشتاء عبئا ثقيلاً على اللاجئين السوريين، إذ يجدون أنفسهم تحت سطوة برد قارس وعواصف عاتية، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، وفق الوكالة.
وفي مطلع هذا الأسبوع، عقد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية حسان دياب اجتماعاً ضم وزراء وحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، وبحثوا رفع الدعم عن السلع الأساسية.
ويعيش في لبنان أكثر من مليون لاجئ سوري بفعل الإرهاب، مسجلين لدى المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لكن الحكومة اللبنانية تقدر عددهم بـ1.5 مليون لاجئ، 74 بالمئة من هؤلاء يقيمون بطريقة غير شرعية، حسب تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» الأميركية غير الحكومية أصدرته عام 2018.
وأشارت الوكالة إلى أنه وعلى الرغم من ظهور مبادرات إنسانية ظهرت على فترات لمساعدة هؤلاء اللاجئين، إلا أن شظايا الأزمات التي تعصف بلبنان طالتهم مباشرة، فوجدوا أنفسهم في خضم حالات العوز، خاصة في ظل تداعيات جائحة فيروس «كورونا».
أحد اللاجئين السوريين في مخيّم «برّ إلياس» في البقاع اللبناني، يدعى طارق زهوان، قال حسب الوكالة: «منذ أزمة «كورونا» ونحن لا نعمل والأوضاع صعبة جداً هنا».
وأضاف زهوان (40 عاماً): «خيامنا في فصل الشتاء بحاجة إلى تأهيل سواءً بالشوادر أم بالخشب، والأهم من ذلك يجب تأمين مادّة المازوت (وقود للتدفئة) بسبب البرد»، لافتاً إلى أن لا أحد يستطيع أن يؤمّن كلّ ذلك، وأنهم يعيشون من دون مادّة المازوت ومن دون حطب وأغطية شتويّة».
من جانبها، قالت فتاة تدعى سلمى السلام: «أحياناً ننام من دون تناول وجبة العشاء»، وأضافت بحرقة وألم: «نعيش في حالة قاسية جداً، أولادنا بحاجة للطعام، ولكنّ لا نملك أي شيء، خاصة في مخيمنا»، مؤكدة أنها سجلت أسماءهم على لائحة المساعدات لكن الرد يأتيه بالقول: «نحن لسنا مسؤولين عنكم»، على حين اختصرت فاتن الخلاوي الحال في مخيّم «برّ إلياس» بقولها: «الشتاء بارد جداً هنا ووضعنا سيِّئ، ولاسيما أنّنا نعيش في الخيام».
بدورها، قالت الناطقة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد، في تصريح نقلته «الأناضول»: إن «المفوضيّة تعمل جاهدة مع جميع الشركاء والجهات المانحة لضمان حصول الأسر المحتاجة على الدعم الذي تحتاج إليه لتخطي هذه الأوقات العصيبة».
وأضافت: «نظراً إلى التمويل المتاح للمساعدات الإنسانية، لا يمكننا الوصول إلا إلى 31 بالمئة من العدد الإجمالي لعائلات اللاجئين السوريين عبر برنامج الدعم النقدي المتعدد الأغراض والدعم الغذائي الشهري، وإلى 17 بالمئة آخرين عبر برنامج المساعدات الغذائية».
وتابعت: «حاولنا توسيع نطاق شبكة الأمان قدر الإمكان هذا العام للوصول إلى المزيد من العائلات، غير أن ذلك لا يزال غير كافٍ إلى حد كبير».
وعن نسبة اللاجئين الذين يعيشون تحت خط الفقر، أكدت أبو خالد أن «88 بالمئة من اللاجئين السوريين في لبنان يعيشون اليوم تحت خط الفقر المدقع، الأمر الذي شكّل ارتفاعاً مقارنة بنسبة العام الماضي البالغة 55 بالمئة».
ويتعرّض لاجئون سوريون لانتهاكات مختلفة في لبنان تصل إلى حدّ العنصريّة، حيث كان آخرها إقدام عدد من الأشخاص ليل الجمعة الماضي، على إحراق مخيم للمهجرين السوريين في قضاء «المنية» بشمال لبنان، أدى إلى تشريد مئات اللاجئين ووقوع أضرار مادية كبيرة.
وأعربت دمشق على لسان مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين، عن الأسف الشديد للحريق الذي تعرض له المخيم الذي أدى إلى ترويع المقيمين فيه وحرمان عدد منهم من المأوى.
وقال المصدر: إن سورية تهيب بالقضاء اللبناني المختص والأجهزة اللبنانية المعنية تحمّل مسؤولياتها في معالجة هذا الحادث، وتأمين الحماية والرعاية للمهجرين السوريين.