الأخبار- راجانا حمية الخميس 14 كانون الثاني 2021
ثلاثون ألفاً وعشرون كان عدد الإصابات بفيروس كورونا الأسبوع الماضي. في أسبوعٍ واحد فقط، «حصّل» فيروس كورونا أرقاماً كان تحقيقها في البدايات يحتاج الى ثلاثة أشهر. هكذا، في فترة زمنية قياسية، انتقل الفيروس من نظام السيطرة ليصبح مغامرة غير محسوبة تضع البلاد في عين العاصفة.
في «الأسبوع الأسود» الذي تلى «احتفالات» الميلاد ورأس السنة، ازدادت المؤشرات الأساسية لتقييم مسار الفيروس خطورةً. فبعد الاستقرار، استعادت هذه المؤشرات زخمها، ليتضاءل معها منسوب الأمل بأي إمكانية للاحتواء. ويمكن اختصار تلك المؤشرات بأربعة، أولها عدد الوفيات ومؤشر الإماتة. فقد تخطى عدّاد الوفيات المعدلات الطبيعية منذ أسابيع، وإن كان لا بد من توضيح لما يعنيه هذا الأخير، فهو أنه دلالة واضحة على سرعة تفشي الفيروس. ولئن كان معدّل الإماتة، بحسب مصادر وزارة الصحة، «كويّس» مقارنة بدولٍ أخرى، إلا أن الوفيات خلال الفترة الأخيرة، والتي بلغت 120 الأسبوع الماضي و85 في الأيام الثلاثة الأولى من الأسبوع الجاري، نقلت مسار الفيروس إلى مكانٍ آخر، حيث «بات من الصعب إمكان السيطرة عليه في ظل التفشي الكبير»، على ما يقول رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي. وهذا الارتفاع نتيجة طبيعية لأعداد الإصابات التي يسجلها الفيروس يومياً، مع انتقاله إلى معدلات فاقت في الأيام الأخيرة أربعة آلاف إصابة. وأمس وحده، بلغ عدد الإصابات 4988، إضافة إلى 35 وفاة دفعة واحدة. أما بالنسبة إلى الفئة العمرية، فلا تزال النسبة الغالبة منها محصورة بكبار السن ومن يعانون من أمراضٍ مزمنة. وفي هذا الإطار، تشير مصادر وزارة الصحة إلى فئتين عمريتين إضافيتين للوفيات، وهي ما دون العشرين «ولكن كلها مرتبطة بأمراض مزمنة». أما الفئة العمرية بين 20 و50 عاماً، «فإضافة إلى أن معظم الوفيات ضمنها مرتبطة بتفاعل الفيروس مع الأمراض المزمنة التي يعاني منها المصابون، إلا أنه سجلت وفيات لأشخاص لم تكن لديهم أمراض مزمنة». ومع ذلك، تبقى «هذه الحالات نادرة الحدوث، ولم نتوصل إلى الآن للإجابة عن سؤال: لماذا توفي هؤلاء؟».
المؤشران الثاني والثالث يتعلقان بالأعداد المتزايدة للإصابات يومياً وبنسبة إيجابية الفحوص التي بلغت أول من أمس 17,1%، وهي نسبة عالية الخطورة. وما يزيد هذا الخطر هو الزيادة التي تشهدها يوماً بعد آخر، إذ إنه ما بين أول من أمس وأمس، ارتفعت هذه النسبة من 16,7% إلى 17,1%. وبحسب أحد الأطباء المتابعين لمسار الفيروس، فإن هذه النسبة «من أعلى النسب في العالم، وتعني أننا في مرحلة شديدة الخطورة». بالتفصيل، بالنسبة إلى الدول العربية، «يحتل لبنان المرتبة الأولى من حيث انتشار الفيروس وتفشّيه». ومقارنة بما يحصل على صعيد العالم، بات من السهل توصيف الواقع اللبناني، بالنظر إلى عدد الإصابات الجديدة ونسبتها إلى عدد الإصابات الكلي. فسلوك الفيروس في الفترة الأخيرة هذا المسار السريع يؤشر إلى أن البلاد باتت قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق نحو الخطر الذي لا عودة منه. وفي هذا الإطار، يشير الأخير إلى أن البلاد «لاحقة المنحنى السائد حالياً في المملكة المتحدة في سرعة التفشي»، و«المنحنى السائد في إيرلندا المصنفة كأسوأ دولة في سرعة التفشي». هكذا، بات للبنان نموذجه الخاص. لا حاجة بعد اليوم لسيناريوات قائمة للتشبه بها، إذ سيصبح للبلاد نموذج خاص بها، مع الجنون الذي ستشهده الأيام المقبلة نتيجة حملات التموين التي استمرت حتى يوم أمس. وفي انتظار الآلاف الجديدة التي ستضاف إلى عداد المصابين، يتخوف المتابعون للفيروس من مؤشر «الاستشفاء» الذي تتضاعف أرقامه يوماً بعد آخر، وقد وصلت حتى ليل أمس إلى 1651 حالة استشفاء، من بينها 627 في العناية الفائقة (176 منهم موصولون إلى أجهزة تنفس)، وهي «نسبة مهولة»، في رأي عراجي.
رابع المؤشرات هو ذاك الذي يتعلق بنسبة حدوث الفيروس محلياً، إذ تحلق اليوم تلك النسبة مع وصولها إلى 1014 لكل 100 ألف، بعدما كانت أول من أمس 974، وهذا يدلل «على سرعة الانتشار والتفشي».
أربعة مؤشرات ليست هي آخر المطاف، فثمة تفاصيل أخرى حملت البلاد خارج نطاق السيطرة. وفي هذا الإطار، يعوّل المعنيون اليوم على ما سيحمله الإقفال العام وحال الطوارئ التي تفرض بدءاً من اليوم ولأسبوعين قابلين للتمديد في حال لم تتحسن الأوضاع. وأمس، عقدت اللجنة الوطنية لإدارة الكوارث اجتماعاً لتفصيل آلية الاستحصال على التصاريح لكل من يريد الخروج والانتقال خلال فترة الإقفال العام، ووضعت آلية جديدة لأخذ الموافقة قبل الخروج من المنزل «لأسباب ضرورية عبر رسائل نصية ورابط إلكتروني سيوزع على المواطنين كافة، ابتداءً من صباح اليوم».