العميد علي مقصود | كاتب وباحث سوري في الشؤون العسكرية والإستراتيجية
في أعقاب إنتصار سورية العسكري وبدعم الحلفاء وتحقيق إنجازات إستراتيجية بتحرير حلب ومحيط العاصمة دمشق والبادية السورية والجنوب السوري وإنتقال الجيش اليمني واللجان الشعبية إلى الهجوم الإستراتيجي وإنقلاب المعادلات الإستراتيجية في الإقليم لصالح محور المقاومة التي أرست معادلات وموازين قوى لصالح هذا المحور الأمرالذي أنعكس على أمريكا وحلفائها هزيمة وتراجع في المكانة وخسارة كبيرة على أكثر من صعيد أدركت عندها السعودية والإمارات تحولات أمريكا وتراجعها مع خسارتهما الكبيرة في اليمن بعدحرب تجاوزت الستة سنوات فسارتا بإتجاه الإعتماد على قادة تل أبيب في محاولة لتشكيل تحالف قادر على الوقوف في وجه التحولات والمتغيرات الإقليمية وفي الوقت نفسه العودة إلى دمشق والإقرار بنظامها السياسي بشكل مباشر من قبل أبوظبي التي حزمت أمرها منذعام ٢٠١٨م وبدأت السعودية تتحرًى سبل العودة لمواجهة طهران وأنقرة من جهة؛ ومحاولة تقليل خسائرها في اليمن من جهة أخرى. وبإيجاد توافق مع طهران مازالت تتلمس حدوده وتدرك بأن الطريق لذلك الهدف يمر عبر دمشق وبقيت التحركات تلك مجمدًة بفعل سياسة ترامب التي صعًدت في عقوباتها وحصارها على دمشق إلى أن سقط في العودة إلى البيت الأبيض وإنهار معه كل مابناه على جبهة التطبيع مع إسرائيل لتأتي الأنتفاضة الفلسطينية في القدس وفلسطين ال١٩٤٨م ؛ وصواريخ المقاومة في غزًة لتستمل إنتصارات محور المقاومة وتهشًم نتنياهو عسكريًاُ وسياسياُ ماأتاح للإدارة الأمريكية التي تقودها أكبر كتلة يهودية في تاريخ الإدارات الأمريكية ممارسة الضغوط الهائلة على نتنياهو والعمل على إبعاده من المشهد السياسي الإسرائيلي رغم ماقد يترتب على ذلك من إمكانية الهروب نحو حرب إقليمية معروفة النتائج الكارثية على الكيان الصهيوني أوالذهاب نحوحرب أهلية تستعيد معها مرحلة إسحاق رابين واكثر من ذلك وليس أمام الكيان سوى الإنضباط والتقيد بحدود المحدًدله في المرحلة القادمة.
هذه الرؤيةالأمريكية المتجددة لقضايا المنطقة فضلاُ عن العمل عليها إلى كابوس للأطراف التي راهنت على إنتصارها في الحرب على سورية ولبنان والعراق واليمن وفلسطين بشكل أساسي ولتكون كل من تركيا وإسرائيل والسعودية والإمارات وقطر أكثر الدول خسارة وفقاُ للتصورالأقليمي الجديد المحتمل تشكله على التوافق وفقاُ لمعادلات القوة الجديدة مع إستمرار الإنكفاء الأمريكي وصعود قوى أسيوية دولياُ وإقليمياُ.
فوفقاُ للمصالح الأمريكية المستجدة في رؤيتها إلى منطقة غرب أسيا وضرورة أخراج إيران وسورية من مشروع الحزام والطريق الصيني، والمشروع الأوراسي فكان لابد من إتفاق مع إيران التي أثبتت قدرتها مع شركائها في سورية والعراق ولبنان وفلسطين واليمن على الصمود في وجه أعتى العواصف التي هبًت على المنطقة من هنا تأتي أهمية الرسائل التي تحملها زيارة وفدسعودي لدمشق ودعوة وزير السياحة السوري لزيارة الرياض وتلبيتها والتصريحات القطرية على لسان وزير خارجيتها وكذلك مصر بالترحيب بعودة سورية إلى الجامعة العربية وتصريح أردوغان الأخير في لندن بأنه مستمر في بذل قصارى الجهود لضمان مستقبل مشرق لسورية على قاعدة وحدة أراضيها ووحدتها السياسيةوهكذا نجد أن الموقف والمقاربة الأمريكية في رؤيتها للحل السياسي في دمشق يضمن لها دوراُ إنما يتم عبر إنفتاح حلفائها الإقليميين والعرب منهم بشكل خاص على سورية عمود خيمة المقاومة وبوابة إيران للسعودية وأمريكا ..